اعتبر رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط في حديث لصحيفة “السفير” ان حصيلة الانتخابات البلدية انطوت على دلالات عدة أهمها، ان هناك موجة اعتراض شعبي على الواقع تكاد تلامس حد الثورة، لافتا الانتباه الى ان الاحزاب تلقت رسائل واضحة عبر صناديق الاقتراع، يجب ان تقرأها جيدا، وتستخرج منها الدروس والعبر.
ويتوقف جنبلاط في هذا الاطار عند أرقام الانتخابات التي بيّنت، برأيه، تراجع وهج “حزب الله” في بعض البقاع، و “الحزب التقدمي الاشتراكي” في منطقة الغرب، و “تيار المستقبل” في طرابلس وبيروت، والاحزاب المسيحية في مناطقها، مضيفا: نعم.. لقد انتصرت علينا العصبيات العائلية في بيصور وكفرمتى..
ويلفت الانتباه الى ان المجتمع المدني عبّر عن حيوية وحضور في أكثر من مكان، وهو حراك يستحق الاشادة والتنويه، داعيا الى درس هذه الظاهرة ومقاربتها من زاوية علم الاجتماع السياسي، لما تختزنه من مؤشرات سياسية، لا يجوز اغفالها.
وحذر جنبلاط من ان التمادي في تأجيل الاستحقاقات الدستورية، من رئاسة الجمهورية الى الانتخابات النيابية، يؤدي الى تراكمات تصاعدية من شأنها ان تهدد بمخاطر كبرى، ربما تكون كامنة حاليا، لكنها قد تباغتنا فجأة.
واشار رئيس “التقدمي” الى ان هذا الوضع المهترئ، سياسيا ومؤسساتيا، يترافق مع عقوبات مالية اميركية منفلشة على شريحة من اللبنانيين، وانخفاض تحويلات المغتربين الى الداخل بفعل الواقع المستجد في الخليج، وزيادة في الدين العام وخدمته، الامر الذي يعني ان الأفق سيكون مسدودا وقاتما ما لم نبادر الى كسر هذه الدوامة التي ندور فيها.
وعلى هذه القاعدة، يؤكد جنبلاط ضرورة إجراء الانتخابات النيابية وعدم البحث في أي تمديد جديد، لكنه ينبه في الوقت ذاته الى محاذير حصولها على اساس “قانون الستين”، قائلا: أنا ضد الرجوع الى “قانون الستين”، لانه من غير الطبيعي ان نلاقي طلائع الثورة التي عكستها نتائج الانتخابات البلدية بالعودة 80 سنة الى الوراء، بدل ان نتطلع الى الامام..
ويدق جنبلاط جرس الانذار، منبها الى ان هذا الامر إذا حصل سيعيد انتاج الازمة وبالتالي سيهدد بانفجار كبير، لانه يتجاهل ضرورة تأمين تمثيل صحيح للناس، يلبي الحد الادنى من تطلعاتهم ويجدد خلايا العملية السياسية.
واوضح جنبلاط انه يؤيد خيار النسبية، “لكننا لا نزال مختلفين على مداها وعلى حجم الدوائر”، لافتا الانتباه الى انه مستمر بدعمه للخطوط العريضة للمشروع المختلط الذي كان قد تم التوافق عليه بين “الحزب التقدمي الاشتراكي” و “تيار المستقبل” و “القوات اللبنانية”.
ويلفت جنبلاط الانتباه الى انه يولي أهمية قصوى لكيفية تقسيم الدوائر، مشددا على ضرورة توزيعها بالطريقة التي تحمي حقوق الاقليات وصحة تمثيلها.
ويضيف: مصالح الاكثريات محفوظة نسبة الى حجمها العددي وواقعها الديموغرافي، اما الاقليات فلا تحتمل المجازفة، وكلنا لاحظنا كيف ان العلويين والمسيحيين دفعوا الثمن في الانتخابات البلدية في طرابلس، علما ان هذا الخلل يستدعي إجراءات على مستوى القانون تمنع تكراره، وتحمي حقوق هذين المكونين في المدينة.
أما في ما خص الاستحقاق الرئاسي المجمّد في ثلاجة الانتظار، فان جنبلاط يوحي بان الحاجة أصبحت ملحة الى “صدمة” تذيب الجليد الذي يغطيه، قائلا: لما كان الافق الرئاسي مسدودا، فأنا أدعو العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية الى ان يعيا خطر التعطيل، الآتي من سوريا او ايران او ربما كلاهما معا، وبالتالي أتمنى عليهما ان يتوجها الى طهران ودمشق لمعالجة هذا الملف وتأمين ظروف انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وفي سياق آخر، اشار جنبلاط الى عدم جواز الاستخفاف بوطأة العقوبات المالية الاميركية التي يبدو انها لا تميز بين “حزب الله” وبين المؤسسات الموجودة في البيئة الشيعية، مشددا على ان هذا النمط من العقاب مرفوض، ولا بد من وضع آلية لحماية فئة واسعة من اللبنانيين من العشوائية في تنفيذ العقوبات، على ان يتم إعداد هذه الآلية بالتعاون بين المصرف المركزي ووزارة الخزانة الاميركية.