كتبت لينا فخر الدين في صحيفة “السفير”:
لكلّ طرفٍ قراءته للحدث البلدي في طرابلس. البعض يحاول أن يخفّف عن نفسه أثار الصفّعة، والبعض الآخر اختار القفز من الأرقام إلى الخلاصات السياسيّة.
أكبر الخاسرين كان «تيّار المستقبل». لم يعتد سعد الحريري على من يخرج من جلبابه ويعلن العصيان والتمرّد. فـ «الحريريون» اعتادوا عكس ذلك. التجارب كثيرة لشخصيات سياسية خرجت من ثوبها ولبست «الأزرق».
ما حصل في طرابلس، ما زال عصيّاً على الفهم لدى «المستقبل» الذي يحاول أن يبرئ نفسه ويرمي المسؤوليّة على نجيب ميقاتي. يعرف «الحريريون» أنّ ما حصل هو نتيجة طبيعيّة لكل التهميش الذي عاشته عاصمة الفيحاء، وللوعود التي لم تترجم على الأرض. ويدركون تماماً أنّ «الأيام الخوالي» التي عاشها «المستقبل» في كلّ المناطق وخصوصا في الشمال باتت صفحات من تاريخ جميل قد يُدرّس في المدارس يوماً. ومع ذلك يحاولون البحث في كومة قشّ عن خطأ ارتكبته ماكينة «تيّار العزم» أو غيره من «الحلفاء الجدد».
لـ «المستقبل» ملاحظات كثيرة خصوصاً حول تركيبة اللائحة التي تحكّم الرئيس نجيب ميقاتي بها الى حد كبير. كما على استبعاد تمثيل المناطق الشعبية، أو تمثيلها بمن لا يمتّون بصلة بها الا من خلال السجلات.
في المقابل، يبدو «الميقاتيون» أكثر واقعيّة. يعلمون أنّ التّحالف مع الحريري خسّرهم كثيراً. إذ أنّ «الحبّ المستجد» مع الخصم أفقدهم «وهج» الخطاب الذي يشدّ الجمهور المتأفف، وبالتالي حوّل مسار الناخبين من الأقلام إلى المنزل اعتراضاً، بالإضافة إلى «الفوقيّة» التي انتهجت في تشكيل «لائحة النخبة» التي بدت في بعض الأماكن بعيدة عن النبض الطرابلسي الحقيقي، وخصوصا نبض الأحياء الشعبية.
ولكنّ لا «يجلد» هؤلاء الاتّفاق الذي حصل. كلّ ما في الأمر أنّه لم يُعطَ وقتاً كافياً لينضج ويصبح كـ «تفاهم معراب». وعليه، فإنّ «تفاهم المصيطبة» (لقاء ميقاتي ـ الحريري برعاية سلام)، أتى وكأنّه خارج السياق، ومهمّته آنيّة لزيادة الأوراق في الصناديق. ولم تكن مهلة الأسبوع كافيةً كي «تظهّر» صورة الحريري وميقاتي يضحكان كتفاً على كتف على طاولة عشاء السفير السعودي في اليرزة، في الأزقّة الطّرابلسيّة.
هل أنّ التجربة الحريرية الميقاتية الأولى تكاد تقترب من الفشل؟
يؤكّد القيادي في «تيّار العزم» مصطفى آغا أنّ الانتخابات البلديّة لن تؤثّر على الخيار الإستراتيجيّ في التحالف مع «المستقبل»، ولو أنّ البعض الآخر يشدّد على أنّ أمر التحالف في الانتخابات النيابيّة ما زال مبكراً.
يتريّث «الميقاتيون» في إعلان المقاربات الناتجة عن الصناديق، إلى حين الجلوس على طاولة واحدة مع ميقاتي الموجود خارج البلاد، وفق ما يؤكّدون، تماماً كرحلة فيصل كرامي ومحمد الصفدي (…). يخفّف الميقاتيون عن أنفسهم بالقول إن نتائج «طرابلس الكبرى» التي تتضمّن الميناء والقلمون تشير إلى عكس نتائج طرابلس.
وبرغم كل ذلك، يرتدّ «الميقاتيون» فجأة عن «براغماتيّتهم» حينما يتعلّق الأمر بمستقبل ميقاتي وأشرف ريفي. هم على دراية أن نظريّة «السلحفاة والأرنب» والإصرار على عدم رؤية وزير العدل المستقيل إلّا كرجل يملك أصواتاً لا توصله حتى إلى انتخابه «مختاراً»، قد خسّرهم. فـ «العنجهيّة» في «تقزيم» الخصم كانت جزءا من الإدارة السيئة للعمليّة الانتخابيّة. ومع ذلك، لا يبدو أنّهم بصدد الترّاجع عنها.
