أكد الوزير أشرف ريفي أنه حرص على ألا يسجل عليه كوزير للعدل أنه تساهل في قضايا تمس امن الوطن والعدالة فيه.
ريفي، وفي ذكرى مرور 17 عاما على جريمة اغتيال القضاة الأربعة الشهداء: الرئيس الأول لمحكمة استئناف الجنوب القاضي حسن عثمان، المحامي العام الاستئنافي في لبنان الجنوبي القاضي عاصم بو ضاهر، المستشاران لدى محكمة جنايات الجنوب القاضيين وليد هرموش وعماد شهاب على قوس المحكمة في قصر العدل في صيدا في الثامن من حزيران من العام 1999، قال: “أي قضية أخطر وأدق من قضية المجرم ميشال سماحة الذي ظن لبرهة أنه ذاهب الى الحرية بفعل تخاذل البعض وتواطئهم، لكن فاته ان الخونة قلة مهما كثروا او تكاثروا لحماية المجرم، وان في هذا الوطن أكثرية تقول كلمتها في الاستحقاقات الكبرى، فكان أن عاد الى مكانه الطبيعي وهو السجن بفعل حكمة العقلاء والشرفاء من ابناء هذا الوطن. ان الأثقال ترمى كل يوم في ميزان العدالة تصيبه في خلل فيميل كما تميل مصالح راميها، لكن حراس العدالة لا يستكينوا حتى يعيدوا الأمور الى نصابها وفي نهاية المطاف ما يصح الا الصحيح”.
وتابع: “في الثامن من حزيران من كل عام يتكرر المشهد، نلتقي في باحة قصر العدل في صيدا نحيي ذكرى شهدائنا الأبرار الذين سقطوا على محراب العدالة، ونستذكر سويا حجم التضحيات التي بذلوها في سبيل اعلاء كلمة الحق، ولكن لا يغيب عن بالنا ان الحقيقة وبعد سبعة عشر عاما على وقوع الجريمة لا تزال متوارية عن الأنظار والمجرمون ما زالوا في عداد المجهولين، والعدالة لا تزال غائبة في قضية تصيب هيكلها في الصميم. ورغم هول الجريمة لم نستسلم للقدر الذي فرضه علينا المجرمون، لم نتقاعس يوما عن واجباتنا تجاه من بذلوا الغالي والنفيس في سبيل العدالة، ولكن يبقى واجبا علينا أن لا نجعل من ذكرى شهدائنا مجرد تاريخ يتكرر كل عام، بل قضية نناضل من أجلها كل يوم”.
وأضاف: “ليست المرة الأولى التي يدفع فيها القضاء اللبناني ثمن الدفاع عن العدالة والحرية في هذا الوطن، والاعتداء الجسدي ليس الطريقة الوحيدة التي يحاول فيها المجرم النيل من هذه المؤسسة العريقة، فكلكم تعلمون حجم الحقد الذي يصبه بعض المتضررين من مسيرة الحق التي تسطرون أبهى معالمها كل يوم. ولكل طريقته في التهجم والمواجهة، ولأنكم مجتمع صامت صمت البلاغة، صمت المترفع عن الجراح المؤمن بأن مصلحة الوطن تقتضي منكم الانصراف الى مواجهة الجريمة بدلا من التلهي في صراعات هامشية، لأنكم كذلك، كنتم محل ثقة ابناء شعبنا الذين يعولون دائما عليكم لأنكم الأمل الباقي في بلد فقدت فيه الثقة بأهل السياسة وصار التغيير عنوانا للشعب لن يحيد عنه مهما كلف الأمر. ولأن معالم التغيير قد بانت بوضوح في الاستحقاق الانتخابي الأخير، صار من الواجب علينا جميعا أن نؤمن لشبابنا وشاباتنا الحرية والمصداقية التي تحفظ لهم ممارسة هذا الحق بكل صوره وضمن أحكام القانون، لأننا سنتحمل جميعا المسؤولية أمام التاريخ، فإذا كان القضاء بخير فهذا يعني أن بلادنا ان شاء الله متجهة نحو شاطىء الأمان رغم الرياح العاتية التي تعصف بالاستقرار والحريات فيه”.
وقال: “إننا نتطلع معكم دائما الى الأفضل ولهذا علينا ان نعترف بأننا ورغم الجهود التي نبذلها والعطاءات التي نقدمها في خدمة الوطن والعدالة فيه، فإنه ينقصنا الكثير بعد، والواجب الوطني يحتم عليناان لا نرضى بما نقدم ولو قدمنا الكثير، فالعدالة وجبة لا يشبع منها حر ولا يظمأ بوجودها صاحب حق. وفقد الناس الأمل والثقة بأهل الحكم وخيبات الأمل اضحت طبقا دسما على مائدة اللبنانيين اليومية، كيف لا وقد وجدوا ان لا محل للمبادىء التي ناضلوا من اجلها على طاولة الصفقات والتسويات، وأن الحكومة التي استبشروا خيرا بولادتها القيصرية صارت محلا للمناكفات والصفقات وفشلت بحل أبسط مشاكل الناس اليومية، حتى صار البقاء فيها كالتمسك بقارب يهوي بسرعة الى الهلاك”.
وأضاف: “في صيدا المدينة التي ولد ونشأ فيها الشهيد الكبير رفيق الحريري أقول: لن نعتذر من أحد لأننا قررنا أن نجعل من شهادتك شعلة النور التي تضيء طريقنا، لن نخجل من رفع رايتك عاليا، لن نتردد في استذكارك أنت وسائر الشهداء الأبرار كل صباح وكل مساء، لانك النهج والمدرسة التي نعود كل يوم الى صفوفها حتى نتعلم منك كيف واجهت الصعاب وكيف تخطيت المطبات والعقبات واستطعت أن تنتصر في بناء الدولة. لقد كنت أكبر منهم فاستكملت بشهادتك بناء آخر واهم مدماك في مسيرة النهضة، وعنيت بذلك وحدة اللبنانيين الذين توحدوا في مسيرة وداعك. كم نحن بأمس الحاجة اليك كل يوم ونحن نرى حجم الاهتراء الذي اصاب لبنان بفعل ارتهان البعض الى الخارج وبحث الآخر عن السلطة بأي ثمن”.
وختم: “تحية من القلب لك يا ابا بهاء ونحن واهل العدالة في لبنان نتابع مسار المحاكمة أمام المحكمة الدولية التي نثق بأنها ستحاسب كل من حرض وشارك وتدخل في اغتيالك ايها الشهيد الكبير. تحية الى شهدائنا البرار القضاة: حسن عثمان، عماد شهاب، وليد هرموش وعاصم بو ضاهر، ستبقى قضيتكم حاضرة في قلوب اللبنانيين جميعا وستظل روحكم الطاهرة عنوانا للكرامة والعزة، لكم الخلود في صحبة الأبرار وللمجرمين الزوال ولو بعد حين. عاشت ذكراكم الى الابد حاضرة في نفوسنا، عاش القضاء حامي وطننا”.