Site icon IMLebanon

الأسواق العالمية .. النفط والإسكان يعززان مشاعر التفاؤل

Stock-World-Fall-Fail-Crash
مايكل ماكينزي

أسبوع واحد يمكن أن يمثل بالتأكيد وقتا طويلا في الأسواق. بعد أداء باهت في معظم أيار (مايو)، تحسن المزاج العام بشكل عجيب بالنسبة للأسهم العالمية.

وفي الأسبوع الماضي، تحولت كثير من المعايير المرجعية في سوق الأسهم إلى إيجابية لهذا الشهر، ساخرة من قول المستثمر الأشيب المأثور “بِع في مايو وابتعد”. فما الذي تغير حقا في غضون أيام قليلة؟

الأسواق والمستثمرون غالبا ما يكونون عاطفيين للغاية وعرضة لتقلبات حادة ومثيرة للجنون في أفضل الأوقات. قبل أسبوع كان ارتفاع الدولار ومعه ارتفاع مؤشرات بأن الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة يركز على رفع تكاليف الاقتراض في وقت مبكر ربما يكون الشهر المقبل، يعكران صفو المستثمرين. الآن، وبفضل بعض بيانات الإسكان القوية في الولايات المتحدة، التي مهدت لحكاية الاحتياطي الفيدرالي بأن الوضع الاقتصادي في تحسُّن، يشعر المستثمرون وبشكل واضح بقدر أكبر من الراحة حيال زيادة بسيطة في أسعار الفائدة لليلة واحدة في هذا الصيف. وأصيبت مقاومة سوق السندات بمزيد من الوهن مع احتساب أقل من ثلث المتداولين الآن احتمال حدوث تغيير في السياسة النقدية في حزيران (يونيو)، وهو معدل لا يزال أعلى بشكل حاد من معدل قريب من الصفر كان سائدا في وقت سابق هذا الشهر. ولا تقتصر مشاعر التفاؤل فقط على الولايات المتحدة، التي شهدت تحقيق مؤشر ستاندرد آند بورز500 يوم الثلاثاء أفضل مكاسبه في يوم واحد منذ أوائل آذار (مارس) وقفز إلى المنطقة الإيجابية لهذا العام. صفقة ديون يونانية أخرى، رغم كل التحذيرات المعتادة، مع الإحساس بأن الأمور تتم كيفما يتفق وبدون تخطيط، جنبا إلى جنب مع استطلاعات للرأي تظهر أن الناخبين في المملكة المتحدة يتحولون أكثر نحو معسكر البقاء قبل استفتاء 23 حزيران (يونيو) حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، عززت أسواق الأسهم على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.

وشهد الأسبوع الماضي تحول عدد من المؤشرات المرجعية الأوروبية إلى إيجابية في أيار (مايو)، في حين ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز 250 في المملكة المتحدة أكثر من 2 في المائة – وهو ما يعكس تنامي التأييد في استطلاعات الرأي لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

في آسيا، انضمت أسواق اليابان وتايوان والهند إلى السوق الأسترالية وانتقلت جميعها من المنطقة الحمراء إلى منطقة أيار (مايو) الخضراء.

أحد العناصر الحاسمة لذلك كان انتعاش أسعار النفط التي تخطت عتبة 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى في عام 2016، مدعومة بتوقعات بتوازن أفضل بين العرض والطلب في الأشهر المقبلة. وتعمل أسعار النفط المستقرة أيضا على زيادة الدعم للسندات الخطرة الصادرة عن شركات الطاقة في الولايات المتحدة، التي تقترب عائداتها الآن من 11 في المائة، بعد أن كانت في حدود 20 في المائة منذ ثلاثة أشهر.

مرة أخرى نحن نشهد كيفية تقييم الأسواق لارتفاع أسعار النفط من حيث توفير فرصة لشركات الحفر المثقلة بالديون لالتقاط أنفاسها، وهو ما يعد خروجا على فكرة أن الأسواق تصعد مدفوعة باحتمال أن تعزز الطاقة الرخيصة الإنفاق الاستهلاكي وبالتالي الاقتصاد الواسع.

مرونة أسعار النفط والسلع بشكل عام تساعد كذلك على تفسير رد فعل صامت آخر الأسبوع الماضي، حين حدد البنك المركزي الصيني يوم الأربعاء “التثبيت” اليومي للعملة عند أدنى مستوى منذ خمس سنوات، وهو دلالة على قوة الدولار.

ومن الأحداث التي لا تنسى أن الرنمينبي المنزلق أحدث في آب (أغسطس) وفي كانون الثاني (يناير) الماضيين هزة في الأسهم العالمية بالتزامن مع تراجع أسعار السلع الأساسية، الأمر الذي زاد من مخاوف الانكماش.

ومن الواضح أن موازين النفور من المخاطر تتطلب صدمة أكبر بكثير مما شهدناه في العام الماضي.

والتفسير المحتمل للزخم المكتشف حديثا في الأسهم – مع تجاهل النمو السلبي في الأرباح والإيرادات لكثير من الشركات – هو أنه علامة على اقتراب نهاية الشهر.

الخوف والطمع يحركان الأسواق، ونحن نشهد دلائل على أن الخوف من فقدان الأداء الإيجابي في أيار (مايو) هو الذي يقود عمليات الشراء.

العوائد الباهتة لكثير من صناديق التحوط والمستثمرين النشطين الآخرين هذا العام تعني أن الأعين مركزة عليهم بقوة كبيرة في الوقت الراهن. وما علينا إلا أن ننظر إلى من حقق أداء جيدا في الآونة الأخيرة، حتى يغلب على ظننا أن مخصصات كبيرة قد تم رصدها. تولي زمام القيادة لمؤشر ستاندرد آند بورز في أيار (مايو) جاء من ثلاثة قطاعات تشكل نصف أكبر سوق للأسهم في العالم: شركات التكنولوجيا، والشركات المالية، وشركات الرعاية الصحية. وتخلفت هذه القطاعات الثلاثة وراء السوق الواسعة هذا العام، وارتفاعها في الآونة الأخيرة تفوح منه رائحة رهان مديري الاستثمار الإيجابي على أسهم الشركات المنهكة. هذه المشتريات بدورها تشفط معها صناديق أخرى، لا سيما تلك التي تطبق استراتيجيات الاستثمار السلبي، الأمر الذي فرض المزيد من الشراء مع ارتفاع السوق.

ومن المثير للاهتمام أن هناك علامة واحدة على الارتفاع الحقيقي في السوق تقول إن الأداء المتفوق لشركات النقل في مؤشر داو جونز – الذي يعد مقياسا كلاسيكيا للتوقعات الاقتصادية – يظل غائبا عن المسرح.

وتخلفت شركات النقل عن السوق الأرحب طيلة الشهر، وتظل سلبية في أيار (مايو)، وهو ما يمثل علامة تحذير تشير إلى أن الارتفاع الحالي ينبغي الإقرار به بعناية. فقط عندما ننتقل إلى حزيران (يونيو) في الأسبوع المقبل، حيث تنطلق اجتماعات البنوك المركزية، والبيانات الاقتصادية الكبيرة، والتصويت بمغادرة بريطانيا، عندها يصل الاختبار الحقيقي للأسواق وتجدُّد مشاعر التفاؤل لدى المستثمرين.