كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
يبدو الوضع السوري بالنسبة إلى الأميركيين والروس صعباً، نظراً إلى استمرار القتال وخروقات وقف النار الكبيرة، في الوقت الذي تجرى محاولات لوضع الأمور على سكة الحل وتحديد خارطة طريق لتنفيذ القرار 2254.
وتفيد مصادر ديبلوماسية، أن هناك اتصالات شبه دائمة لا بل يومية بين وزير الخارجية الأميركية جون كيري، ونظيره الروسي سيرغي لافروف لمتابعة الموقف وإعادة الأطراف إلى طاولة الحل السياسي. لكن ليس من شك لدى الطرفين الدوليين أن القوى الإقليمية تحاول لعب دور ما لـ”الحرتقة” على التفاهم الأميركي الروسي حول تهدئة الوضع في سوريا، لا سيما إيران وتركيا، إنما إلى حد معين، لأنهما لا تستطيعان التوسع في الخروج عن إرادة الدولتين الكبيرتين كثيراً.
وتدرك واشنطن وموسكو أن التسوية السورية تحتاج إلى وقت. هناك استمرار للتدهور لا سيما أخيراً عمليات طرطوس ما زاد تأزيم الأمور وتفاقمها. هذا ما أدى إلى استبعاد حصول جولة جديدة من التفاوض السوري بحسب ما كان مقرراً. لكن الموفد الخاص لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا، لديه رغبة في أن تلتئم المفاوضات في أقرب فرصة حتى قبل بدء شهر رمضان الكريم أي قبل السادس من حزيران المقبل. إنه يبذل جهوداً كبيرة في هذا المجال، لكن الاحتمال ضئيل، وهو يقوم حالياً باتصالاته وزياراته في الدول المعنية بالحل السوري، للوقوف على رأي القوى المؤثرة بإمكان استئناف التفاوض، واستطلاع مدى وجود حظوظ لأن تنعقد جولة جديدة من التفاوض، وأن تحرز تقدماً ما، وذلك قبل الدعوة إليها. ولا يريد دي ميستورا الفشل للجولة المرتقبة، مثلما فشلت الجولة الأخيرة، وهو بالتالي يحتاج إلى ضمانات من الأطراف كافة بأن تحمل الجولة الجديدة نتائج. والمرجح أن تلتئم بعد انتهاء شهر رمضان مع أن مسؤولين في بعض الدول المعنية، ينقلون عنه قوله، أنه لا يمانع أن تنعقد المفاوضات خلال شهر رمضان من أجل معالجة الملف السوري، إنما يدرك الجميع أيضاً أن النشاطات الأساسية تتوقف في العالم الإسلامي خلال الشهر الفضيل.
روسيا، وفقاً للمصادر، موقفها واضح بحيث تتمسك بالنظام جزءاً من التسوية على أساس أن الانتخابات السنة المقبلة 2017 هي التي تحسم الموضوع وأن الشعب عندها يقول كلمته الأمر الذي يحدد مصير النظام ومدى استمراريته أم لا. وهذا يكون وفق القرار 2254 وعملية جنيف. الولايات المتحدة وروسيا متمسكتان بوحدة سوريا وعدم فدرلتها، إلا إذا اتفق السوريون من خلال التفاوض على عكس ذلك. وأي تفاهم سوري داخلي على مصير الأراضي السورية، لن تمانع به أي قوة دولية. التفاهم الأميركي الروسي الحالي يتناول فقط وقف الأعمال العدائية واستقرار الوضع السوري إلى حد ما، والرغبة في حفظ سوريا كدولة موحدة.
روسيا تختلف عن إيران في نظرتها للموضوع السوري. روسيا يهمها حفظ مصالحها وأي طرف سوري يتسلم السلطة، لاحقاً ستطلب منه حفظ هذه المصالح. وهي تعتبر أن دور النظام ينتهي في ظل الانتخابات، لكن إيران متمسكة بالرئيس السوري بشار الأسد حتى في مستقبل سوريا.
أي أن روسيا تريد من أي سلطة مستقبلية ضمانات لا سيما بالنسبة إلى المراكز الأمنية في الحكم الجديد والمسؤولين الأمنيين، حيث أن معظم التجهيزات والقوى البشرية كانت في إطار التدريب الروسي، وبالتالي أن تكون أي سلطة جديدة مؤمنة بعلاقات مميزة مع روسيا بصرف النظر عمن هو الرئيس وتوافر ذلك.
إيران مصرّة على الأسد نفسه وتعتبره ضمانة لمصالحها وامتداداً للدور الإيراني في الشرق الأوسط وهي لذلك لا تتخلى لا عن الأسد ولا عن “حزب الله” في لبنان.
الأميركيون والروس يعتبرون أنهم يضغطون لمعاودة التفاوض السوري كون ذلك يخفف الاحتقان ويبحث في إمكانات وضع الحل على السكة. الطرفان الدوليان لا يريدان أي تصعيد لأنهما منشغلان في انتخاباتهما. في أيلول هناك الانتخابات النيابية الروسية، وفي تشرين الثاني الانتخابات الرئاسية الأميركية، وليس من اهتمامات استثنائية ستطال الملف السوري من الآن وحتى تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة السلطة.