Site icon IMLebanon

هواجس إلغاء دعم القمح تواكب موسم الحصاد

wheatharvestleb
لوسي بارسخيان

بالقلق ذاته الذي يرافق معظم المواسم الزراعية، يستقبل مزارعو البقاع موسم حصاد القمح لهذه السنة، حيث لم يضع مجلس الوزراء حتى الآن خطة دعم الإنتاج وتسلمه من المزارعين على جداول أعماله، ما يغذي هواجس المزارعين من “نيات مبيتة” تسعى إلى رفع الدعم عن القطاع، بعدما امتنعت السلطات الرسمية عن تسلم محصول العام الماضي، واكتفت بتعويض المزارعين بمبلغ 175 ألف ليرة عن كل دونم، على أن يتولى المزارع بنفسه تصريف إنتاجه.

ما يعزز هواجس المزارعين، هو تأخر الدولة هذا العام في إرسال مساحيها إلى الأراضي المزروعة بالقمح والشعير، بعدما كانت قد أجلت سداد مبالغ التعويض التي أقرتها عن الموسم الماضي، فتقاضاها المزارعون قبل أقل من شهر، وسط قلق عام من أن تكون هذه المبالغ “تعويض نهاية الخدمة” بالنسبة إليهم.

فمبلغ التعويض المقطوع بدلاً من الدعم تذكّر محمد الفرو رئيس “الاتحاد الوطني للفلاحين” بالتعويضات التي تقاضاها مزارعو الشمندر السكري منذ 15 سنة فكانت خاتمة خطة دعم الشمندر السكري حينها. من هنا، دعا الفرو إلى لم شمل المزارعين لاتخاذ خطوات استباقية تحذر الحكومة من أي تدبير مشابه بحق زراعة القمح، التي يصفها بـ”زراعة إستراتيجية ترتبط بالامن الغذائي للبنان، وتثبت أبناء الريف بقراهم”.

هذه الشكوك لدى الفرو، أكدها أحد مزارعي الشعير في بعلبك، إسماعيل الصلح، الذي أشار في حديث لـ”المدن” أن الحكومة “ستتذرع بعدم توفر المستودعات المطابقة للشروط الصحية بعد الضجة التي اثيرت قبل فترة حول المستودعات التي كانت تستخدم سابقاً، سواء في تل عمارة أو في معمل السكر في مجدل عنجر، لتمتنع عن استلام القمح مرة جديدة من المزارعين”.

أمر لا يستبعده مزارع القمح في سهل عميق، بهجت حاراتي، الذي استغرب في حديث لـ”المدن” كيف أن “الدولة استنفرت كل أجهزتها بعد الضجة التي اثيرت في مرفأ بيروت حول كميات القمح المسرطن المستوردة، لتعقد مناقصات لا تخلو من السمسرات، من أجل تحسين شروط الاستيراد والتخزين في المرفأ، ولم يفكر أحد في الإجراء الأقل كلفة والأكثر إرتباطاً بأمن لبنان الغذائي على المدى الطويل، وهو تشجيع زراعة القمح الوطني وتوسيع مساحاته”.

بالنسبة إلى حاراتي فإن ذريعة إفتقاد المستودعات المؤاتية مردودة على الحكومة، “لأن مستودعات تل عمارة جاهزة، وهي كانت تستقبل القمح لسنوات طويلة، وكل ما تحتاج إليه هو عملية تأهيل بسيطة، لا يُستبعد أن تكون مدرجة من ضمن الموازنات السنوية لإستلام القمح في الأعوام السابقة”.

تتوسع نقاشات المزارعين عند الحديث عن النيات المبيتة لدى الحكومات المتعاقبة للتنصل من موضوع دعم القمح والشعير في البقاع، إلى الحديث عن غياب خطط الدعم الحكومية العشرية أو حتى الخمسية التي تحافظ على الإستقرار المالي للمزارع، إسوة بما يعمل به بالنسبة إلى زراعة الدخان في الجنوب.

فيتحدث المزارعون عن “المطالب المزمنة بإنشاء المجمعات الرسمية لتخزين القمح، بدلا من تكبدهم كلفته الإضافية كل سنة، وإضطرار البعض إلى بيع إنتاجه إلى التجار بأسعار أقل من كلفة الدعم المحدد من أجل سداد سندات المصارف أو المرابين، أو خوفاً من أن يتلف الموسم تحت المطر، ما يجعل الأرباح تتسرب فعلياً إلى جيوب التجار بدلاً من أن يستفيد منها المزارعون في تحسين مستوى معيشتهم، وذلك بتواطؤ من السلطات الرسمية التي تعمد سنويا إلى تأخير إقرار الدعم”.

يضيف الحاراتي: “حتى عندما استبدل الدعم وإستلام المحصول بتعويض 175 ألف ليرة للدونم، فإن الحكومة أخرت سداده للمزارعين إلى حين صدور ملحق جديد بأسماء مستفيدين من خارج الجدول المحدد سابقاً، تبين أنه ضم اسماء مزارعين وهميين بعضهم لم يزرع القمح في الأساس”.

لا يريد مزارعو البقاع مع بداية ارتداء سهلهم الثوب الذهبي، أن يواجهوا الواقع نفسه هذا العام، أو ما هو أسوأ منه. فبالنسبة إليهم الدعم، وحتى لو شابته العوائق وبعض الملاحظات، يبقى بمثابة “القجة” التي تؤمن للمزارع وفراً “استراتيجيا” يسمح بسداد المستحقات ريثما يبدأ تصريف مواسم البقاع الأخرى.

من هنا كان الاجتماع الزراعي الذي عقد الثلاثاء 24 أيار/ مايو في مقر اتحاد الفلاحين في البقاع، لتدارس الإجراءات الإستباقية لأي خطة حكومية بإلغاء الدعم. وإذ أعرب المجتمعون عن رفضهم المس بحقوق المزارعين بالزراعات المدعومة، طالبوا أولا بالبدء فوراً بعملية مسح المساحات المزروعة بالقمح كبادرة تثبت حسن نية الحكومة تجاه القطاع أولا، على أن يواكب ذلك بصدور قرار رسمي وواضح يبقي على التسعيرة التشجيعية لكيلو القمح، بما يتلاءم مع الكلفة الإنتاجية، أي 590 ليرة للكيلو، خصوصاً أن الموسم اقترب من الحصاد. وفي حال العكس، لوح المجتمعون بخطوات تصعيدية “لن تسمح بإجراءات تقشقية على حساب أمن المزارع الاجتماعي وأمن لبنان الغذائي”.