كتب داود رمال في صحيفة “السفير”:
لا مخرج لأكثر من 850 كيلومتراً مربعاً في المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهي النقاط التي يتمسّك بها لبنان ويطالب بإعادة ترسيم الحدود البحرية لضمان حقه فيها، فيما تتعنّت إسرائيل برفض الترسيم مدعومة بقرار أميركي حاسم، وباتفاقات مع دول تتشارك مع لبنان في المدى البحري مثل قبرص، وذلك لزيادة الضغط على لبنان.
وكان لافتاً للنظر في هذا المجال، الربط الواضح الذي تعمّده مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر، خلال زيارته الأخيرة للبنان بين قانون العقوبات المالية ضد «حزب الله «وبين ملف الثروة النفطية والغازية في البحر. وترافق هذا الربط مع زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الطاقة والنفط والغاز أموس هوكشتاين الذي «غالباً ما يخترع زيارة للبنان عندما تتباين وجهات نظر الفرقاء حول ملف النفط للتذرع بهذا الخلاف في تبرير عدم ترسيم الحدود البحرية؛ بينما غاب عن الصورة والسمع عندما توحد الموقف اللبناني»، حسب مرجع نيابي بارز.
وفي المعلومات، ان ممثل الحكومة اللبنانية الى الاجتماع الثلاثي في الناقورة نائب رئيس الاركان للعمليات العميد الركن محمد جانبين، «يطرح في كل اجتماع موضوع ترسيم الحدود البحرية وصولاً الى المنطقة الاقتصادية الخالصة لكون رئيسي مجلس النواب والحكومة اللبنانية يضغطان في اتجاه قيام الأمم المتحدة بقيادة مفاوضات تؤدي الى انجاز الترسيم من خلال صيغة الاجتماع الثلاثي».
وتفيد المعلومات أن الوسيط بين لبنان وإسرائيل أموس هوكشتاين، كلما أتى الى بيروت يعقد سلسلة لقاءات ثم يغيب طويلاً، وهو تعمّد في زياراته السابقة الإيحاء أن كل فريق في لبنان يُعطي رأياً مغايراً لرأي الطرف الآخر ولا وجود لموقف لبناني موحّد، حينذاك، تدخل الرئيس نبيه بري مع كل الأطراف وتمّت صياغة ورقة من قبل خبراء وزّعت على جميع الفرقاء وتحديداً وزارة الخارجية وحظيت بموافقة الجميع، وعندما زار هوكشتاين لبنان في العام الماضي، وخلال جولته على المسؤولين، فوجئ بموقف لبناني موحّد، فكان أن ذهب ولم يعُد إلا غداة صدور قانون العقوبات الأميركي ضد «حزب الله».
واللافت للانتباه أن الغياب الأميركي عن السمع تزامن مع إهمال رسمي لبناني متعمّد لقضية المرسومَين المفترض عرضهما على الحكومة أو التفاهم سياسياً بشأنهما، في إشارة واضحة إلى تناغم أوساط لبنانية مع الجو الأميركي الرافض للترسيم البحري عن طريق الأمم المتحدة.
وليس خافياً على احد ان رئيس المجلس النيابي يدفع باتجاه طرح هذا الملف في الاجتماع الثلاثي «لأنه يشكل الآلية الوحيدة للتعاطي بشكل غير مباشر مع الإسرائيلي، ولا مشكلة من انضمام الجانب الاميركي الى الاجتماع ليصبح رباعياً، لأن هناك مصلحة في ترسيم الحدود البحرية، وليس من مهمة «اليونيفيل» ترسيم الحدود برية كانت أم بحرية، والخط الأزرق ليس خطاً حدودياً بل خط انسحاب، و«اليونيفيل» يقوم بتحديد هذا الخط لانه الاساس لتحديد المسؤوليات عن الخروق من الجانبين إذا حصلت».
اما في البحر، «فليس المطلوب من اليونيفيل ترسيم الحدود انما رعاية الوساطة بوجود الجانب الاميركي، أي أن لبنان وإسرائيل يتفاوضان عبر الأميركي تحت مظلة «اليونيفيل»، فإذا تمّ الاتفاق على الحدود، تبلّغ الأمم المتحدة لتصبح معتمدة لديها، مع الإشارة إلى أن الأمم المتحدة لا تتدخل الا اذا وجه الطرفان رسائل اليها يطلبان تحكيمها ويلتزمان مسبقاً القبول بهذا التحكيم الذي يتولاه خبراء من الامم المتحدة وليس ضباط اليونيفيل، وقد طلب لبنان من الأمم المتحدة خلال زيارة بان كي مون الأخيرة القيام بهذه المهمة، لكن الإسرائيليين لم يبعثوا برسالة مماثلة، وقد تبين أن الأميركيين هم من شجّع الإسرائيليين على عدم القيام بذلك».
ووفق المعلومات نفسها، فإن الأميركيين يريدون اكتمال دائرة الحصار على حزب الله، وهم يريدون تكبيل الحزب وإبعاده كلياً عن النظام المالي الأميركي ومن ثم عن ملف النفط والغاز، ليصبح هذا القطاع عملياً بيد جهات محلية، ما يسهل تحكّم واشنطن بالثروة النفطية والغازية اللبنانية».