نينا نيبرغال
تتصدر قضية علاج اللاجئين جدول أعمال مؤتمر الأطباء الألمان، الذين يحذرون من أن استمرار العمل بالنظام الحالي يهدد بنقص في الخدمات الطبية ويترك آثاراً ضارة. وهذا الوضع يصطدم لدى الكثيرين منهم مع قيمهم الأخلاقية.
“نحن الأطباء نريد معاملة الجميع سواسية بغض النظر عن ديانتهم ولون بشرتهم وجنسهم”، يقول الطبيب أولريش كليفر في حديث مع DW. كليفر طبيب أمراض نسائية ورئيس الجمعية الطبية في ولاية بادن فورتمبيرغ، وهو لا يريد أن يقرر طرف ثالث من المسموح له بالعلاج ومن لا يسمح له بذلك.
قانون اللجوء لا يحدد بدقة نوع الخدمات الطبية التي تتولى الدولة دفع نفقاتها، إذ يجري الحديث عن “أمراض وآلام حادة”. ويتساءل كليفر: “ماذا عن الأطفال الذين لم يتم تطعيمهم بعد؟ وماذا عن النساء الحوامل؟”.
تأتي إلى عيادته طالبات لجوء حوامل، وحتى وإن كن لا يعانين من مرض حاد، فإنه يعالجهن. فإذا لم يقم بالفحوص الأولية، فقد يؤدي هذا إلى تبعات ويلحق أضرارا بالمولود. وبعض اللاجئين مصابون بمرض السكري، وهؤلاء يعانون من تبعات عدم تلقي علاج حين يصلون ألمانيا بعد شهور من الهجرة، ومنها آلام في الساقين. وهنا يتساءل الطبيب كليفر: هل علينا الانتظار حتى يتم بتر الساق؟ “هذا غير ممكن”.
لذا فإن قضايا علاج اللاجئين لا يجب أن يقررها موظف في البلدية بل الطبيب نفسه. حتى الآن يتوجب على اللاجئين الحصول على “تحويلة” من مكتب الشؤون الاجتماعية. ويتساءل كليفر: “كيف يمكن لموظف في الشؤون أن يقرر إن كان الشخص بحاجة لزيارة الطبيب أم لا؟”. هذا ناهيك عن الأمراض والآلام النفسية، التي يصعب للاجئين الحديث عنها مع موظف.
سوء فهم وأوقات انتظار طويلة
يجد الكثيرون من اللاجئين صعوبة في الذهاب إلى مكتب الشؤون الاجتماعية، “فالناس لا يعرفون غالبا شيئا عن الإجراءات هناك”، يقول كليفر. وكثيرا ما يأتي مرضى إلى العيادات بدون الأوراق اللازمة، ويتعين على العاملين في العيادة تأمين هذه الأوراق من المكتب المسؤول عن اللاجئ لاحقا. يضاف إلى ذلك ساعات الانتظار في العيادات قبل بدء العلاج، كما يقول رئيس جمعية الأطباء الألمان فرانك أولريش مونتغمري، وهو ما يساهم في انتشار الأمراض.
لذلك يطالب الأطباء في مؤتمرهم بمنح اللاجئين وطالبي اللجوء بطاقة تأمين صحي منذ لحظة وصولهم إلى ألمانيا، كي يتولوا بأنفسهم قضية العلاج والبحث عن الطبيب المناسب. هذه البطاقة تمنح فقط في خمس ولايات ألمانية، ولكن ليس في كل المدن والقرى، ففي ولاية رينانيا الشمالية ويستفاليا على سبيل المثال، تمنح هذه البطاقة 20 جهة من أصل 396 جهة موجودة في الولاية. والسبب في ذلك هو أن البلديات والمجالس القروية تتحمل نفقات العلاج للاجئين.
“لا يمكننا تحمل التكاليف”
قبل أيام قال تورستن ألبريشت، الناطق باسم بلدة بوتروبس في حديث تلفزيوني: “علينا دفع 8% من نفقات التأمين الصحي، أي 10 يورو لكل لاجئ، إلى شركات التأمين الصحي. وهذا مبلغ لا يمكننا تحمله”. ولايتا راينلاند بفالتس وسكسونيا السفلى أبرمت اتفاقيات خاصة مع شركات التأمين الصحي.
بيروقراطية أقل أم أكثر؟
منح اللاجئين بطاقات تأمين صحي منذ لحظة وصولهم ألمانيا قد يساهم في الحد من البيروقراطية، كما تفعل ولايتا بريمن وهامبورغ، اللتان لهما تجربة إيجابية حتى الآن، كما قال ناطق باسم الشؤون الاجتماعية في هامبورغ. إذ وحسب أقواله، قلل هذا “من الإجراءات الإدارية”. ويقول الطبيب كليفر، إن هذا يوفر المال، وفي هامبورغ تم توفير 1,6 مليون يورو بسبب منح اللاجئين بطاقات صحية منذ عام 2012.
لكن حكومة ولاية بادن فورتمبيرغ قررت عدم منح هذه البطاقة، والسبب حسب ناطق باسم الحكومة هناك هو: بما أن عدد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا في تراجع مستمر، فإن إصدار هذه البطاقات يتسبب في بيروقراطية لا لزوم لها. وقال وزير داخلية الولاية توماس شتروبل، من الحزب المسيحي الديمقراطي، معللا رفض منح البطاقة الصحية: “لأن هذا من شأنه أن يبعث برسالة خاطئة ويمكن استغلاله من عصابات المهربين الإجرامية كأداة ترويجية”.
بيد أن الطبيب كليفر يرد على ذلك قائلاً: “لا أعتقد أن الناس يدفعون للمهربين، لأنهم يحصلون على علاج صحي مجاني في ألمانيا”. وبالنسبة إليه، فإن عدم منح اللاجئين بطاقة تأمين صحي انتكاسة كبيرة.