حيدر الحسيني
الآلية المعقدة لكيفية تعاطي المصارف مع القوانين والتشريعات الأميركية الخاصة بالتعامل مع تمويل «حزب الله»، أصبحت أكثر جلاءً بإصدار هيئة التحقيق الخاصة أمس إعلاماً توضيحياً لمضامين التعميم 137 الصادر عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، بعدما كان التعميم محط إشكال كبير مع الحزب في الآونة الأخيرة، وانسحب تبايناً لافتاً وغير مسبوق في وجهات النظر بين السلطة النقدية والمصارف.
إعلام الهيئة استبقه رئيسها الحاكم رياض سلامه باجتماع «طارئ» عقده الثلاثاء مع مجلس إدارة جمعية المصارف، أفضى إلى تقارب بين الطرفين وإلى توافق على الآلية التي نوقشت تفصيلاً بمشاركة فاعلة من أمين سر الهيئة عبدالحفيظ منصور، ثم إلى إصدار الهيئة إعلامها أمس، تزامناً مع زيارة قام بها مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون الارهاب دانيال غلايزر إلى بيروت، والتقى، يرافقه القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة في بيروت ريشارد جونز وعدد من المساعدين، وزير المالية علي حسن خليل.
البحث مع وزير المالية تركز، وفق بيان صادر عن المكتب الاعلامي للوزارة، على موضوع قانون العقوبات الأميركية وآليات تطبيقه والتداعيات التي سيرتبها، حيث برز تأكيد الوزير خليل لزواره أهمية الحفاظ على القطاع المصرفي كأحد أعمدة الاستقرار. وشملت جولة غلايزر كلاً من الحاكم سلامه والرئيسين نبيه بري وتمام سلام وجمعية المصارف، علماً أن سلام بحث قبل يومين مع خليل وسلامه في التدابير المتعلقة بالقانون الأميركي.
الاجتماع الطارئ بين سلامه والمصارف جاء في سياق تطبيق القانون الأميركي الرقم 114 102 الصادر في 18 كانون الأول المنصرم وإجراءاته التطبيقية الصادرة منتصف نيسان الماضي، حيث ذكر الحاكم بتعميم «المركزي« الرقم 137 الذي ألزم المصارف تطبيق القانون المذكور من جهة وإعلام مصرف لبنان بمبررات إقفال اي حساب بموجبه من جهة ثانية.
ولما كان لا يحق لمصرف لبنان الاطلاع على حسابات العملاء، أبلغ سلامه المصارف أن هيئة التحقيق الخاصة ستتولى وضع الآليات التنفيذية في ما خص الحسابات الدائنة، بعدما أصدرت لجنة الرقابة على المصارف مذكرة بالنسبة للحسابات المدينة، متمنياً على المصارف التجاوب مع هذه الآلية.
أمين سر الهيئة عبدالحفيظ منصور أوضح للمشاركين في الاجتماع أبرز مضامين الإعلام، وخلاصتها أنه عند الاشتباه، يبلغ المصرف الهيئة بقراره إقفال الحساب مرفقاً بحركة الحساب المعني وبالأسباب. وبعد انقضاء 30 يوماً (قابلة للتمديد 30 يوماً) يبقى خلالها الحساب يعمل بشكل عادي، وفي حال عدم الإجابة يحق للمصرف إقفال الحساب.
كما ستكون هناك لائحة معايير يستند اليها المصرف لإقفال الحساب والتبرير تضعها الهيئة، على أن يصار إلى تطويرها بالتعاون مع المصارف. أما الأسماء (اشخاص، مؤسسات، منظمات) المدرجة (SDN) على لائحة المكتب الأميركي لإدارة الأصول الخارجية (OFAC)، فتوقف فوراً ولا علاقة لها بالآلية المذكورة، حسبما أوضح منصور.
رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، رأى بدوره أن الموضوع دقيق وأن الحاكم يتحمل مسؤولية عن كل المصارف، وأن الرجوع الى الهيئة يغطي المصرف المعني، مذكراً بالعلاقة مع المصارف المراسلة التي لديها معلوماتها أو أسبابها، والتي لا تعلنها بالضرورة، وغالباً ما توجه أسئلة الى المصارف. وبغض النظر عن هذه الدقائق، قال طربيه «إننا كقطاع مصرفي ملتزمون بالقانون الاميركي وبتطبيق العقوبات. وهذا موقف مبدئي ومعلن».
ورأى الحاكم من جهته أن الالتزام، كما جاء في التعميم 137 بالقانون هو خارج اطار البحث. والنقاش يدور فقط حول الآلية وضرورة ان يكون التطبيق عادلاً من خلال مؤشرات منها حركة الحساب، مدى أهميتها (Significant)، وهي مدرجة في القانون والتشريعات الأميركية ذاتها.
