IMLebanon

إدخال التكنولوجيا في القطاعات الإنتاجية.. حاجة إقتصادية

technology-trends-business
حسن يحي

لم يفاجئ رئيس هيئة النفط والغاز وسام الذهبي، أحداً حين قال، خلال مؤتمر “إقتصاد لبنان 2025” في 3 حزيران/ يونيو، إن “معاناة قطاع النفط والغاز في لبنان مستمرة جراء عدم اقرار المراسيم التطبيقية”، نتيجة خلافات وتجاذبات سياسية.

وكما لم تتغير ظروف قطاع النفط، لم تتبدل ظروف معظم القطاعات الاقتصادية، منذ سنوات طويلة، وفق رئيس “تجمع رجال الأعمال” فؤاد زمكحل، الذي أطلق صرخة التعب التي أصابت “رجال الأعمال اللبنانيين الذين يدفعون منذ 30 عاماً ثمن التجاذبات السياسية التي لم تتغير”.

تركز كلام الذهبي وزمكحل وغيرهما ممن ناقش فكرة إعداد خطة إقتصادية للبنان للسنوات العشر المقبلة، على “العجز الحكومي” الواضح. وفيما قال وزير السياحة السابق فادي عبود “إننا عاجزون عن بناء أي شيء دون حل أزمة الفساد”، اتفق المحاضرون على ضرورة حل مشكلات الإقتصاد الأساسية قبل الدخول في عملية وضع خطة لإقتصاد لبنان 2025.

ويقول الخبير الاستراتيجي جهاد حكيّم وهو أحد المنظمين للمؤتمر، إن هناك حاجة ملحة إلى وجود خطة إقتصادية مستقبلية، بهدف تشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية، إذ تعمد الشركات التي تريد الاستثمار في أي بلد إلى دراسة القوانين والآمال المستقبلية الموجودة في البلد.

ويهدف المؤتمر إلى إعادة التفكير في الإقتصاد اللبناني لتحديد أي من القطاعات يجب دعمها، إذ من غير المنطقي القول إنه يجب دعم معظم القطاعات، بل يجب تحديد ماهية القطاعات المنتجة، التي قد يُمكّن دعمها لبنان من التفوق والمنافسة بين محيطه وعلى مستوى العالم أيضاً.

وأطلق حكيم مبادرة ستحاول أن تؤمن “كوتا” شبابية تُشكل 25 في المئة من المجلس النيابي تتألف من شباب لا يتجاوز أعمارهم 30 عاماً، نظراً لكونهم العنصر الوحيد الذي يستطيع فهم مشاكل الشباب وتطلعاتهم، خصوصاً مع اتساع الهوة بينهم وبين ممثليهم في البرلمان والحكومة.

هذه المبادرة لن تكون “كلاماً” على ورق، وفق حكيّم، إذ ستترافق مع حملات إعلانية ضاغطة بالاضافة إلى تأسيس جمعية تحت اسم “لبنان 2025” هدفها على المدى المنظور دعم الشباب وايصالهم إلى مركز القرار.

ومع إعادة التفكير في الإقتصاد، تم وضع خطة عمل، وسيُنشر خلال 6 أشهر كتاب الكتروني يتضمن مساهمات وأفكاراً من شأنها إعادة التفكير في الإقتصاد اللبناني وتحديد الأولويات التي يجب التركييز عليها، لإطلاق العنان لهذا الإقتصاد المتازم.

ويعتقد حكيم أن الأساس يجب أن يكون من الأنظمة التعليمية التي لا تراعي الحد الأدنى لمتطلبات الأسواق المحلية والعالمية. فالتكنولوجيا التي دخلت كل القطاعات الإنتاجية في العالم تتطلب حداً أدنى من المعرفة ما زال غائباً عن مدارس لبنان وجامعاته. وأكد حكيّم ضرورة تنويع أقسام البكالوريا لتشمل جميع المجالات سواء كانت الموسيقية أو التكنولوجية أو غيرها من المجالات التي يُمكن أن تُنمي مهارات الشباب وتساعدهم على تطوير انفسهم.

هذا التوجه أيده مؤسس موقع وجمعية “فيوتشير أجندا” تيم جونز، الذي يجول على مئات المدن في العالم ليقدم للشركات دراسات وتحليلات بشأن الوضع الإقتصادي فيها والتوقعات المستقبلية التي قد يُبنى عليها في عمليات الاستثمار.

ويعتقد جونز أن لدى لبنان فرصاً جوهرية في تطوير إقتصاده، ولكن تلك الفرص مرتبطة بإجراءات حكومية أولاً مدعومة من القطاع الخاص. ويُعتبر قطاع التعليم وفق تلك الرؤية مساهماً في “نصرة” الإقتصاد. إذ يحتل لبنان مواقع متميزة في القطاع التعليمي، ما يمكن أن يخوله لشغل مكانة مهمة في هذا القطاع كمركز للتعليم بين جيرانه. يضيف جونز أن القطاع الطبي يمكن أن يكون واعداً، خصوصاً بعدما ذاع صيت أطباء لبنانيين أو من أصل لبناني في المنطقة والعالم.

ولعل أبرز ما توصل إليه المؤتمر هو الإصرار على إدخال التكنولوجيا واستعمالها في القطاعات الإنتاجية، خصوصاً أنها أصبحت ركيزة للاقتصادات العالمية ومساعداً لا يستهان به في عملية تحقيق النمو.

ولكن إدخال التكنولوجيا مرتبط بالدعم الحكومي، الذي يُمكن لومه على كل ما أصاب ويصيب لبنان، إذ لا يمكن الحديث عن هذا الموضوع مع إغفال البنية التحتية اللازمة لإطلاق مشاريع كهذه. فقطاع الاتصالات والإنترنت في لبنان يعيش أسوأ أيامه، وخصوصاً بعد فضائح كثيرة خرجت من رحمه، ومن المؤكد أن فضيحة الانترنت غير الشرعي لن تكون آخرها.

إلى ذلك، يؤكد المدير الاقليمي لـ”UK tech hub” نديم زعزع، أن لبنان لديه مقومات النجاح في هذا القطاع، خصوصاً من الناحية التمويلية. وقد ساعدت الاجراءات التي يتخذها مصرف لبنان في دعم القطاع، ولكن التقصير الحكومي في اعتماد الحوكمة الالكترونية وتحسين خدمات الإنترنت يؤثر بشكل واضح في تطور هذا القطاع.