Site icon IMLebanon

استراحة ما بعد العاصفة البلدية… قراءات “على البارد”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: “استراحة ما بعد العاصفة”. هكذا بدا المشهد في بيروت مع طيّ صفحة الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت خلال شهر ايار (على أربع جولات) والتي أُقفلت صناديق اقتراعها بعد “معارك حامية” في أكثر من منطقة شكّلت “حروباً بالوكالة” ذات صلة بملفات الساعة السياسية، ليُفتح الباب امام قراءات “على البارد” لنتائج هذا الاستحقاق “وصناديق المفاجآت” التي حملها لأكثر من فريق، كما لرصْد ارتداداتها على المستوى السياسي العام والطائفي الأضيق.

واذا كانت “ام المفاجآت” في الانتخابات البلدية سجّلتها طرابلس مع الهزيمة التي ألحقها وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي بلائحة “التحالف السباعي”، فإن عملية تقويم مسار النتائج لا يقتصر على دلالات هذا الانتصار المدوّي والذي يعني بالدرجة “تيار المستقبل” (بقيادة الرئيس سعد الحريري)، بل تشمل ايضاً ما سُجّل في أكثر من محافظة داخل البيت المسيحي والشيعي خصوصاً حيث برزت ملامح تحوّلات او رسائل “بالأحرف الاولى”.

على ان دوائر سياسية مطلعة، ترى ان “المستقبل” يبقى أحد أبرز الأفرقاء المعنيين باستخلاص عِبر مسار الانتخابات ولا سيما في طرابلس لما انطوى عليه انتصار ريفي من إشارات ينبغي قراءتها بتمعّن على مشارف انتخاباتٍ نيابية موعدها الدستوري بعد نحو عام، كما في غمرة وقوف البلاد امام منعطف سياسي يمكن ان يفضي الى إعادة النظر بمجمل آليات تكوين السلطة وتوازناتها انطلاقاً من الثغرة الخطيرة التي يمثّلها استمرار الشغور في موقع رئاسة الجمهورية منذ عامين ونيف.

وقد أعطت “كتلة المستقبل” بعد اجتماعها اول من امس اشارة الى انها على أبواب إجراء عملية تقويم عميقة للانتخابات البلدية من خلال اجتماع للمكتب السياسي لتيار “المستقبل” قد يتخذ شكل خلوة او غيره، بما يسمح بتحليلٍ هادئ لمجمل خريطة الانتخابات البلدية وامكانات تصويب السياسات المتبعة، وسط اقتناع بعض الأوساط بأن الأمر قد لا يصل الى حدّ إعادة النظر بترشيح فرنجية للرئاسة.

ووفق الدوائر المطلعة نفسها، فإن “تشظيات” نتائج الانتخابات البلدية لا تقلّ أهمية عن الأرقام في ذاتها، ولا سيما لجهة ما ظهّرته من عودة المناخ الطائفي على خلفية تغييب المكونيْن المسيحي والعلوي عن المجلس البلدي لطرابلس، وما أفضى اليه ذلك من استقالة أحد نواب عاصمة الشمال (روبير فاضل) ومن تصاعُد حال الغضب في الشارع العلوي.

ورغم تظهير أرقام الصناديق ان بعض المرشّحين المسيحيين والعلويين على اللائحتين حصلوا على أصوات تفوق ما حصده مرشحو “الجماعة الاسلامية”، وهو ما يُسقط أي طابع “تآمُري” عن النتيجة، فان هذا المناخ اكتسب أبعاداً أكثر حساسية في ظل الاصطفافات الطائفية التي كانت بدأت تُستعاد على خلفية الملف الرئاسي ولا سيما مع التحالف الثنائي بين العماد ميشال عون و”القوات اللبنانية”، رداً على تفرُّد الحريري بترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، وفي إطار السعي لايصال “الأكثر تمثيلاً” عند المسيحيين الى قصر بعبدا. علماً ان صهر عون وزير الخارجية جبران باسيل اعتبر ان “ما حصل في انتخابات طرابلس سببه ذهنية الغطرسة والهيمنة، والنتيجة تخطي الميثاق”.

وقد شكّل الاستحقاق البلدي ونتائجه خلفية رئيسية في النقاشات التي استعيدت حول القانون الذي ستُجرى على اساسه الانتخابات النيابية داخل اللجان المشتركة التي بحثت في مشروعيْ إما انتخاب 64 نائباً على اساس النظام النسبي و64 على اساس الأكثري (طرحه الرئيس نبيه بري) او انتخاب 68 وفق الاقتراع الأكثري و60 بالنسبي (تؤيده “القوات” و”المستقبل” والنائب وليد جنبلاط).

ورغم الكلام عن بعض التقدم في بحث هذين الاقتراحيْن، فإن المداولات لا تشي بإمكان بلوغ توافقات حيال اي منهما، وسط بروز 3 فيتوات أقله معلنة: واحد من القوى المسيحية على اي عودة لقانون الستين النافذ حالياً، وثانٍ من “المستقبل” على النسبية الكاملة، وثالث من الثنائي الشيعي “حزب الله” و”امل” على اي قانون جديد لا يعتمد النسبية ذات المعيار الموحّد.

وكان بارزاً في هذا السياق، ان الرئيس بري، الذي كان رسم خطاً احمر امام اي تمديد جديد للبرلمان وخيّر القوى السياسية بين التوافق على قانون جديد او الإبقاء على “الستين” وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تمهّد لانتخاب رئيس للجمهورية، عمد امس الى ضخ الحياة في مشروع كانت أرسلته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الى مجلس النواب والقائم على تقسيم لبنان الى 13 دائرة تعتمد النظام النسبي الكامل، وهو ما عكس ان المناقشات في ما خص هذا القانون ما زالت في “المربع الاول”. علماً ان جلسة الحوار الوطني في 21 الجاري يفترض ان تحمل جواب الأفرقاء السياسيين على مبادرة بري حول الانتخابات التشريعية المبكرة التي طرح بديلاً منها خيار الانتخابات الرئاسية اولاً ولكن من ضمن “دوحة لبنانية” تناقش كل الملفات الخلافية في “سلّة واحدة”.