نشرث صحيفة “الشرق الأوسط” تفاصيل المشروع الذي قدمته السعودية خلال الأيام الماضية على طاولة المشاورات “اليمنية – اليمنية” المنعقدة في دولة الكويت منذ قرابة 50 يوما، والتي وافق عليها طرفا النزاع، دون قيد أو شرط، لتنفيذ ما ورد في مشروع تنظيم لجان التهدئة وتنسيق وقف إطلاق النار.
ونظرًا لاستمرار خروقات وقف إطلاق النار في مناطق الاشتباك بين الطرفين، والحاجة إلى تفعيل لجنة التهدئة والتنسيق بشكل أفضل، قام الفريق العسكري السعودي المرافق للسفير السعودي لدى اليمن والمشارك في مشاورات الكويت، بوضع تصور لتطوير أعمال لجنة التهدئة الرئيسية ولجان التهدئة وتنسيق وقف إطلاق النار في مناطق الاشتباك، حيث أضيف مستوى ثالث لكل جبهة من جبهات القتال الميدانية في المحافظات التي تشهد اشتباكات بمسمى (فريق تهدئة جبهة) للتعامل الفوري مع أي خروقات لوقف إطلاق النار.
ويشمل المشروع السعودي إيجاد الهيكل التنظيمي للجان التهدئة ووقف إطلاق النار، وتشكيل فرق ميدانية على عدد من الجبهات في كل محافظة، وتكوين وارتباط كل مستوى من مستويات لجان وفرق التهدئة وتنسيق وقف إطلاق النار، مع ضرورة تحديد مسافات فاصلة وآمنة على أرض الميدان.
ويتضمن الهيكل التنظيمي “لجنة التهدئة وتنسيق وقف إطلاق النار الرئيسية” تتبعها اللجنة المحلية للتهدئة وتنسيق وقف النار في كل محافظة، يتبعها “فريق تهدئة جبهة”، فيما يتكون فريق تهدئة الجبهات من مندوبين يمثلان طرف الحكومة، والحوثيين، وتتكون بالعدد الكافي، كما ترتبط باللجنة المحلية “غرفة عمليات بالمحافظة”. ومن أبرز مهام وواجبات فرق تهدئة الجبهات، أن تكون متواجدة على مدار الساعة في الجبهة، وتأمين العدد الكافي لتغطية الحدث، والتواصل مع الطرفين مباشرة لاحتواء الموقف عند حدوث أي خروقات من أي طرف، كما تعمل هذه الفرق على الرفع للجنة المحلية في حال عدم الاستجابة لوقف إطلاق النار، مع تحديد المسؤول عن ذلك خلال مدة زمنية لا تتجاوز “ساعتين” من اختراق الهدنة.
وقال محمد سعيد آل جابر، السفير السعودي في اليمن، والمشارك في مشاورات الكويت لـ”الشرق الأوسط”: “إن السعودية تلعب دورًا محوريًا في دفع العملية السياسية في اليمن، إذ قامت ومنذ وقت مبكر في جمع الأشقاء اليمنيين في ظهران الجنوب، وعملت جاهدة على إقناع الطرفين للتوقيع على عدد من الاتفاقيات الهامة والرئيسية، حيث وقع الطرفان على 7 اتفاقيات تضمنت وقف الاقتتال في 7 محافظات وتشكيل لجنتين، لجنة عسكرية، مكونة من 4 أشخاص من طرف الحكومة، ووفد الحوثيين، تتولى عملية التهدئة وتنسيق وقف إطلاق النار”، موضحا أن اللجنة العسكرية، مرتبطة بلجنة التهدئة والتنسيق الرئيسية الموجودة في الكويت. وأضاف آل جابر، أن من أبرز ما تضمنته هذه الاتفاقيات التي وقعت في ظهران الجنوب، إطلاق لجنة مدنية، تتولى عملية تنسيق إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المحافظات، بالتنسيق مع الأمم المتحدة لإيصال المساعدات بشكل أكبر وأشمل، لافتا إلى أن الطرفين رحبا بجهود السعودية، وسعيها لتحقيق الأمن والاستقرار وتطبيق القرار “2216”.
