Site icon IMLebanon

وزير البيئة من روما: 17 مليار دولار كلفة اضرار التغير المناخي على لبنان عام 2040

machnouk-rome
شارك وزير البيئة محمد المشنوق اليوم في فعاليات القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2016 التي انعقدت في روما وناقشت التوصيات والقرارات الصادرة عن الاجتماع الدولي حول تغير المناخ الذي عقد في باريس ولاسيما دور القطاع المالي والمصرفي في تطبيق هذه القرارات وكيفية الاستفادة من الفرص الاستثمارية المربحة في الاقتصاد الاخضر.

وألقى وزير البيئة كلمة رئيسية تناولت “أثر التغير المناخي”، فقال: “سررت جدا بالدعوة التي تلقيتها للانضمام إليكم في مناقشاتكم حول تأثير تغير المناخ على القطاع المصرفي، وأنتم خير من يعرف العلاقة العضوية بين الاقتصاد والبيئة؛ وبالتالي لستم بحاجة لا لدليل حول القروض الخضراء، ولا لمحاضرات حول المسؤولية الاجتماعية للشركات التي أنا شبه متأكد أنكم تمارسونها في نشاطاتكم المصرفية والمالية اليومية”.

أضاف: “دعوني إذا أغتنم فرصة وجودي بينكم اليوم لأحاول تسليط الضوء على بعض المؤشرات والأرقام التي قد تفتح آفاقا جديدة في مصارفكم وشركاتكم:
أولا، في كلفة الاضرار التي يلحقها تغير المناخ بالاقتصاد:
فبحسب دراسة أجرتها وزارة البيئة في لبنان بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الإنمائي، تبين أن هذه الكلفة قد تصل، في لبنان فقط، الى حوالي 17 مليار دولار أميركي في العام 2040 في حال لم يتخذ العالم تدابير سريعة وجدية لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة على الفور. وستتحمل الحكومة اللبنانية والأسر اللبنانية هذه الاعباء الاقتصادية عبر تراجع الانتاجية والاستدامة في القطاعات المختلفة. على سبيل المثال، ان انخفاض توفر المياه للري والاستخدام المنزلي والصناعي سيكلف الاقتصاد اللبناني 320 مليون دولار أميركي في العام 2040. وهذا وحده مؤشر لحجم الاستثمارات الممكنة في هذا المجال في لبنان فقط، اذ ان شؤون تغير المناخ ستدفع الشركات الى تغيير الطريقة التي تقارب فيها تحليل المخاطر والفرص.

ثانيا، في التأثير المباشر على القطاع المصرفي:
ان القطاع المصرفي، بحكم طبيعة عمله المرتبطة بجميع القطاعات الاقتصادية كونه الممول الأساسي لجميع المشاريع والاستثمارات في هذه القطاعات، هو من أبرز المستفيدين من العجلة الاقتصادية الجديدة التي تمهد لها اتفاقية باريس. وبالتالي، القطاع المصرفي هو المعني الاول في توفير برامج قروض تسرع الانتقال الى حقبة اقتصادية تتمتع بانبعاثات ضئيلة جدا لغازات الاحتباس الحراري، وبمرونة أكبر لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ. ولعل الطريق الأسرع نحو هذا الهدف هو من خلال إدماج المفاهيم البيئية في جميع برامج التسليف المتوفرة لدى المصارف، لأنه في نهاية المطاف ما من نشاط بشري إلا وسيتأثر بظاهرة تغير المناخ، أكان السكن، أو المياه والغذاء، أو النقل، أو إدارة النفايات، أو الإنتاج الصناعي، أو السياحة أو غيرها”.

