IMLebanon

الاحتكار والتهرب الضريبي والعمالة الرخيصة تلطخ بريق الألماس

diamond
كشف منتجو الألماس العالميون الجمعة عن شعار تسويقي جديد هو “الحقيقي نادر” وذلك للوصول إلى جيل أصغر من المشترين على الرغم من أن الشركة الرئيسية المنتجة للألماس دي بيرز تقول إنها ستظل تستخدم شعار “الألماس للأبد”.

ويغرق القطاع البراق والمضيء في دوامة من المشاكل تتعلق بسوء سمعته وتورطه في تشغيل يد عاملة رخصية ومعرضة للخطر رغم جني اصحابه لاموال طائلة وارباح خيالية.

كما يعاني القطاع من منافسة شرسة مع غزو الماس الاصطناعي وتمدد نفوذه في الوقت الحالي، الى جانب انتشار عمليات الغش والتزوير في الماس الطبيعي.

وتوجه اتهامات الى اصحاب القطاع الفاخر بتورطهم في عمليات الاحتكار والتحكم في الاسعار والتهريب الضريبي.

ويتم تسويق الألماس منذ أكثر من 50 سنة تحت شعار دي بيرز “الألماس للأبد”. لكن رابطة منتجي الألماس التي تضم منتجين مثل دي بيرز وهي جزء من شركة أنجلو أميركان وريو تينتو أنشئت لتحفيز الطلب.

وتتطلع الرابطة إلى جيل الألفية والسوق الأميركية التي تسهم بنحو 45 بالمئة من الطلب على الألماس لتعزيز الانتعاش.

وقالت الرابطة في معرض للحلي في لاس فيغاس إن الشعار الجديد كان نتيجة عملية تطوير استمرت ستة أشهر شملت أبحاثا عميقة بشأن مستهلكي الألفية.

واشتملت تحديات صناعة الألماس على منافسة من الألماس الصناعي بالإضافة إلى طلب غير مؤكد من مستهلكين في جيل الألفية يتراوح عمره تقريبا بين 18 و34 عاما.

ويقول محللون وخبرات تسويق إن التغيير قد يعزز الطلب.

ولا يزال الالماس منذ ملايين السنين هبة الطبيعة الأم التي منحت الصلابة والقوة لتلك المادة التي ترمز اليوم الى السلطة والثراء اضافة الى الحب والنقاوة والجمال وحماية للشخص الذي يحملها وفقا لبعض المعتقدات.

وساد الاعتقاد منذ القدم بأن الماس يحتوي على خصائص سحرية إسطورية وخرافية وخيالية وعلاجية، لأن لديه القدرة على التوهج ليلاً، وهو ما يدل على قوته الخارقة.

ووجدت أول أحجار ألماس في الهند منذ 3000 سنة قبل الميلاد وربطها الانسان في ذلك الوقت بالقوة الالهية لندرتها وصلابتها وحين أصبحت موجودة في البلاد الغربية أصبحت ترمز الى السلطة الملكية وحتى يومنا هذا لا تزال ترمز الى السلطة والوجاهة.

والماس هو عبارة عن عنصر ذو تركيب بلوري تكعيبي ويتخذ أشكالا مضاعفة لذلك البناء التكعيبي ذو الثمانية أوجه وبخاصة الاثني عشر وجه، وتحدث طفرات في تكوينه أحيانا فيبدو كروي الشكل.

ويتكون الألماس من عنصر الكربون (فقط) تحت الضغط والحرارة العاليتين وبظروف غير معلومة في أعماق الكرة الأرضية.

ولخصائص الماس المميزة الأربعة (اللون، الوزن، الوضوح، القطع) اهمية كبرى وعليها يقدر ثمنه وقيمته الجمالية والمادية.

ويعاني القطاع الثمين من مشاكل كثيرة تتعلق بالمنافسة الشرسة التي يصطدم بها مع انتشار وتمدد نفوذ الماس الاصطناعي، واحتكار شركات عالمية لصنعه وتجارته وتوزيعه مما يجعلها تتحكم في الاسعار وفي سوق العرض والطلب الى جانب انتقادات لظروف عمل العاملين في مناجم صناعة المعادن الفريدة.

وتتكرر حوادث الشغل في مختلف أنواع المناجم وتظهر مدى المعاناة التي يعيشها العاملون في المناجم والظروف الصحية السيئة التي يتعايشون معها من أجل الحصول على أجر قد لا يكون عادلا ومتناسبا مع ما يبذلونه من جهد ويتعرضون له من مخاطر.

وينتج ما قيمته ثمانية مليارات دولار من مناجم الألماس سنويا في العالم ويتم الحصول على الألماس من دول تشهد حروبا أهلية بالإضافة إلى معاناة من الفقر والبطالة وأفريقيا مثال على ذلك.

في الوقت الذي ينظر كثير من الناس للألماس على أنه رمز للحب والسعادة والثراء يراه الكثيرون مصدرا للنزاعات والفقر.

وقالت منظمة العفو الدولية إنه تم تشريد نحو مليوني شخص من ديارهم في جمهورية الكونغو الديمقراطية وكان الكثير منهم يعيش في مناطق محيطة بمناجم الألماس في حين لقي الكثيرون حتفهم بسبب الجوع أو لعدم توفر علاج لأمراض أصيبوا بها.

وتشدد العديد من منظمات حماية العمال على أهمية توفير وسائل السلامة العامة لعمال المناجم وتوفير بيئة صحية للسكان قرب هذه المناجم.

وسلط تقرير اقتصادي سابق الضوء على ارتباطنا بالحجر الأغلى في العالم، واعتبر ان شركات عالمية تحكم السيطرة عليه.

