مرشد النايف
فرضت الحرب السورية قانونها على القطاع السياحي، وضغطت على التدفقات السياحية لتتراجع من 4.8 مليون سائح في 2010 إلى 650 ألفاً في العام الماضي. وفق ما تبيّنه أرقام وزارة السياحة السورية.
التراجع الحاد في إيرادات السياحة والجمود المتواصل في القطاع دفع بحكومة الأسد، للمرة الأولى منذ خمس سنوات، إلى إطلاق “ملتقى المشاريع السياحية الخاصة” في اللاذقية، يوم الجمعة 20 أيار/ مايو، بهدف “إعادة إطلاق تنفيذ المشاريع السياحية المتوقفة والمتعثر تنفيذها لأسباب تمويلية من أصحابها أو الجهات المصرفية المختلفة”، بحسب ما قالته صحف النظام يومها، وتحديداً صحيفة “البعث”.
ويندرج الملتقى- المعرض ضمن خطة وزارة السياحة لجذب تدفقات رأسمالية من شركاء محليين سواء أكانوا اتحادات أو نقابات “لتشجيع الاستثمار السياحي وبناء شراكات جديدة لتمويل مشاريع سياحية متنوعة”، وفق مدير سياحة اللاذقية وائل منصور. وتسعى الوزارة إلى ضخ جرعات تحفيزية في القطاع من خلال إصدار عدد من المراسيم لجدولة القروض ومنح الإعفاءات عن التأخر في السداد. فقد بلغ عدد القروض السياحية المتعثرة في المصارف العامة 166 قرضاً، وعدد المتعاملين المتعثرين بلغ 134 مستثمراً، حتى أيار 2015، وفق ما صرّح به وزير السياحة بشر يازجي لصحف محلية.
هذه الصورة المتفائلة لإستنهاض القطاع السياحي، توقفت بسبب شح السيولة، وتوقف بعض المؤسسات عن متابعة الاعمال الانشائية بعدما وصل التنفيذ إلى نسبة 80%. وتوزعت المشاريع التي يراد متابعة إنجازها على ست محافظات، هي ريف دمشق، حمص، حماة، السويداء، طرطوس واللاذقية، من أصل 14 محافظة.
وتقول مصادر في وزارة السياحة لـ”المدن” إن الهدف الرئيس للملتقى، كان “تحريض بعض الجهات السورية المحلية على ضخ أموال جديدة في عروق القطاع بعدما يبست فيها الدماء طيلة السنوات الخمس الماضية”.
ويكشف المصدر عن إنعدام الجدوى الإقتصادية من هذه المشاريع، “فالعائد الاستثماري منها يساوي صفر، بسبب توقف عجلة السياحة الداخلية منذ خمس سنوات، ناهيك بتوقف الحركة السياحية الأجنبية”.
ويلفت المصدر إلى أن “الأمن النسبي الذي تتمتع به منطقة السيدة زينب جنوبي دمشق تشكل إغراءً مؤقتاً لأصحاب الرساميل لدخول السوق، لكنها تبقى إغراءات مؤقتة، طالما أن المشهد السياسي بقي غائماً، وغير واضح المعالم مستقبلاً”.
إلى ذلك، تعاني المشاريع السياحية السورية حالة ضمور لتردي الوضع الأمني، ما دفع وزير السياحة بشر يازجي، إلى الإعلان في آذار الماضي إلى إمكانية “إيقاف إجراءات الملاحقة والتنفيذ بحق أصحاب قروض متعثرة في القطاع السياحي، تبلغ 12 مليار ليرة من أصل 20 مليار ليرة، إلى حين عودتها إلى العمل واستئناف عملية سداد قيمة القروض مع الفوائد المترتبة عليها”.
وشهدت سوق السياحة السورية دخول 87 منشأة سياحية جديدة العام الماضي، بلغت كلفتها الاستثمارية الإجمالية 4.5 مليارات ليرة (7 ملايين دولار)، وكذلك تم تأهيل 213 منشأة سياحية بما يزيد على 9 مليارات ليرة.
وتجدر الإشارة إلى أن قطاع السياحة السوري، ساهم في مكونات الناتج الإجمالي المحلي بنحو 14% في عام 2010 وفق بيانات الوزارة. وتكبد القطاع خسائر بلغت 330 مليار ليرة، وفق تقديرات وزير السياحة، في حين يقدرها الخبير السياحي غسان شاهين بنحو400 مليار ليرة. وتنقل الصحف السورية عن يازجي تصريحات متواترة عن فقدان ربع مليون عامل وظائفهم في القطاع.
وكانت وكالة “مهر” الإيرانية قد نقلت عن اليازجي أن عدد المنشآت المتضررة بلغ 318 فندقاً ومنشأة مبيت سياحي، و976 منشأة إطعام وترفيه. وبلغ عدد المنشآت التي دمّرت بشكل كامل أو جزئي أو أصابتها الأضرار المباشرة 424 منشأة سياحية.
وبذلك، يكون النظام قد حاول تنشيط القطاع عبر ملتقى وإجراءات، يعلم مسبقاً أنها لن تفي الغرض، لأن الأزمة أزمة تدمير ممنهج للقطاعات، والتي يساهم فيها النظام بكل فعالية.