«سوليدير» تخسر. إطفاء الخسارة يعوّضه صرف العمال والموظفين بمقدار… النصف. المرحلة الثانية من خطّة «الطرد» التي بدأت الشهر الماضي بصرف نحو مئة من عمال شركة «هوك» للخدمات الأمنية، ستطال موظفين في ملاك الشركة، ومن جميع الفئات. عملية «التشحيل» التي استؤنفت أخيراً طالت حوالي 20 موظفاً، فيما وُضع نحو 120 آخرين «على السكة». والهدف، بحسب مصادر في الشركة، «صرف حوالى 500 موظف»
ميسم رزق
ماذا يحصل في شركة «سوليدير»؟
في 10 أيار الماضي، نشرت الشركة نتائجها المالية لعام 2015، معلنة عن خسارة إجمالية بقيمة 118.9 مليون دولار.
بيان الشركة ربط الخسارة بـ«إحجام المستثمرين بشكل عام عن شراء العقارات خلال 2015، وإلغاء عقدين من عقود بيع الأراضي المحققة في السنوات السابقة، بعد تخلّف المستثمرين عن سداد أقساطهم المستحقّة تعاقدياً وعدم التوافق على إعادة جدولتها، ما اضطرّ الشركة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة». لم يُشر البيان إلى طبيعة هذه الإجراءات، بل ذهب إلى تلميع الصورة فوراً، إذ أشار إلى أن الشركة «شهدت في النصف الأول من العام 2016 انفراجاً ملحوظاً في بيع الأراضي، ويستمرّ التفاوض على عدد آخر من العقود حيث من المتوقّع أن لا يقلّ مجموع البيوعات للعام 2016 عن حوالى 200 مليون دولار، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على النتائج التشغيلية وبالتالي تحقيق أرباح في العام 2016». وزعمت الشركة في بيانها المذكور أنها «لا تزال تحافظ على مقوّمات مالية متمثّلة بحجم وقيمة موجوداتها ومديونية منخفضة نسبياً». لكن على الرغم من ذلك، بدأت الشركة بتنفيذ خطتها لصرف عدد كبير من موظّفيها وموظفاتها، سواء من العاملين في ملاكاتها أو عبر العقود من الباطن في الشركات الاخرى الملزمة بتنفيذ مهمات ووظائف معينة.
في نيسان الماضي، قررت إدارة «سوليدير»، عبر مديرها العام منير الدويدي والمسؤولة الإدارية خديجة سنّو، بتوجيه من رئيس مجلس إدارتها ناصر الشمّاع، عدم تجديد العقد مع شركة «هوك» للخدمات الأمنية، فوجد حوالى مئة من العاملين لدى هذه الشركة أنفسهم في الشارع. ولم يكن هؤلاء سوى الدفعة الأولى من العاملين الذين قررت “سوليدير” طردهم من العمل، إذ علمت «الأخبار» أن المرحلة الثانية من خطّة “الطرد” ستطال موظفين في ملاكاتها المباشرة من جميع الفئات.
قبل أسبوع، تبلّغ حوالى 20 شخصاً (مهندسون وفنيون وإداريون) قرار فصلهم من العمل. وبحسب الوقائع المتداولة بين الموظفين، فإن الشركة تنوي صرف نحو 120 موظفاً آخر من العمل. وقالت مصادر من داخل الشركة إن «الهدف هو تخفيض عدد العاملين تدريجياً إلى النصف تقريباً، أي صرف حوالى 500 موظف من عمّال الصيانة والمهندسين وقسم الدعاية والتسويق الذي يرأسه ماهر النقيب».
بحسب المصادر، تدّعي إدارة “سوليدير” أن سياسة الصرف الجماعي من العمل تقرّرت بناءً على «تعليمات» المدققين الماليين، الذين أوصوا الشركة بخفض التكاليف التشغيلية بقيمة خمسة ملايين دولار سنوياً بهدف الحد من الخسائر، وقد فضّلت «سوليدير» أن توفّرها من «حصّة» الموارد البشرية. وعلى ذمّة العاملين «تقاضى العمال تعويضاتهم بحسب النصوص القانونية»، لكن المفاجأة كانت في «الاستغناء عن عمل بعض الكوادر العليا القريبين من الشماع، والذين يتقاضون رواتب خيالية، ما يحتّم على الشركة دفع تعويضات كبيرة»، كما حصل مع «نايلة بو عزيز ومحمد الحريري، وهو قريب الرئيس سعد الحريري»، إذ تؤكّد مصادر الشركة أن «تعويض الأخير بلغ حوالى 300 ألف دولار». على ضوء هذه التطورات، عاد الصوت ليرتفع داخل الشركة على لسان العمال «غير المطرودين»، الذين يشعرون أنهم في خطر، ويتساءلون عن سبب اللجوء إلى سياسة الطرد بدل التخفيف من نفقات الإدارة العليا التي تذهب لصالح منافع شخصية وصفقات غير معروفة ومستلزمات إدارية؟ إذ لا تشكل الرواتب التي تدفعها الشركة للموظفين شهرياً أكثر من 30 في المئة فقط من الكلفة الادارية.
على أي حال، ناقضت “سوليدير” نفسها. ففي خاتمة بيانها قبل أسبوعين، قالت إن «الخسارة في 2015 هي نتيجة استثنائية بسبب عقدي البيع الملغيين». فإذا كانت الخسارة “استثنائية”، فلماذا تعمد الى صرف الموظفين؟ ولماذا أوصى المدققون بتخفيض الكلفة التشغيلية؟ بحسب المعلومات المتداولة بين الموظفين، فإن عقدي البيع الملغيين كانا بقيمة نحو 80 مليون دولار، إلا أن الشاريين، وهما شركة إماراتية ومستثمر لبناني، لم يسددا سوى 10 في المئة من قيمة البيع للعقارين. وتقول مصادر في الشركة إن «العقدين الملغيين لم يكونا في الواقع إلا عقدَي وعد بالبيع، يعطيان للشاريين الحق بالتراجع عن شراء العقار». ولم يكن يفترض بالشركة أن تدخل قيمة هذين العقارين في حساباتها ما دامت الصفقتان غير منجزتين بعد. لكنها عوضاً عن ذلك، استغلت الموضوع واستثمرته في سبيل تبرير سياساتها التعسفية تجاه موظفيها. من جهة أخرى، تنتظر إدارة سوليدير مديراً جديداً سيحل مكان جمال عيتاني الذي قرر رئيس تيار المستقبل سعد الحريري أن يتبنّاه لرئاسة بلدية بيروت. فقد شغل جمال منصب مدير مسؤول إلى جانب الدويدي قبل أن يترشّح إلى البلدية. وقد علمت «الأخبار» أن خلف عيتاني هو حيدر الحسن، ابن عمّ اللواء وسام الحسن!