Site icon IMLebanon

الفالح .. قبطان جديد لسفينة «أوبك»

Falih-OPEC
أنجلي رافال وديفيد شيبارد

عندما عُين خالد الفالح وزيرا للصحة في السعودية في العام الماضي، كُلِّف هذا التكنوقراطي بإحياء قطاع الرعاية الصحية الذي يفتقر إلى الكفاءة في المملكة، والذي خرج عن مساره الآن، من خلال دوره وزيرا للطاقة، يجلب الفالح مهاراته إلى “أوبك” التي كانت منظمة عظيمة في يوم ما، لكن في نظر مراقبي الصناعة منظمة ميتة الآن.

برهن الفالح في اجتماع وزراء النفط في فيينا الأسبوع الماضي على السبب في اكتسابه السمعة التي اجتهد في الحصول عليها، المتمثلة في أنه شخص كفء تستطيع الوثوق به. وعلى الرغم من أن “أوبك” لم تتفق على أهداف لحصص الإنتاج، إلا أنه كان قادراً على جمع أعضاء المنظمة المتفرقين، الذين تضررت اقتصاداتهم من جراء انخفاض أسعار النفط على مدار السنتين الماضيتين، وإظهار جبهة موحدة في هذا الشأن.

قال تاماس فيرجا، من شركة الوساطة “بي في إم” في لندن، عن وزير النفط السعودي الجديد: “على الرغم من الافتقار إلى التعاون بين البلدان الأعضاء في المنظمة وسياسة الإنتاج الحر للجميع، لوحظ أن خالد الفالح بذل كل جهده لتهدئة النفوس”.

سلفه وزير النفط المحنك، علي النعيمي، فقد كانت لديه مهمة لا يُحسد عليها في عام 2014، وهي حث “أوبك” على عدم تخفيض الإنتاج لتعزيز الأسعار في وجه معروض متنام من قبل منتجين منافسين. وعلى العكس من ذلك، كان على الفالح أن يقود المنظمة في وقت يعاني فيه الأعضاء انخفاضا طويل الأمد في الأسعار. الرسالة التي جاء بها كانت واضحة، بعد 18 شهراً من ترك قوى السوق تعمل على موازنة العرض والطلب، أصبحت “أوبك” الآن بحاجة “إلى الإشراف” على مسار استعادة عافيتها والتأكيد على أهميتها لصناعة النفط في العالم. أخبر الفالح الصحافيين فيما بعد أنه لا يزال من “السابق لأوانه” إعادة فرض سقف لإنتاج المنظمة. وبحسب وفود خليجية، كانت السعودية هي التي أثارت هذه الإمكانية في المقام الأول.

كانت هذه الملاحظات التي جاءت من الرجل البالغ من العمر 56 عاماً، الهادئ النبرة الواثق بنفسه، بمثابة حافز لأعضاء “أوبك” الأضعف اقتصادياً، وكذلك لصناعة النفط بشكل عام. قال الفالح إنه على الرغم من أن قوى السوق خففت من التخمة في سوق النفط العالمية، إلا أن على المنظمة أن تعمل الآن على “تشجيع عملية إعادة التوازن”. وعلى الرغم من أن ذلك سيكون محدوداً من حيث قدرته على تحقيق النتائج، كما يقول محللون، إلا أنه يشير إلى أن السعودية لم تتخل كلياً عن دورها محركا لتوجيه السوق.

والتقليل من التأرجحات الحادة في الأسعار له أهمية قصوى بالنسبة للمملكة. وبالقدر الذي تثير فيه مستويات المخزونات العالية القلق لدى الفالح، فإن أي ارتفاع حاد في المستقبل للأسعار سيؤدي إلى القلق نفسه في حال أدى تقليص استثمارات الشركات إلى نقص في المعروض في الأسواق.

ولاحظ بوب مكنالي، المستشار السابق في البيت الأبيض، والمستشار حالياً في مجموعة “رابيدان جروب”، أن الفالح عمل على احتواء تداعيات فشل اجتماع الدوحة “ونجح في ذلك، و”أوبك” الآن في حال أفضل”.

وكان يتعين على الفالح لعب دور الرجل الدبلوماسي فالتقى بالأمين العام المنتهية ولايته، عبدالله البدري، وبوزراء آخرين بهدف القضاء على النزاع وتنسيق الجهود لإرسال رسالة موحدة للأسواق.

وخلال الاجتماع اقترح الفالح تحديد سقف جديد للإنتاج، لكنه لم يحدد رقما، بحسب ما قال عضو في أحد الوفود الخليجية. وكانت إيران قد جادلت بأنه دون تحديد حصص سيكون الأمر عديم الجدوى، في حين دعت فنزويلا إلى “تحديد نطاق لعرض النفط” خاص بكل بلد.

ووفقا لعضو في أحد الوفود الخليجية، أظهر الفالح تعاونا ومرونة وأوضح أن “الأمر لا يتعلق فقط بترك الأمور للسوق، بل يحتاج إلى دعم لطيف”. وبدلا من التركيز على الفشل في تحقيق اتفاق، جذب الفالح الانتباه نحو انتعاش السوق المستمر. وطمأن أقرانه في منظمة أوبك أن المملكة لن تعمل على إغراق السوق. ومنح هذا حتى الوزير الإيراني، بيجان زانجانة، سببا للادعاء بأنه كان سعيدا جدا بنتائج الاجتماع. وحتى إذا كانت الوحدة المفاجئة مجرد أمر سطحي، إلا أنها مهمة. وقال جاري روس، الرئيس التنفيذي لشركة بيرا لاستشارات الطاقة التي يوجد مقرها في نيويورك، إن السعودية بعثت رسالة مهمة مفادها “أنها ستتخذ سلوكا (…) بناء تجاه أسعار النفط”.

ومثلما أن الأسعار لا تزال تعد أمرا مهما بالنسبة للسعودية، كما قال الفالح، فإن دور “أوبك” يعد دورا حيويا أيضا. وقال مشيرا إلى أهداف الأسعار وغيرها من التكتيكات التي تستخدمتها “أوبك” لإدارة السوق: “إن إدارتنا للسوق بالأسلوب التقليدي الذي اتبعناه في الماضي ربما لن تعود مجددا أبدا”. لكن اتخاذ إجراءات استجابة لتحولات الديناميكيات قصيرة الأجل لا يزال أمرا ممكنا.

ويرى بسام فتوح، رئيس معهد أكسفورد لدراسات الطاقة: “أن سياسة النفط السعودية ستتكيف اعتمادا على ما يمكنها الحصول عليه من السوق. لكن الوزير بدد كثيرا من الأفكار والمفاهيم: أن “أوبك” ليست مهمة بالنسبة للسعودية، وأنهم لا يهتمون بالأسعار، وأنهم سيغرقون السوق”. وقال: “إن أوبك ليست سفينة من غير قبطان”.