تتوقف اوساط سياسية متابعة لملف قانون العقوبات الاميركي على حزب الله لتجفيف موارده المالية وكيفية تعاطي كل من مصرف لبنان والحزب مع قضية على هذا المستوى من الدقة والحساسية، عند ما تصفه بفورة الحزب التي اقامت الدنيا ولم تقعدها في اعقاب صدور التعميم رقم 137 عن المصرف المركزي في 3 أيار الماضي وفتحت النيران على حاكم المصرف رياض سلامة عبر بيانات “كتلة الوفاء للمقاومة” ونواب الحزب وجاء أعنفها من النائب حسن فضل لله الذي حمل في طياته تهديدا مبطّنا للقطاع المصرفي، واختفائها فجأة، بما رسم علامات استفهام عما اذا كان السكوت نتيجة تفهّم لحراجة الوضع، ام انّه هدوء ما قبل عاصفة يعدّ الحزب عدتها لجولة جديدة قد تكون اقوى من الاولى.
وتذهب الاوساط، وفق ما تقول للوكالة “المركزية”، الى ترجيح الفرضية الاولى لجملة عوامل تستند اليها من بينها انّ الحزب الذي شكّل خلية لمتابعة الملف وبعد دراسة معمّقة اجرتها لحيثيات القانون ونتائجه، توصل الى خلاصة مفادها انّ تعميم “المركزي” ضروري لحماية القطاع المصرفي ودرء المخاطر عنه وأن تطبيق القانون لا ينعكس سلبًا عليه بل يحميه، وان الضرر الاقصى بعدم الالتزام به، والحزب أكثر من يعلم انّ ليس بامكان النظام المصرفي اللبناني مواجهة النظام العالمي واميركا في صلبه، خصوصاً وانّه آخر دعامات الاستقرار في لبنان بعدما تهاوت دعائم السياسة بفعل الشغور الرئاسي وشلل المؤسسات الدستورية وانعكست ضرراً مباشراً على الاقتصاد المترنح على حافة الهاوية والذي لا تخفي دوائر دول غربية كبرى قلقها عليه، في ما لو لم تتخذ تدابير جذرية سريعة لانقاذه من براثن السقوط، عبر انتخاب رئيس جمهورية واعادة الحياة الى شرايين المؤسسات لترفده بدم جديد يعيده الى دورته الطبيعية، على رغم انّها تطمئن الى انّ الاموال الواردة من الخارج لم تتأثر بتداعيات القانون.
وتضيف انّ خلاصة الدراسة افضت ايضاً الى نظرية تقول انّ تعميم الحاكم، الذي وصفه مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الارهاب دانيال غلايزر بانّه من افضل حكّام المصارف المركزية في العالم ولنا ثقة كبيرة به، جنّب المصارف سقطات قد تقع فيها، فتصبح عرضة للاستهداف عبر مخالفة نص القانون، وأمّن لها ما يكفي من الحصانة لمواجهة الواقع المستجد بأقل ضررممكن، وتلافياً لسحب الودائع الذي ينعكس حكماً على الدورة الاقتصادية ويصيبها بالضربة القاضية.
وفي ضوء ما تقدم، تعرب الاوساط عن اعتقادها انّ حزب الله وفي ضوء اشتداد الخناق عليه اميركياً وعربياً وخليجياً بتصنيفه في خانة الارهاب وحتى محلياً، مع بروز تيار داخل البيئة الشيعية يرفع “لا” في وجه سياسات لا يرى انها تخدم مصلحة الطائفة ولا لبنان، خصوصاً القتال في سوريا، وقد حملت المحطة الانتخابية البلدية اكثر من مؤشر في هذا الاتجاه، بات مضطراً للعودة الى كنف الشرعية والانخراط في تسوية حل تطوي صفحة الماضي القريب فتعيده الى الداخل مغطى بصفة الشريك السياسي في الحكومة بدءا من تسهيل انتخاب رئيس جمهورية غير مصبوغ بتلاوين الفرز السياسي، وتجديد ثقة اللبنانيين والخارج به عبر انخراطه في حكومة تمده بشرعية يحتاجها اكثر من ايّ يوم مضى، لانّ ايّ خيار خارج هذا الطرح مصيره الفشل، خصوصاً استدراج حرب اسرائيلية لن تعوّمه بعد اليوم كما فعلت سابقاً لانّ الظروف تغيرت وموازين القوى في الداخل باتت تميل لمصلحة المجتمع المدني الثائر على الطبقة السياسية الحاكمة.
من هنا، تختم الاوساط يمكن فهم هدوء الحزب وعودته الى العقلانية في مقاربة ملف العقوبات الاميركية الذي ليس وليد ساعته، بل انّ قراره اتخذ منذ توقيع الاتفاق النووي وسريان مفاعيله مع رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران وتصاعد وتيرة العقوبات المالية والمصرفية عليه، وتحوله الى بند اساسي في قوائم الارهاب في دول غربية وعربية عدة.