كتب طوني أبي نجم
تشهد طرابلس الأحد 29 أيار 2016 “أم المعارك” الانتخابية في الانتخابات البلدية التي شهدها ويشهدها لبنان. وتكتسب المعركة أبعاداً وطنية- سيادية وسياسية واجتماعية وإنمائية. ولعلّ المفارقة الأساسية في المشهد الطرابلسي يمكن في المواجهة بين طرفين:
ـ طرف الائتلاف الطرابلسي الذي جمع كل الأضداد في لائحة واحدة، ما ذكّر اللبنانيين بأيام الوصاية حين كان يُجمَع الأضداد على اختلافهم بلائحة واحدة، نيابية أو بلدية، بقرار من عنجر! وفي هذا الإطار يمكن طرح أكثر من سؤال، ومنها: ما الذي جمع الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي قبل أسبوعين من انتخابات طرابلس؟ وكيف تحوّل ميقاتي من خائن تحرّك الشارع ضدّه في “يوم الغضب”، يوم انقلب على قوى “14 آذار” التي تحالف معها في انتخابات الـ2009، وقبل بأن يكون رئيساً لحكومة “حزب الله”، الى حليف و(منكمّل بعض)؟ ميقاتي الذي نُصبت أمام منزله خيم الاعتصام الشهير بات اليوم حليف “تيار المستقبل” ورافعته في طرابلس!
والمضحك- المبكي في هذا الائتلاف أنه نجح في جمع “الأحباش” والجماعة الإسلامية في لائحة واحدة في سابقة بعد الانسحاب السوري قد لا تتكرّر. ولا بد من الإشارة في هذا السياق الى أن “الأحباش” متهمون بأنهم يشكلون خرقاً للنظام السوري و”حزب الله” داخل الشارع السني!
ـ في المقابل يقف اللواء أشرف ريفي وحيداً مع أهل طرابلس، وهو الباقي على ثوابت “14 آذار” ومواجهة “حزب الله” والنظام السوري. يتكتّل الجميع اليوم ضدّ أشرف ريفي لأنه ليس تابعاً لأحد، لأنه منسجم مع مبادئه، لأنه لم يقبل بأي مساومة، لأنه لم يرضَ بسليمان فرنجية رئيساً وأصرّ على رئيس من صلب “14 آذار” أو على الأقل رئيس حيادي، لأنه لم يعرف أن يحني رأسه وبقي منسجماً مع أهل طرابلس وأبنائها. عيّبوا على أشرف ريفي أنه لم يتبع لزعيم وأصرّ على المواقف لا المناصب. هكذا بات أشرف ريفي “مزعجاً” لكل الأطراف السياسية في طرابلس. وحدهم أهل طرابلس وشبابها وشيوخها وأطفالها يفهمون أشرف ريفي، ويجدون أنفسهم ممثلين في مواقفه وصلابته وتواضعه، ووجوده الدائم بينهم ومعهم!
لكن المعركة في طرابلس ليست حصراً سياسية. فالجانب الإنمائي والاجتماعي في المدينة الأكثر فقراً على حوض البحر الأبيض المتوسط ليس تفصيلاً على الإطلاق. والمفارقة أن لائحة الائتلاف تحاول إعادة استنساخ تجربة الانتخابات البلدية في العام 2010 عبر إعادة إنتاج مجلس بلدي هجين في تركيبته ليفشل في أول محطة. وأهل طرابلس يعرفون أن المجلس البلدي المنتهية ولايته لم يقدّم أي إنجاز لطرابلس وأهلها الذين باتوا يرافقون النازحين السوريين في محاولات الهرب عبر البحر الى بلاد الله الواسعة!
ولا ينسى الطرابلسيون أن لائحة الائتلاف تضم أطراف الحكومة السابقة التي كان رئيسها نجيب ميقاتي و4 وزراء من طرابلس هم محمد الصفدي وفيصل كرامي وأحمد كرامي ونقولا نحاس، هؤلاء الذين فشلوا في تقديم أي إنجاز لطرابلس وهم بقيوا 3 سنين في الحكومة وليس في مجلس بلدي!
في الخلاصة، صحيح أن المطلوب في 29 أيار هو رأس أشرف ريفي للانتهاء من هذا اللواء “المزعج” للطبقة السياسية في طرابلس، هذه الطبقة التي لو تستثمر 10% من ثروتها في مشاريع في طرابلس لتحولّت عاصمة الشمال الى لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط. لكن المطلوب أيضاً هو أن يبقى أهل طرابلس تحت خط الفقر، ليبقوا مرتهنين لهذه الطبقة السياسية التي لا تتذكرهم إلا عشية كل انتخابات في محاولة لشراء أصواتهم!
لكن كل الإيمان أن أهل طرابلس يشبهون أشرف ريفي، ثابتون على المبادئ، لن يقبلوا بالاستسلام وسيفاجئون الجميع في 29 أيار!