أما بالنسبة للمصارف المراسلة، أضاف الحاكم أن قرارها عدم التعامل يقوم على قاعدة الحد من المخاطر (De Resking)، والعديد منها يعيد النظر بعدد المصارف التي يتعامل معها، وبمدى توفر موارد ادارة المخاطر لديها. ومن الضروري السعي للتعامل مع أكثر من مراسل. كما أكد مجدداً ضرورة القيام بزيارات متكررة الى المصارف المراسلة واللقاء مع مسؤولي التحقيق لديها.
ودار في نهاية الاجتماع نقاش حول الزبائن الذين يقفلون حساباتهم بإراداتهم. وبرأي الحاكم، لا حاجة للتبليغ، وعندما يتم الاقفال بالتراضي بين الزبون والمصرف في سياق تطبيق القانون الاميركي، يصار الى ابلاغ الهيئة حتى يكون لديها قاعدة معلومات. واتضح من النقاش ان العميل بعد الاقفال يمكن ان يأخذ رصيد حسابه على شكل شيك أو نقداً حسب رغبته، أو من خلال شيك مصرفي، وهي الوسيلة الأفضل.
الإعلام التوضيحي
الإعلام الصادر عن هيئة التحقيق والذي حمل الرقم 20 والموجه إلى المصارف والمؤسسات المالية وسائر المؤسسات الملزمة بالإبلاغ، نص على الاتي: «بناءً على أحكام القانون رقم 44 تاريخ 24/11/2015 المتعلق بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب لا سيما كل من المادة الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثالثة عشرة منه،
وبناءً على احكام البند (3) من المقطع «أولاً» من المادة 12 من القرار الاساسي الصادر عن مصرف لبنان رقم 7818 تاريخ 18/5/2001 وتعديلاته المرفق بتعميم مصرف لبنان الاساسي رقم 83 والمتعلق بنظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الإرهاب،
وتوضيحاً وتطبيقاً لأحكام البند «ثانياً» من المادة الاولى من القرار الاساسي الصادر عن مصرف لبنان رقم 12253 تاريخ 3/5/2016 المرفق بتعميم مصرف لبنان الاساسي رقم 137 والمتعلق بأصول التعامل مع القانون الاميركي الصادر بتاريخ 18/12/2015 ومع أنظمته التطبيقية حول منع ولوج «حزب الله» الى المؤسسات المالية الاجنبية وغيرها من المؤسسات،
وتداركاً لحصول أي إجراء أو تدبير تعسفي من شأنه الإضرار بمصالح المودِعين والعملاء لا سيما عند إقفال حساب اي منهم او الامتناع عن فتح حسابات لهم، او عدم التعامل معهم، كل ذلك بصورة غير مبررة او بحجة تفادي التعرض للمخاطر (De risking)،
وضمن إطار الجهود المبذولة من قبل مصرف لبنان لتعزيز الشمول المالي Financial Inclusion وحفاظاً على المصلحة الوطنية العليا،
وبناءً على قرار هيئة التحقيق الخاصة المتخذ في جلستها المنعقدة بتاريخ 26/5/2016،
يقرر ما يأتي:
المادة الاولى:
أولاً: يُطلب من المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية وسائر المؤسسات الملزمة بالإبلاغ، عدم اتخاذ أي تدابير لجهة إقفال أي حساب عائد لأحد عملائها أو الإمتناع عن التعامل معه أو عن فتح أي حساب له قبل مرور ثلاثين يوماً على إبلاغ «هيئة التحقيق الخاصة«، وعلى أن يتضمن هذا التبليغ توضيحاً للأسباب الموجبة التي تبرر اتخاذ هذه الإجراءات والتدابير (معلومات متعلقة بالعميل KYC ، حركة أو وتيرة أو حجم الحساب،…).
ثانياً: في حال لم يردْ أي جواب من «هيئة التحقيق الخاصة» خلال المهلة المذكورة أعلاه، يعود للمصارف وللمؤسسات المعنية اتخاذ الإجراءات المناسبة بهذا الخصوص.
ثالثاً: لا تطبق هذه الإجراءات في ما خص الحسابات العائدة لأشخاص أو مؤسسات مُدرجة أسماؤهم على أي من اللوائح المصدرة المتعلقة بتطبيق القانون الاميركي الصادر بتاريخ 18/12/2015 والمنوه عنه أعلاه.
المادة الثانية: يتعرض كل من يخالف أحكام هذا الإعلام للملاحقة أمام «الهيئة المصرفية العليا«.
المادة الثالثة: يُنشر هذا الإعلام في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من 3/5/2016.