ذكرت الوكالة “المركزية” ان مخاوف جدية على الوضع الاقتصادي اللبناني ارتسمت في الافق الداخلي والخارجي، للمرة الاولى، في ضوء استمرار حال الركود والاضطراب السياسي نتيجة الفراغ في سدة الرئاسة الاولى على مدى عامين، في وقت يواجه الاقتصاد تحديات كبيرة على اكثر من مستوى. وتزداد المخاوف من أن تلقي الاجراءات المتخذة بفعل القانون الاميركي في حق حزب الله، معطوفة على الكمّ الهائل من النازحين السوريين بظلالها على الوضع الاقتصادي وتجعله عرضة لانتكاسة كبيرة او في الحد الادنى لهزة قوية قد لا تكون نتائجها محمودة فيما لو طال أمد الفراغ والشلل المؤسساتي.
ويشير مصدر دبلوماسي غربي لـ”المركزية” الى ان اصداء القلق على الاقتصاد بلغت مسامع الدول الكبرى الساهرة على لبنان من الزاويتين الامنية والاقتصادية، لاسيما فرنسا التي سارعت الى عقد لقاءات مع بعض المسؤولين المعنيين مباشرة بالقطاع واجرت جولة محادثات مطولة ومعمّقة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعدما استعرضت الوضع مع الرئيس سعد الحريري ابان زيارته الاخيرة للاليزيه حيث قال على الاثر “ان الرئيس الفرنسي حريص جدا على انهاء الفراغ لان الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان وصل الى مراحل خطيرة للغاية، ففي العام الماضي وصل النمو الى الصفر وهو اليوم ما دون الصفر وهذا يؤثر على اللبنانيين.” ويعتبر المصدر ان حاكم مصرف لبنان الذي يؤكد متانة الوضع المالي قدم للجانب الفرنسي تطمينات ازاء استمرار الامساك به، بيد ان بقاء الاوضاع السياسية والاجتماعية والامنية على حالها من دون معالجات جذرية سيرتب حتما نتائج سلبية.
وازاء تعاظم المخاوف، يقول المصدر ان الولايات المتحدة الاميركية ستتحرك على محور المساعدة في ملف تحمل وزر اللاجئين السوريين حيث قرر الرئيس باراك اوباما استضافة قمة عن اللاجئين في الجمعية العمومية الأخيرة له في ايلول المقبل للنظر في كيفية حل عبء العناية باللاجئين خصوصا في لبنان والاردن وتركيا وإعادة توزيعهم بطريقة منصفة عبر العالم، وهذا الاجراء ان تم، من شأنه ان يريح الاقتصاد اللبناني بنسبة عالية ويعيد اليه بعضا من حيويته المفقودة. اما بيت القصيد، يضيف المصدر، فيتمثل بجمع الجهود الاميركية والروسية والفرنسية في بوتقة واحدة والضغط على ايران لفك أسر رئاسة لبنان، السبب الجوهري في كل الازمات من جهة وتحريك قنوات الاتصال مع المملكة العربية السعودية لحملها على القبول باشراك الجمهورية الاسلامية في مجموعة الدعم الدولية لمساعدة لبنان ومجموعة اصدقاء سوريا بما يقلّص حجم نفوذها السلبي ويتيح المجال امام انطلاق التسويات، ويعلق المصدر في هذا المجال اهمية خاصة على الدور الروسي نسبة لعلاقات موسكو الجيدة مع طهران على رغم التباين في بعض المواقف والكفيلة بحملها على تقديم تنازلات مطلوبة بالحاح في هذه المرحلة وضرورية لصيانة الوضع اللبناني ومنع انهياره.
اما على الخط السعودي، فيوضح المصدر ان فرنسا التي استشعرت مدى خطورة ما بلغه الوضع الاقتصادي الذي لامس حافة الهاوية فتجري اتصالات مع السعودية لاقناعها بالعودة الى دورها التاريخي في حماية لبنان سياسيا واقتصاديا وماليا وعدم انكفائها عن ساحته خشية ان تملأ الفراغ جهات اخرى لا تكترث لمصيره، وتوظفه ورقة في بازار مصالحها الاقليمية، ولا يستبعد ان يكون العشاء الجامع الذي اقامه السفير علي عواض عسيري نتاج هذه الاتصالات وخطوة اولى للعودة السعودية الفاعلة لبنانيا.