حنان حمدان
ما زالت ساعات تقنين الكهرباء على حالها في لبنان، رغم انخفاض أسعار المحروقات في العامين الماضيين نتيجة إنخفاض أسعار النفط العالمية. ينتج هذا التقنين عن عدم قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على تلبية مجمل الحاجة من الطاقة المطلوبة لتغذية المناطق، فيما “تقدر نسبة الساعات التي تنقطع فيها الكهرباء في لبنان بين 30 و35% من الطلب العام، تعوض المولدات الخاصة نحو 70% منها”، وفق تقرير أصدرته منظمة “غرينبيس”، الأربعاء 8 حزيران/ يونيو، تحت عنوان “تحفيز الطاقة الشمسية في لبنان: نحو 100% طاقة كهربائية متجددة”. ويهدف إلى تسليط الضوء على أهمية نُظم الطاقة الشمسية كحل لأزمة إنقطاع الكهرباء في لبنان من طريق إستخدام النظام الشمسي. الحل الذي يكفل معالجة الإنقطاع اليومي للكهرباء ويغني اللبنانيين عن الإستعانة بالمولدات الخاصة لتعويض الإنقطاع من جهة، وكوسيلة أساسية في التصدي لظاهرة تغير المناخ من جهة أخرى.
لكن الاعتماد على الطاقة المتجددة يواجه عقبتاين أساسيتين، هما: العقبة الفنية، وتتعلق بشبكة التغذية والمساحة التي تحتاج إليها، وعقبة تمويلية ترتبط بمسألة الوضع المالي للأفراد. والعقبة الثانية هي بيت القصيد، فإذا توافرت المساحة الكافية للمواطن لاستخدام هذه النظام، فهل سيكون في إمكانه تخطي عقبة الكلفة المرتفعة؟
فوفق التقرير تراوح كلفة نظام كهروضوئي بقدرة 5 أمبير مع بطارية بين 5000 و8000 دولار، ونظام بقدرة 10 أمبير، بين 8000 و12000 دولار. وهي كلفة مرتفعة بالنسبة إلى أغلبية المواطنين اللبنانيين. لكن برأي مسؤول الحملات في العالم العربي في “غرينبيس”، جوليان جريصاتي، “الهدف من إطلاق هذه الحملة هو توعية الأفراد على أهمية هذا النظام، حتى لو أنهم غير قادرين على شراء هذا النظام في الوقت الحالي”. ويشير جريصاتي لـ”المدن” إلى أن المواطنين “يستطيعون في المستقبل الضغط على الحكومة من أجل حل أزمة الكهرباء باعتماد نظام الطاقة الشمسي، علماً أن هذه الألواح تدوم نحو 30 عاماً، وهي مكفولة من لدى الشركات، ولا تحتاج سوى إلى تبديل البطاريات كل 10 أعوام تقريباً”. وبالتالي، فإن “دفع هذا المبلغ عند التركيب سيوفر على الأفراد دفع فاتورة الكهرباء على مدى نحو ثلاثين عاماً”.
من جهة ثانية توفر جميع المصارف التجارية في لبنان ما يعرف بالقرض الأخضر لتمويل المشاريع البيئية، بما فيها نظام الطاقة الشمسية، بفوائد تراوح بين 0.325 و1.075% ويستغرق الحصول عليها مدة 10 أسابيع. بالتالي، فإنه بإمكان كل فرد تجاوز صعوباته المالية من خلال تحصيل هذا القرض الذي يستطيع سداده خلال سنوات، وفق القيمين على الحملة. وفي عملية حسابية، فإن سداد قرض بقيمة 6500 دولار (المعدل الوسطي لسعر تركيب نظام كهروضوئي بقدرة 5 أمبير) خلال 5 أعوام، يبلغ 108.3 دولارات شهرياً، إضافة إلى سعر الفائدة. إلا أن الأمر، ليس بهذه السهولة، فتحصيل القروض يخضع لشروط تعد صعبة المنال في كثير من الأحيان، كالضمانات التي تتطلبها المصارف.
تساؤلات آخرى تطرح في هذا الشأن، ففي حال إمكانية شراء هذا النظام، هل يمكن أن يحل مكان المولدات الخاصة؟ أم أن المواطن سيبقى بحاجة إلى مورد آخر لتلبية حاجته من الكهرباء؟
يقول الخبير في الطاقة ومستشار المنظمة، نادر الحاج شحادة، إن “هذا النظام أصبح قادراً على منافسة المولدات الخاصة، إذ بات أرخص منها، بعدما تراجع سعر النظام بنسبة 80% من السعر الذي كان عليه في العام 2010″، وذلك بسبب زيادة عدد شركات الطاقة في لبنان، والتي يمكنها تزويد الأفراد بأنظمة الطاقة الشمسية، وبالتالي فإنه من السهل أن تحل هذه الأنظمة مكان المولدات الخاصة.
يضيف: “ينعم لبنان بأكثر من 300 يوم مشمس في السنة، متجاوزاً بعدد أيامه المشمسة ألمانيا الرائدة في قطاع الطاقة الشمسية في أوروبا”. ويمكن خلال معظم هذه الأيام الإستغناء عن كهرباء الدولة والمولدات، إذ إن البطاريات المرافقة للألواح تستطيع تخزين الطاقة لتزويد المنزل في الكهرباء خلال ساعات الليل. ويبقى السؤال الأهم حول بقية الأيام، التي يكون فيها الطقس غائماً في فصل الشتاء، فإن نظام الطاقة الشمسية الذكي يسمح باستخدام موارد أخرى لسد ثغرات الإنتاج، سواء كانت كهرباء الدولة أم البطاريات أو مولد خاص. وبالتالي فإننا سنكون بحاجة إلى مورد آخر لإنتاج الكهرباء في بعض أيام السنة التي تقدر بنحو شهرين فقط. من هنا، فإن كلفة الكهرباء التي ستنتج ستكون محصورة بهذه الفترة فقط، بعد سداد قيمة الألواح الشمسية والبطريات عند الشراء.
في المحصلة، تعد هذه الحملة خطوة أولى على طريق إعتماد نظام الطاقة الشمسية لكنها خطوة ناقصة تحتاج إلى خطوات لاحقة تتخذ بالتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية في ملف الكهرباء، وإلا فإن إمكانية التحول من الفيول إلى استخدام الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء بكلفته التي تعتبر مرتفعة نسبياً بالنسبة إلى كثير من اللبنانيين يبقى بعيد المنال.