كتبت جنى جبور في صحيفة “الجمهورية”:
إنتهت الانتخابات البلدية والاختيارية في الصناديق، وبدأ النقد الذاتي والمحاسبة في كلّ حزب أو فريق سياسي، وبَرزت مسارعة حزب “القوات اللبنانية” إلى تقويم تلك المرحلة بنجاحاتها وأخطائها، لكي لا تتكرّر في محطات مقبلة تكون أكثرَ دقّة وحساسيّة.
أدرَج رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع مبدأ الثواب والعقاب في الحزب، بعد تشكيله لجنة “تقصّي الحقائق” للعمل على التحقيق مع المحازبين الذين خالفوا التعليمات الإدارية، عقبَ الانتخابات البلدية والاختيارية.
فبعدما كثرَت التساؤلات والأقاويل إثر الانتخابات الأخيرة، عن المخالفات وعدم التزام قرارات الحزب ودور المسؤولين والمحازبين، واتّخاذ قرارات خاطئة وسوء تقدير في بعض المناطق، مِثل إقالة مسؤولين مهمّين قبل فترة قصيرة من الانتخابات، شكّلَ جعجع هذه اللجنة بناءً على أحكام النظام الداخلي للحزب، ولا سيّما الفقرة الأولى من المادة 83، لحسمِ الجدَل الحاصل وللتحقيق في المخالفات واتّخاذ الإجراءات اللازمة، بالإضافة إلى أهمّية الدور الذي تلعبه المحاسبة في الأحزاب الديموقراطية، من خلال تشجيعها الأفراد على الانتساب، وبهدف تغيير الصورة المكوّنة بأنّ الفوضى وعدمَ الالتزام هما سِمة الأحزاب.
أراد حزب “القوات” من هذه اللجنة أن تكون عبرةً، وأن يتجنّب ارتكابَ الأخطاء في الاستحقاق الانتخابي المقبل من أيّ محازب، فرداً كان أو مسؤولاً، ويضمنَ عدم تأثير العامل الشخصي والعاطفي في تطبيق القرارات، بل أن يطبّق إرادة الحزب السياسية. وكلّ من يرى عكس ذلك يبقى بابُ استقالته مشروعاً، انطلاقاً من مبدأ أنّه لا يمكن أن تكون محازباً وأن تعمل في المقابل ضدّ إرادة الحزب.
وضمّت لجنة “تقصّي الحقائق” عدداً من محامِي الحزب بهدف تنوّع الآراء، وهم: فادي مسَلم (منسّق اللجنة)، نادي غصن، روبير توما، شفيق نعمة، شربل عيد، الذين يجتمعون يومياً في معراب، لجمعِ الشكاوى والمخالفات، ليستدعوا لاحقاً المعنيين، أي المدّعي والمدعى عليه والشهود، للتحقيق معهم.
وأكّدت مصادر متابعة لـ”الجمهورية” أنّ “غالبية مواضيع المخالفات المتناوَلة، تصبّ في خانة عدم التزام المحازبين، أي الذين انتخبوا أو ترشّحوا ضد اللائحة التي كان الحزب يدعمها، بالإضافة إلى دعمِ المسؤولين ورؤساء المراكز أشخاصاً لم يوافِق عليهم الحزب من أجل مصالح شخصية.
وبعد الانتهاء من الخطوات السابق ذِكرُها، ودعمِ التقارير بوقائع، سوف تُرفَع إلى الهيئة التنفيذية التي ستتّخذ العقاب المناسب، بحسب حجم المخالفة والظرف، مِثل أيّ قضية أمام محكمة”.
واعتبرَت المصادر أنّ “هذا التطوّر طبيعي للعمل الحزبي نحو الاتّجاه الصحيح ودرس المراحل بتفاصيلها وتقييمها بدقّة”.
وتشير المعلومات إلى أنّ “هذه اللجنة كانت مطلباً من المسؤولين في “القوات” لأخذِ العِبر ولالتزام المحازبين، والتروّي والتفكير قبل المخالفة في الاستحقاقات المقبلة، لأنّهم سيكونون أمام مساءَلةٍ تصل إلى حدّ الطرد، ولأنّ عدم اتّخاذ هذا القرار سيُغري البعض في المستقبل لتكرار الأخطاء نفسها.
وبالتالي من الضروري أن يَشعر المحازبون بأنّ هناك سلطة حزبية تُحاسب الجميع على المخالفات المرتكَبة، وأنّ الالتزام الحزبي بمعناه العريض ليس كلاماً مجوّفاً يطلَق في الاحتفالات وعلى المنابر، بل هو مكرّس في القوانين الحزبية التي ستطبّق على المخالفين بحذافيرها”.
وبهذه الخطوة، تكون “القوات اللبنانية” قد بَعثت رسائل إلى داخل الحزب وخارجه، ممّا يؤشّر إلى بدء مرحلة جديدة فيها، أساسُها “تطبيق القوانين بحزم ولكنْ بقالب مدني”.