أضاف: “ثالثا، بعض الامثلة في مجالات الاستثمارات الممكنة:
هناك العديد من الأمثلة الناجحة في جميع بلدان العالم وفي عالمنا العربي ايضا: القروض التحفيزية لاعتماد سخانات المياه على الطاقة الشمسية ولتوليد الطاقة الكهربائية من خلال الخلايا الضوئية Photovoltaic cells، والقروض الخضراء لبناء يرتكز على كفاءة الطاقة، والقروض الميسرة لاعتماد تكنولوجيات وتجهيزات صناعية تخفف من انبعاثات الغازات الدفيئة. إلا أننا بحاجة الى المزيد من قصص النجاح success stories- أقله في عالمنا العربي- حول برامج القروض لزيادة قدرة أصحاب الاعمال على التأقلم مع التغيرات المناخية: مثل المزارع الذي يحتاج الى الانتقال من زراعة محصول معين الى محصول آخر او تجهيز مزرعته بتقنيات تسمح له بمواجهة التقلبات المناخية، أو صاحب الفندق الذي يريد توسيع مجموعة الخدمات التي يقدمها لان الاتكال على موسم التزلج وحده لم يعد كافيا بسبب تغير المناخ…. فجميع هؤلاء المستثمرين بحاجة الى دعم مادي من قبل القطاع المصرفي؛ وبالتالي على المصارف الاستجابة لهذه الحاجات من خلال مبادرات خلاقة في مجال التغير المناخي، تماما مثل العروضات الابتكارية التي تقدمها المصارف في مجالات أخرى”.

ولفت وزير البيئة الى أن “الفترة التي سبقت التوصل الى اتفاقية باريس حول تغير المناخ، طغت على المستثمرين فكرة ان تغير المناخ أمر يتعلق فقط بالتخلي عن الوقود الاحفوري الذي يشكل جزءا أساسيا من المصالح الاقتصادية الدولية”.
وقال: “اما اليوم وقد توصلنا باتفاقية باريس الى ما هي عليه وتم التوقيع عليها في 22/4/2016، فهذا يثبت ان العالم توصل الى قفزة نوعية في تحليل المخاطر المتعلقة بتغير المناخ وتحديد الفرص الاستثمارية والقدرة التحويلية الكبيرة لهذه الفرص نحو ازدهار اكبر. واصبح تغير المناخ والاتفاق الدولي الذي سيرعاه فور دخوله حيز التنفيذ فرصة اقتصادية ذهبية يمكن للجميع الاستفادة منها، ليس فقط من خلال تأمين تمويل لمشاريع محددة النطاق والزمن، بل أيضا من خلال مقاربة اقتصادية شاملة تدرج مفاهيم تغير المناخ في جميع القطاعات، وسيكون للمصارف دور بارز في دعم كل من الحكومات في حسن تطبيق سياساتها البيئية، والمؤسسات الخاصة والجمعيات الاهلية في الامتثال لهذه السياسات، وتحديدا في ما له علاقة في تنفيذ اهداف المساهمات المحددة وطنيا INDCIntended Nationally Determined Contribution”.

وتابع: “غالبا ما نشهد عبر العالم تنافسا بين المؤسسات المصرفية على تخفيض بصمتها الكربونية من خلال اعتماد كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وتخطيط استراتيجي افضل لطريقة تنقل الموظفين وسفرهم، وغيرها من المبادرات. وهذه الخطوات كلها تشكل جزءا أساسيا من المسؤولية الاجتماعية للشركات Corporate Social Responsibility، كما انها تسمح بتحقيق وفورات مادية لا بأس بها. ولكن من المهم ان نتذكر دائما ان البصمة الكربونية للمصارف ليست فقط تلك المتعلقة بالعمليات اليومية لأعمال المصرف، بل هي تمتد الى جميع المشاريع والمبادرات والشركات التي يمولها المصرف من خلال برامجه. لذلك من المهم جدا أن تواكب المصارف عن قرب التوجهات الجديدة في موضوع تغير المناخ، وتدمجها في سياساتها، وتبتكر البرامج اللازمة لزبائنها للاستفادة منها، فتصبح المصارف مرآة زبائنها”.