إيفا الشوفي
كشفت وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية والإتحاد الأوروبي أمس، أسماء المنظمات غير الحكومية التي فازت بالتمويل من ضمن الجزء الثالث من برنامج أفكار لدعم المجتمع المدني، معلنةً إنطلاق المرحلة التنفيذية من البرنامج.
13 جمعية قدمت 13 مشروعاً من اصل 73 تمت الموافقة عليها من قبل البرنامج بعد تقييمها وفق الاجراءات الاوروبية، وحصلت على تمويل يتراوح بين 300 الف يورو و500 ألف يورو لكل مشروع. إذاً، سيصرف الإتحاد الأوروبي خلال السنتين المقبلتين 10 ملايين يورو على 13 مشروعا قدمتها منظمات المجتمع المدني، فهل فعلاً تلبي هذه المشاريع حاجات الناس الذين تستهدفهم؟
المشروع الأول طرحه اتحاد المقعدين اللبنانيين ويهدف إلى تعزيز دور السياحة من خلال تبني البيئة السياحية الدامجة والسياسات الداعمة لها! توفيق خوام، لم يحرق نفسه العام الفائت بسبب غياب البيئة السياحية الدامجة، إنما أشعل النار في جسده ومات بسبب افتقاره إلى مسكن وضمان صحي وعمل.
الجمعية اللبنانية للإنماء الريفي تريد عبر مشروعها أن تقيّم حاجات منظمات المجتمع المدني والتعاونيات وبناء قدراتها من أجل تطوير التنمية الإجتماعية الإقتصادية في عكار، وذلك عبر “تعزيز مأسسة 65 منظمة أهلية من خلال التدريب وبناء الشراكات مع القطاع الخاص والمانحين”! فهل يحتاج أهالي عكار، المنطقة المحرومة والمهمشة، إلى التدريب على قبول الشراكات مع القطاع الخاص الساعي الى مراكمة الارباح أم أنهم بحاجة إلى إنشاء بنى تحتية ومشاريع إقتصادية تخلق فرص عمل وترفع المستوى المعيشي؟ مشروع مشابه تطرحه مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة التي تسعى الى “بناء قدرات الجمعيات” في 4 مناطق فقيرة من أجل “مواجهة بعض التحديات الإجتماعية والإقتصادية”.
أمّا مؤسسة مخزومي فترمي الى “تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تمكين المجتمع المدني واحتضان التنمية المستدامة في مناطق البقاع، عبر مجموعة مبادرات الى جانب التوعية وتعزيز القدرات”. إذاً، برأي المجتمع المدني المشكلة الأساسية في البقاع تكمن في ضعف قدرات المجتمع المدني وغياب التوعية. لا حديث هنا عن قطاع الزراعة المهمل، وانعدام أبسط مقومات العيش والتهميش المتعمد.
جمعية تنظيم الأسرة تريد تعزيز الوضع الإجتماعي والإقتصادي للنساء في المناطق المهمشة في الجنوب. عظيم، كيف؟ “من خلال التمكين الإقتصادي وتعزيز قدرات 180 امرأة أعمال”. هل يعي هؤلاء أنّ النساء المهمشات في الجنوب لسن سيدات أعمال أو رائدات أعمال؟ وماذا يعني تعزيز قدراتهن؟
المعضلة الجوهرية التي يواجهها الشباب المهمشون في الشمال تكمن في عدم اندماجهم في سوق العمل، وفق اقتراح المعهد الأوروبي للتعاون والتنمية. لذلك سيصرف المعهد بين 300 الف يورو و 500 الف يورو ليحقق اندماجا أفضل لهم في سوق العمل. لكن هل من فرص عمل لائقة ليندمج هؤلاء في سوقها؟ ماذا عن الفقر المدقع في الشمال حيث تصل نسبة الأسر المحرومة في طرابلس إلى 87%؟
تطول لائحة المشاريع التي سيُصرف عليها مبلغ ضخم، والتي تركز على تطوير السياحة الريفية والحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي، تطوير نظم الري في مناطق تعاني اصلا من ضعف البنية التحتية للمياه، دمج مدمني المخدرات السابقين في المجتمع وتقديم خدمات نفسية للمتضررين من أحداث طرابلس وغيرها من المشاريع. لكن، يُطرح هنا سؤال جدي: هل تعيش منظمات المجتمع المدني في عالم آخر بعيد كليا عن هموم المجتمع، أم أنها تدركها لكنها تتغاضى عنها لعدم ملاءمتها التمويل الموجود؟