كتبت غراسيا بيطار الرستم في صحيفة “السفير”:
من المتوقع أن تشهد بكركي صباح اليوم “تظاهرة مارونية” بامتياز. كل أصول الكنيسة المارونية وفروعها في الإنماء والاقتصاد والإعلام قرّرت أن تلتئم تحت عباءة البطريرك الماروني بشارة الراعي لوضع الإصبع على جرح كل منها.
قد يكون الاجتماع سابقة مارونية بكل ما للكلمة من معنى لا سيما إذا ما قرّر أن يذهب إلى الآخر في هدفه الذي قد يختصر بـ “التشذيب للتقدم”. فثمة تصميم لدى شريحة من الموارنة أن كل ما جاءت عليه “النصوص المارونية” من “الإرشاد الرسولي” في العام 1997 الى “السينودس من أجل الشرق الأوسط” للبابا بنديكتوس السادس عشر وتوصيات المجمع البطريركي الماروني، لم تطبق فعلياً ما دامت القاعدة الذهبية فيها أهملت، وهي التي تقول “بالتئام الجماعة المارونية لحل مشكلة أحد الأخوة، فكيف إذا كانت المشكلة تطال الوجود المسيحي برمّته وأهمية ترسيخه”؟
المفارقة في ولادة “هيئة التنسيق والمتابعة”، اليوم، أن “لا رئيس فيها ولا مرؤس”، ربما تجنباً لتطاحن ماروني ـ ماروني شبيه بما آل اليه الشغور الرئاسي في البلد، للسنة الثالثة على التوالي، وهو رقم قياسي منذ الاستقلال حتى يومنا هذا.
في السابق، شهدت الكنيسة محاولات مماثلة مع الأباتي بولس نعمان ولكنها لم تصل الى الخواتيم المرجوة. الفريق الماروني يقول “إنه يتحلّى بعزيمة لا تُهزم وبوعد صريح من البطريرك الراعي لعدم التواني عن تقديم الأرض والمال في سبيل إنجاح أهداف الهيئة”. “الكارت بلانش” من الراعي لم يتوفر لأسلافه، على ما يقول أصحاب “الهيئة” الجديدة.
لا تتعلّق المسألة بطرح “قيادات مارونية بديلة، فالأزمة ليست أزمة أفكار بل مبادرات عملية”، يقول أحد الساعين على خط بكركي والمؤسسات المارونية للتوصل الى إعلان “الهيئة”، ويضيف أن الداعمين لهذه المبادرة “يتمسكون بتحلي البطريرك الراعي بهذا النفَس التغييري والقاضي بأن يأخذ المجتمع المدني دوره ويرفع صوته”.
هو مشروع أطلقته بكركي منذ سنتين وبقي مجرد أفكار مبعثرة لمجموعة من المثقفين ورجال الأعمال الموارنة. اليوم، تقدم “الهيئة” نفسها على انها “أداة مراقبة ومحاسبة بهدف التحسين والتطوير. كيف للموارنة أن يحلوا مشاكلهم الوطنية اذا كانت المشاكل تأكلهم في مؤسساتهم؟”. وعلى سبيل المثال لا الحصر، ثمة مؤسسة كاثوليكية فيها 7 موظفين جميعهم من الكهول والذين يجب استبدالهم بشباب وعصب جديد.
خلال اجتماع اليوم، ستطرح أمام البطريرك الراعي مشاكل كل المؤسسات المارونية. “من لا صعوبات لديه ويسجل تقدماً في المقياس الماروني والوطني سيقول له المجتمعون “يعطيك العافية” وأما المصاب بالشلل وهو عبارة عن هيكل ماروني من دون أي فعل على الأرض، فسيصار الى دراسة “النفضة” اللازمة له على كل الصعد”. الاجتماع التأسيسي الأول المقرر صباح اليوم في بكركي سيضم ممثلين عن الأذرعة المارونية كافة: الرابطة المارونية، المجلس العام الماروني، المؤسسة المارونية للانتشار، رابطة قنوبين، الصندوق الماروني بفرعيه للسكن والصحة، تيلي لوميار، صوت المحبة، مؤسسة الإنماء الشامل والمسؤولين عن الدوائر البطريركية كافة.
ومن المقرر أن تكون هناك كلمة افتتاحية للبطريرك الراعي تقارب الواقع المسيحي من مختلف جوانبه. ثم يصار إلى فتح النقاش حول “أهمية تفعيل التنسيق والمتابعة”. وتكشف مصادر متابعة ان مسألة تسمية منسق عام للهيئة أو مطران مشرف لم تحسم بعد، علماً ان احتمال ان يترك للبطريرك الإشراف الشخصي على اعمال الهيئة “وارد جداً”. كما سيصار الى التشديد على نقاط مهمة مثل “اعتماد المشورة وتبادل الخبرات واستقلالية كل مؤسسة قائمة والاطلاع على صعوبات وعوائق عمل كل مؤسسة والنقاش في مبادرات عملية مشتركة”.
وينص جدول الأعمال على وجوب تعليق ممثل كل مؤسسة على وثيقة الافتتاح اي كلمة البطريرك الراعي وأن يوضح مدى قدرة مؤسسته على الانخراط في مسيرة تحقيق الأهداف المذكورة في الوثيقة ومدى قدرتها على النهوض بمسؤولياتها.
أما ختام الاجتماع، فقد يتضمن الإعلان “عن إحدى المبادرات لتعليم الولدين الثالث والرابع في العائلات المارونية او التأمين الصحي لأولاد العائلات المارونية”. ولكن هذا الطرح، برغم أهميته وأصدائه الإيجابية المؤكدة على الشعب الماروني، لم يحظ بعد بالإجماع اللازم للسير به.