Site icon IMLebanon

الجولة البلدية الأخيرة… رياح شمالية ساخنة

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يطوي لبنان غداً من الشمال صفحة الانتخابات البلدية والاختيارية التي امتدّت على أربع جولات شهدت “تطاحُناً” سياسياً أطلّ على “عناوين الساعة”، ولا سيما الاستحقاق الرئاسي المتأخّر عن موعده الدستوري لأكثر من عامين، والانتخابات النيابية المؤجّلة حتى ربيع 2017.

ويتركز المشهد الانتخابي في الشمال على مجموعة من “المعارك” ذات الدلالات السياسية، ولا سيما طرابلس حيث تواجه اللائحة الائتلافية المدعومة من الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي وغالبية الفاعليات السياسية في المدينة، لائحة مكتملة يؤيدها وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي ولائحتان غير مكتملتين الأولى يترأسها النائب السابق مصباح الاحدب والثانية من المجتمع المدني.

واذا كانت انتخابات طرابلس، وهي أحد أبرز مراكز الزعامة السنية في لبنان، يختزلها عنوان “تحديد الأحجام” ولا سيما بين الوزير ريفي و”تيار المستقبل” في ضوء الخلاف الذي انفجر بين الجانبيْن على خلفية ملفات عدة، فإن المنازلات الطاحنة المرتقبة في كلّ من تنورين (البترون) والقبيات (عكار) تحمل في طياتها دلالاتٍ مسيحية بامتياز ذات ارتدادات في جانبٍ منها على الانتخابات النيابية المقبلة.

وبهذا المعنى، وفيما يشكّل نزول تحالف “القوات اللبنانية” والعماد ميشال عون إلى أرض المعركة في تنورين بوجه اللائحة المدعومة من وزير الاتصالات بطرس حرب، إشارةً متقدّمة الى محاولة هذا الثنائي “اختبار” حجمهما الشعبي ورغبته في تحجيم حرب في مسقطه، تمهيداً لإسقاط ورقته في “نيابية 2017” لمصلحة صهر عون وزير الخارجية جبران باسيل (في قضاء البترون)، فإن لـ “موْقعة” القبيات بُعداً آخر يتّصل بالرغبة في توجيه رسالة من الثنائي المسيحي، الذي يخوض المواجهة بوجه لائحة مدعومة من النائب هادي حبيش (من كتلة الرئيس سعد الحريري) والنائب السابق مخايل الضاهر، الى الحريري مفادها ان نواب عكار المسيحيين (عددهم 3) في الاستحقاق النيابي المقبل يحدّدهم ركنا “تفاهم معراب”، في اشارة الى التحالف الذي وُلد بعد ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد عون الى رئاسة الجمهورية من مقرّ الاول (في معراب – كسروان).

وفيما تُسدل الستارة غداً على الانتخابات البلدية التي سُجل فيها نجاح السلطات المعنية ولا سيما وزارة الداخلية في إدارتها وتوفير الأمن لها، كان لافتاً استخدام هذا النجاح في محاولة توفير مخارج للأزمة الرئاسية تنطلق من إجراء انتخابات نيابية مبكّرة، وهو ما ارتكزت إليه مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري الذي وضع الأطراف السياسيين بين خيارين: فإما استحقاق نيابي قبل مواعيده على اساس قانون جديد او وفق القانون النافذ المعروف بـ “قانون الدوحة” او “الستين” مع التزام مسبق من كل القوى السياسية بأن يعقب هذه الانتخابات النزول الى البرلمان وعقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، وإما “دوحة لبنانية” تستحضر كل عناصر الأزمة، من الرئاسة الى قانون الانتخاب والحكومة والتوازنات في السلطة وغيرها، ويفضي التفاهم حولها الى انتخاب الرئيس اولاً.

وكان لافتاً بعد نحو عشرة ايام من طرح مبادرة بري، بروز ملامح “فرْملة” من خلال تطوريْن: الاول إثارة أوساط سياسية مطلعة مخاوف حيال اي قفز فوق الانتخابات الرئاسية باتجاه الاستحقاق النيابي اولاً ومن دون ضمانات خارجية ذات صدقية، لافتة الى ان اي تسرُّع في هذا السياق وإن من باب الحرص على إنهاء الشغور الرئاسي وما يرتّبه من مخاطر على كل المستويات، يمكن ان يدفع البلاد في اتجاه “الفراغ القاتل” بحال اي إخلال بالتزام انتخاب الرئيس مباشرة بعد الانتخابات النيابية ما سيعني بهذه الحال تكريس رئاسة البرلمان صاحبة الشرعية الدستورية الوحيدة في النظام، وتالياً تعزيز موقع “حزب الله” في الدفع نحو مؤتمر تأسيسي يعيد توزيع “كعكة السلطة”.

اما التطور الثاني، فهو تأجيل وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت زيارته التي كانت مقرَّرة امس لبيروت حتى 10 تموز المقبل، وهو التطور الذي عكس عدم نضوج اي افق اقليمي ودولي لفصل أزمة لبنان عن المسار المتفجّر في المنطقة، علماً ان باريس تواصل اتصالاتها مع كل من السعودية وايران في محاولة لتحقيق خرق في جدار هذه الأزمة وهي ستستقبل خلال الشهر المقبل كلاً من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير خارجية ايران محمد جواد ظريف.