خضر حسان
تنحو قضية إقفال الحسابات المصرفية للشركات والشخصيات المرتبطة بـ”حزب الله”، في اتجاه التصعيد واللاعودة. فبعد سلسلة من اللقاءات والمشاورات العلنية وغير العلنية بين الحزب ومصرف لبنان وبعض المصارف اللبنانية، يرتفع عدد الاسماء المسجلة ضمن اللائحة الأميركية التي لا تقبل الجدل في امكانية عدم إقفال حسابات اسمائها.
واللائحة التي ضمت في بداية الحديث عن التضييق على حسابات أنصار “حزب الله”، نحو 30 إسماً، ارتفعت لتضم 100 إسم، حملها إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مساعد وزير الخزانة الأميركية لتمويل الإرهاب دانيال غلاسر. ومن المعروف أن المصارف اللبنانية تستطيع الأخذ والرد حول اسماء عملائها المنوى إيقاف حساباتهم، لكن الأسماء الآتية من واشنطن تسلك “خطاً عسكرياً” في اتجاه الإقفال، دون نقاش.
وفي وقت كان “حزب الله” يحاول تهدئة اﻷمور والتقليل من “خطورة”، وأحياناً جدية القرار اﻷميركي، نعى سلامة امكانية حلحلة الأمور بعد طمأنته المجتمع المالي الدولي والولايات المتحدة، في مقابلة مع قناة CNBC، بأن النظام المصرفي اللبناني يريد البقاء “على الخريطة المالية الدولية”. وبذلك، فإن السكة الأساسية التي يسير عليها المصرف المركزي هي “عدم السماح لعدد قليل من اللبنانيين أن يفسد صورة البلاد أو الأسواق المالية في لبنان”، وفق سلامة. فالمركزي لا يريد “أموالاً غير مشروعة” في نظامه، بل يطمح إلى تحسين سمعته لكسب “المزيد من الأموال”. ما يعني أن المركزي حسم ما يريده، فهو يفضل التضحية قليلاً لقاء الرضا الدولي والأميركي.
غير أن موقف المركزي “يأخذ ضوءاً أخضرَ أميركياً يفيد بعدم التطرف تجاه الشيعة، حتى وإن بدا الموقف إعلامياً شاملاً لكل الشيعة”، وفق مصادر مصرفية لـ”المدن”. حتى أن سلامة ترجم هذا الكلام من خلال تأكيده “ضمان حقوق الشيعة في الولوج إلى المصارف”. لكن في الممارسة، فإن الشيعة باتوا متهمين حتى تثبت إدانتهم، فكل المصارف تنهال باﻷسئلة على عملائها الشيعة لمعرفة مدى ارتباطهم بـ”حزب الله”، رغم عدم تسجيل حالات إقفال أو منع فتح حسابات، حتى الآن، بما يمكن أن يشكّل ظاهرة يُعتدّ بها “رسميا” على أن التضييق الفعلي قد بدأ.
التقدم في اتجاه التضييق على “حزب الله” وجمهوره من ناحية، والحفاظ على طريق مفتوح نسبياً مع الشيعة من ناحية ثانية، يفيد بأن ما يريده الأميركيون هو “القضاء” على الأسماء الواردة في لائحتهم. وفي ما عدا اللائحة، يبقى للمصارف اللبنانية حق التصرف وفق ما تراه مناسباً. وفي جميع الأحوال، ستستفيد الإدارة الأميركية، وفق المصادر، من تضييق المصارف على الجمهور الشيعي، ﻷن في ذلك “مكسباً مجانياً. فبدل اتخاذ القرار أميركياً بالتضييق مباشرة، يترك الأميركيون الأمر للمصارف التي ستسارع للحصول على براءة ذمة أميركية. وفي الوقت نفسه يستفيد الاأميركيون من احتمال ارتفاع الصرخة ضد الحزب جماهيريا”.
ويرى مدير فرع أحد المصارف اللبنانية، أن “التضييق على الشيعة لن يحقق الهدف الأميركي”. ويكشف لـ”المدن” عن أن المصارف “لم تتبلغ بعد رسمياً بأسماء، لا من ضمن اللائحة الأميركية التي تضم 100 إسم، ولا أسماءَ فردية مصدرها لبنان”، لكنه لا ينفي تداول “كبار المصرفيين وأصحاب المصارف”، أسماء وشركات “سيبدأ منها تطبيق القرار الأميركي، وإظهار حُسن نية القطاع المصرفي اللبناني”.
100 إسمٍ أصبحت في بيروت. لم تُعلن بعد، والأرجح أنها ستبقى ضمن غرف مغلقة. وحتى تسجيل ظاهرة في إقفال الحسابات بصورة يتفاعل معها جمهور الحزب، يبقى أمل الجمهور، والحزب، أن تقتصر العقوبات على رؤوس كبيرة ومحددة، وعندها، يسهل للحزب التعامل مع هذا الواقع، على عكس تغلغل العقوبات وسط الجمهور.