للمرة الأولى في تاريخ فرنسا، صوّتت غالبية مساهمي إحدى شركات «كاك 40» (مؤشر قياس يمثل القيمة المرجحة للقيم 40 الأكثر أهمية من بين 100 شركة في السوق في بورصة باريس) ضد حجم الراتب والمكافآت الملحوظة للرئيس التنفيذي لشركة رينو اللبناني الأصل كارلوس غصن.
حجم الراتب والمكافآت وصل عام 2015 إلى 7.2 مليون يورو، ويتكون من 1.23 مليون يورو رواتب شهرية و1.78 مليون يورو أرباحا متغيرة و4.18 مليون يورو مكافآت في صورة نقدية وأسهم.
وقد صوّت، في أواخر نيسان الماضي، 54.12% من حملة الأسهم في الشركة التي تملك الحكومة الفرنسية 19.7% من أسهمها، ضد حجم الراتب والمكافآت المقررة لغصن عن العام 2015. حجم السخط يظهر جلياً عند مقارنة نسبة تصويت المساهمين بعام 2014 عندما وافق 64% من المساهمين في الشركة على حجم المكافآت الممنوحة للرئيس التنفيذي، فيما تراجعت نسبة المؤيدين عام 2015 الى 58%.
ورغم أن تصويت المساهمين استشاري وغير ملزم، إلا أن ما فاقم الأزمة كان تصويت مجلس الإدارة لصالح المبلغ المقرر للمكافآت غاضاً النظر عن تصويت المساهمين، ما إعتبره الكثيرون طعناً للديمقراطية وإستهتاراً غير أخلاقي برأيهم.
قرار مجلس إدارة رينو أثار امتعاض الهيئة العليا لحوكمة الشركات في فرنسا (HCGE)، وهو ما بيّنته مراسلة سرية كُشف عن تفاصيلها في 26 من هذا الشهر. ومع أن الرسالة تعبّر بوضوح بأن الهيئة لا تشكك في هيكلية مكافآت الرئيس التفنيذي للشركة أو في شفافية العناصر التي تحددها، إلا انها ترى انه لم يكن هنالك من داع لتصويت مجلس الإدارة بالإيجاب في اليوم نفسه الذي رفض فيه المساهمون حجم المكافآت المقررة لغصن.
والمشكلة الحقيقية بالنسبة الى الهيئة العليا لحوكمة الشركات في فرنسا تكمن في الوظيفة المزدوجة لغصن كرئيس تنفيذي لكل من رينو ونيسان. فإضافة الى مبلغ 7.2 مليون يورو الذي يتقاضاه من رينو سنوياً، يحصل غصن من نيسان على 8 ملايين يورو سنوياً ما يرفع حجم مكافآته السنوية الى حوالي 15 مليون يورو.
وعبّرت الرسالة عن المعضلة حين أشارت الى أنه إما أن رينو ونيسان شركتان منفصلتان وبالتالي يتوجب تبرير وشرح كيف يمكن لشخص واحد أن يتولى إدارة كل منهما بهدف الإجابة على تساؤلات الممتعضين الذين يعتبرون أن وظيفة غصن في رينو ليست اكثر من «نصف دوام»، أو أنه لا يمكن فصل أداء الرئيس التنفيذي لرينو عن أداء الرئيس التنفيذي لنيسان، وبالتالي يكون على مجلس إدارة رينو الأخذ في الإعتبار كلا الوظيفتين من حيث تقييم أداء الرئيس وتقدير حجم المكافآت.
مسألة رواتب الرؤساء التنفيذيين للشركات الكبرى ليست طارئة ولا تنحصر فقط في فرنسا. إذ تتعالى الاصوات في كثير من الدول ضد الرواتب والمكافآت الخيالية التي يتقاضاها الرؤساء التنفيذيون وتفوق بأشواط ما يتقاضاه باقي الموظفين. وكانت الحكومة الفرنسية عبرت في مناسبات عدة عن رفضها للمبالغ الطائلة التي يتقاضاها الرؤساء التنفيذيون. ومرّر الرئيس الفرنسي قراراً يحدد فيه الراتب الصافي للرؤساء التنفيذيين للشركات المملوكة للدولة بأكثر من النصف بحوالي 450000 يورو. وحتى في بعض الشركات، حيث لا تملك الدولة غالبية الحصص، جرى تخفيض رواتب الرؤساء التنفيذيين.