Site icon IMLebanon

سجال فئات التعليم: ليست مسألة ضباط وعساكر

 

فاتن الحاج

 

“أبناء الفئة الثالثة” لم يتحمّلوا أن يجدوا أنفسهم مراقبي صفوف يأتمرون بأوامر “أبناء الفئة الرابعة” المكلفين مهمات مراقبين عامين ورؤساء مراكز في الامتحانات الرسمية. وصل اعتراض بعض أساتذة التعليم الثانوي الرسمي إلى حد إطلاق توصيفات مثل «ضباط يأتمرون بعساكر».

في المقابل، رأى معلمو التعليم الأساسي أنّ حساسية زملائهم بدأت منذ إقرار القانون 223/2012 الذي عيّن المعلم حامل الإجازة التعليمية في الدرجة 15، وباتوا يتحدثون عن الخلل في الموقع الوظيفي، مع العلم أن أستاذ التعليم الثانوي ينال درجة عند التثبيت ودرجة عند نيله الكفاءة في كلية التربية، أي إنّه يعيّن عملية في الدرجة 17.
لكن بالمعنى الوظيفي، إنّ الإشكال المطروح بين القطاعين له علاقة، بحسب الأساتذة الثانويين، بمطالبة التعليم الأساسي بالمساواة مع التعليم الثانوي. ويسألون ما إذا كان يحق لأستاذ التعليم الثانوي أن يطالب بالمساواة مع موقع المدير العام الذي ينتمي إلى الفئة الأولى، علماً بأنّ الحصول على هذا الموقع لا يشترط إلّا حيازة الإجازة؟
ينفي ميشال الدويهي، أستاذ تعليم ثانوي، أن تكون هناك حساسية تجاه معلمي الفئة الرابعة، لكن ما يحصل أن هؤلاء يضعون العصي في الدواليب ويمنعوننا من استعادة موقعنا الوظيفي عبر إثارة مسألة الملاك التعليمي الموحد ما قبل الجامعي، في محاولة لتذويب الفئة الثالثة بالفئة الرابعة. يقول: «لا عداوة بيننا، لكن لا يمكن فئة أن تحصّل حقوقها على حساب الفئة الثانية». لا يتردد في القول: «إننا جوهرة الوظيفة العامة وقطاعنا أكثر إنتاجاً وانضباطاً».
يوافق يوسف كلوت، أستاذ تعليم ثانوي، على أن لكل فئة وظيفية مسؤولياتها ومندرجاتها ومهماتها ولا معنى لإثارة المسألة من هذا الباب، لأن المسألة لها علاقة بالفئة التي يجري التوظيف على أساسها وليس بالشهادة التعليمية فقط. إلّا أنّ كلوت يعتقد أنّ جزءاً كبيراً من السجال على هذا النحو يكمن بشكل مباشر أو غير مباشر باستغلال القوى السياسية لهذا الميل لدى معلمي التعليم الأساسي لمزيد من تعميق الشرخ بين المكونات، التي يمكنها إذا ما عادت وتوحدت فعلاً أن تنتج فاعلية يصعب التحكم بها أو استثمارها كما هو الوضع القائم الآن.
في المقابل، يقر بهاء تدمري، مدرس في التعليم الأساسي، بأن الموظف الذي ارتضى العمل في فئة وظيفية معينة عليه أن يقبل بالدرجة التي يعيّن فيها، إلا أنه يستغرب إثارة نظرية الرئيس والمرؤوس في ورشة الامتحانات الرسمية التي هي استحقاق آني ومؤقت وليس له علاقة بالفئات الوظيفية ولا يستحق كل هذا السجال «باعتبار أن معلماً في التعليم الأساسي قد يكون راكم خبرة وكفاءة في الإدارة اللوجستية لهذا الاستحقاق أفضل بكثير من أستاذ تعليم ثانوي عيّن حديثاً».
لكن في التعليم الأساسي من يطالب بملاك فني موحد للمعلمين والغاء الفئات الوظيفية مع اشتراط الحصول على إذن مزاولة المهنة، كي لا يدخل إلى التعليم سوى أصحاب الكفاءة ولتلبية الحاجات المطلوبة. ومن أصحاب هذا الرأي مسؤول الدراسات في التعليم الأساسي الرسمي عدنان برجي، الذي يشير إلى أن الامتيازات التي حصل عليها أساتذة التعليم الثانوي في ستينيات القرن الماضي طرأ عليها الكثير من المتغيرات.
هل دخل المعلمون بصراع في ما بينهم بدلاً من الصراع من أجل حقوقهم ومطالبهم؟