وأشار تقرير عالمي سابق إلى أن سعر الماس تحدده “القطع والوضوح واللون والقيراط”، ولكن العامل الأبرز الذي يدفع الأسعار صعوداً هو سيطرة شركات “الروزا ودي بيرس وريو تينتو” على المعروض العالمي وتحكمها بالكميات الموزعة.

وشدد التقرير على أن المشتري يخسر ما يعادل 50% من قيمة الماس لمجرد ابتياع قطعة الماس من المتجر والخروج منه.

يشار الى أن مطابقة العرض والطلب على الماس عملية معقدة، وافاد خبراء ان العناصر الأربعة المعروفة بالـ4c يمكن أن تُجمع بـ16,000 طريقة مختلفة، مما يعني أن عملية تقييم الماس هي ذاتية، بعكس الذهب وهو ما يفتح الابواب على مصراعيها امام عمليات الغش والتزوير.

وخلص التقرير الى إن غالبيتنا يستسلم للمعان الحجر الفريد، مشدداً على ضرورة حصول المشتري على شهادة الأصالة التي تثبت قيمته في حال بيعه.

وتقرر في وقت سابق إحالة أكثر من مائة شخص من التجار والمسؤولين في شركات تجارة الألماس في مدينة أنتويرب، حيث يوجد المركز العالمي للألماس، إلى المحكمة الجنائية في أكبر جريمة احتيال وتزوير في تجارة الألماس التي تشتهر بها المدينة، التي تقع شمال البلاد.

وتعتبر أنتويرب عاصمة الألماس في العالم، إذ يوجد بها أكبر بورصة للألماس على مستوى العالم، ويتم فيها عمليات الصقل والتجارة في ما يقرب من 90 في المائة من تجارة الألماس.

وقالت تقارير إعلامية غربية إنه ورغم وقوع هذه المدينة البلجيكية المطلة على ميناء، في غرام الألماس منذ قرون، فإن العلاقة بينهما يبدو أنها قد أصابها الفتور مؤخرا.

وأخذت صناعة قطع وصقل الألماس المربحة ذات العمالة الكثيفة لسنوات تتجه نحو المراكز التي بها عمالة رخيصة الثمن في الدول النامية، مثل مومباي وشنغهاي.

وما ينذر بالسوء أيضا مواجهة تجار الألماس خلال السنوات القليلة الماضية اتهامات مختلفة، منها التهرب الضريبي، وغسل الأموال، والغش في الجمارك، عند شراء وبيع أحجار الألماس.

ويقول البعض هنا إن عولمة هذه التجارة فتحت الباب أمام الاستغلال السيئ، فقد خضعت شركة أوميغا للألماس، وهي من كبار صناع السوق، للتحقيق، وفر مسؤولوها من بلجيكا عندما كشف موظف سابق بها عام 2006 كيف كانت الشركة لسنوات تشتري الألماس من أفريقيا وتتحاشى دفع الضرائب عن طريق إبرام صفقات من خلال وتل أبيب وجنيف، ثم إعادة الأرباح إلى بلجيكا.

وقال هذا الموظف، وهو يدعى ديفيد رينوس (47 عاما): بسبب التغيرات العالمية تغيرت الطرق التجارية. المراكز الجديدة أحيانا ما تغض الطرف عن السلوكيات الإجرامية.

وترددت مزاعم بان شركة نقل سريع تقع في أنتويرب وتدعى مونستري للخدمات العالمية، التي كانت في وقت من الأوقات تمارس ما يشبه الاحتكار لعمليات توصيل الألماس، استغلت مناطق الإعفاء الجمركي في أماكن مثل جنيف في تهريب الأحجار.

وفي عام 2009 بدأت تحقيقات في احتمال وجود تهرب ضريبي من جانب مئات من تجار الألماس، وكثير منهم في أنتويرب.

وفي 2011، تم فتح عمليات استجواب مماثلة في الهند وفي أنتويرب، بعد أن سلم موقع ويكيليكس السلطات قوائم بأسماء مواطنين هنود، من بينهم عشرات من تجار الألماس ممن يمتلكون حسابات في مصارف سويسرية.

وأدرك أقطاب هذه الصناعة الخطر، مما دفعهم إلى تنظيم ما وصفته الصحف المحلية بالهجوم الجذاب خلال عام 2012.

ووضع المركز العالمي للألماس خططا لاستعادة اهتمام رجال الأعمال بهذه المدينة من خلال برنامج مكون من 160 صفحة حمل اسم مشروع 2020 يهدف إلى تبسيط وتشجيع تجارة الماس من خلال أنظمة على الإنترنت.

وتأمل الصناعة أن يساعدها ذلك على استعادة بعض من بريق صقل الألماس الذي فقدته لصالح الدول الآسيوية من خلال تكنولوجيا جديدة، مثل ماكينات صقل الألماس التي تعمل ذاتيا بشكل كامل، وتلميع صورة مجال صناعة الألماس أمام الرأي العام الذي ينتقدها بشدة.

وقال إيرني بلوم، رئيس الاتحاد العالمي لبورصات الألماس في مؤتمر سابق: “أود أن أؤكد أهمية الشفافية والمسؤولية والاستدامة. إنها تلخص كل التحديات التي نواجهها كونها صناعة عالمية”.

وقال روني فاندرلندن، الأمين العام للاتحاد الدولي لمصنعي الألماس، “نطلب من مجتمع أعمال الألماس الصناعي التصرف بمسؤولية والمساعدة في حماية صناعة وتجارة الألماس والأحجار الكريمة والمجوهرات”.