حتى الآن، لا يرى هؤلاء سوى أنّ ريفي تحوّل إلى «لاعب» لا أكثر ولا أقلّ، وأنّ ميقاتي تلقّى «صفعة فقط». هذه الصفّعة، في عيونهم، لا تعني انكسار ميقاتي أو الإشارة إلى أنّ شعبيّته تراجعت أو حتى أنّه لم يعد زعيماً ورقماً صعباً في عاصمة الشّمال. يفصل هؤلاء بين الانتخابات النيابيّة وبين الانتخابات البلديّة. يشيرون بجديّة إلى أنّ الأولى سياسيّة والثانية إنمائيّة شعبيّة، محاولين إنكار أنّها «ميزان شعبيّة» دقيق.
كلّ شيء ما زال في مكانه. لا شيء تغيّر بمنظار «الميقاتيين». ولولا العيب والحياء، لكادوا يؤكّدون أنّها لم تكن أكثر من «مزحة»!
كلّ ما في الأمر، بالنّسبة لهم، أنّ ريفي ظاهرة عابرة وربحه ليس «اكتساح»، بل ردّة فعل على ما جرى منذ العام 2010 وحتى اليوم، واستطاع اعتماد خطاب غرائزي وإلغائي وتخويني.. «يربّح» في طرابلس، ولكنّنا «لا نستطيع اعتماده»؟
يحمل «الميقاتيون» كتاب العلوم السياسيّة ويبحثون عن تعريف للزعامة السياسيّة فلا يجدون معياراً واحداً ينطبق على «الجنرال». كلّ المعايير تنطبق على «الرئيس». والمفارقة الأكبر أنّهم باتوا يُبدّون الحريري على أنفسهم. «البراغماتيّة» تعود إلى الحياة للإشارة إلى أنّ الحريري هو أقوى زعيم سني.
وبالتالي، يبدو أنّ «التطبيل» للتحالف المستجدّ مع الحريري هو «الهدف النظيف» والوحيد الذي خرج منه ميقاتي من «الحرب الريفيّة». صحيح أنّهم يرون بالعين المجرّدة كيف بدأ «المستقبليّون» بغسل أيديهم من «تحالف المصيطبة»، تماماً كما يعلمون أنّ هذا الأمر هو الذي خسّرهم بعضاً من شعبيّتهم فيما يجثو المستقبل» في «غرفة الإنعاش»، إلا أنّ الرّهان على الزّواج بعد الخطوبة، كعصفور باليد بعد اصطياد «الجنرال» لكلّ العصافير على الشّجرة.
قمر الدين للرئاسة.. ولا استقالات
من المفترض بحسب الأكثرية التي تمتلكها لائحة «قرار طرابلس» أن يصار الى انتخاب رئيسها أحمد قمر الدين رئيسا لبلدية طرابلس، والدكتور خالد تدمري (حقق أكبر عدد من الأصوات) نائبا له.
وفيما سرت شائعات في طرابلس، أمس، مفادها أن الأعضاء الثمانية الفائزين من لائحة «لطرابلس» برئاسة الدكتور عزام عويضة، سوف يقدمون استقالة جماعية، نفى عويضة ذلك عبر «السفير»، مؤكدا أنه وزملاءه الفائزين لن يستقيلوا، وأن ما حصلوا عليه من ثقة التحالف السياسي وأصوات الناخبين يعتبر أمانة ومسؤولية أمام الطرابلسيين وأمام الله، مؤكدا أنهم سيقومون بواجبهم في خدمة مدينتهم وأهلها.
النتائج الكاملة
جاءت النتائج الرسمية النهائية لانتخابات بلدية طرابلس على الشكل الآتي:
÷ 16 عضواً من لائحة «قرار طرابلس» هم: الدكتور خالد تدمري (19144)، الدكتور رياض يمق (18360)، أحمد المرج (17952)، المهندس خالد الولي (17907)، المهندس أحمد قمر الدين (17755)، الصيدلي زاهر سلطان (17719)، المهندس جميل جبلاوي (17612)، سميح حلواني (17177)، أحمد البدوي (16871)، كاتب العدل توفيق العتر (16718)، المهندس محمد نور الأيوبي (16676)، باسل الحاج (16623)، محمد تامر (16603)، يحيى واصف فتال (16411)، لؤي مقدم (16010)، أحمد القصير (15982).
÷ 8 أعضاء من لائحة «لطرابلس» هم: أحمد حمزة (17162)، الدكتور عزام عويضة (16957)، شادي نشابة (16901)، رشا سنكري (16779)، الدكتور صفوح يكن (16732)، محيي الدين بقار (16494)، الدكتور عبد الحميد كريمة (15941) والمهندس باسم بخاش (15914).