واستطرد السفير السعودي، أنه بناء على ما ورد بدأت لجنة التهدئة الموجودة في الكويت التي تشرف عليها الأمم المتحدة، بالتواصل مع اللجان الفرعية في المحافظات السبع، ومتابعة معالجة أي خروقات لوقف إطلاق النار، وقدمت السعودية نحو مليون ريال للأمم المتحدة لتغطية مصروفات ونفقات لجان التهدئة والتنسيق في المحافظات السبع، بناء على طلب من المبعوث الخاص للأمم المتحدة من عموم سفراء الدول الـ18 المساعدة في دعم اللجان، موضحا أن السعودية هي الدولة الوحيدة المشاركة في مشاورات الكويت التي قدمت هذه المساعدات.
وقال آل جابر: “إن طول المشاورات زاد من خروقات وقف إطلاق النار، في جميع المحافظات وبشكل لافت، وقام الفريق العسكري في سفارة خادم الحرمين الشريفين، وبإشراف مباشر من السفير، لعمل خطة لتطوير أعمال لجان التهدئة والتي تتضمن كثيرا من الآليات والإجراءات بهدف تثبيت وقف إطلاق النار”.
ويعود تقديم المشروع السعودي لأطراف النزاع في مشاورات الكويت، بحسب السفير السعودي آل جابر، إلى عدة عوامل، أبرزها استمرار الخروقات وارتفاع كثافتها وعددها، وتسجيل خروقات دائمة وكبيرة، موضحا أن المبعوث الأممي وفريقه العسكري عندما كانوا يقدمون إيجاز لقاءاتهم بالطرفين، وفد الحكومة، ووفد الحوثيين لسفراء الدول الـ18، كانوا يشتكون من عدم استجابة الطرفين للتهدئة وإيقاف الخروقات، وعلى الفور وحرصا على دفع العملية السياسية، قمنا بدراسة الحالة وتقديم المشروع من خلال سفارة خادم الحرمين الشريفين وفريقها العسكري.
وقدم هذا المشروع، وفقا للسفير السعودي، بعد أن جمع عضوين من الوفد الحوثي “حمزة الحوثي، وسليم المغلس” والمندوب العسكري في لجنة التهدئة الرئيسية من الحوثيين “العميد أحمد مانع” مع ممثلي الحكومة “عبد العزيز جباري، والعميد صالح الزنداني، والعقيد عسكر زعير” بحضور إسماعيل ولد الشيخ المبعوث الأممي، ونائبه كيني جباك، والمسؤول العسكري في فريق ولد الشيخ الجنرال خليل، وحضروا تقديم المشروع وتمت مناقشة كل تفاصيله مع الطرفين.
وبعد الاطلاع عليه وفهم كل بنوده، اتفق الطرفان على قبول المشروع السعودي، وقال آل جابر، إن عملية التنفيذ والإشراف عليه ستكون من قبل الأمم المتحدة واللجنة الرئيسية للتهدئة المشكلة من 10 أعضاء، 5 من كل طرف، لافتا إلى أن جميع الأطراف التي اطلعت على المشروع قامت بالثناء عليه، سواء وفد الحكومة اليمنية، ووفد “الحوثيين ـ صالح”، ودعوا إلى تطبيقه، في حين قام المبعوث الأممي بطرح المشروع وأبلغه للدول الـ18، الذين أكدوا أنه مشروع منطقي وواقعي وقابل للتنفيذ وسيسهل ويسهم في وقف إطلاق النار.
وحول الدور السعودي الذي تلعبه في مشاورات الكويت، قال السفير آل جابر، إن السعودية ومن خلال سفيرها تشارك في اجتماع الدول الراعية للعملية السلمية في اليمن، أو ما يطلق عليها الدول الـ18، وتطرح كل ما لديها من أفكار ومقترحات لدعم السلام في اليمن، كذلك تساهم في تقديم الدعم للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لإنجاح المشاورات، من خلال اجتماع مع مختلف الأطراف اليمنية، وحثهم على التجاوب بإيجابية مع جهود المبعوث الخاص.
وبالعودة إلى المشروع السعودي للهيكل التنظيمي للجان التهدئة وتنسيق وقف إطلاق النار، فإن اللجان المحلية في المحافظات “غرف عمليات المحافظات المشتركة” تتكون من الطرفين بالتساوي بما يضمن وجود عضو على الأقل من كل طرف على مدار 24 ساعة في غرفة العمليات، مع الارتباط المباشر باللجنة الرئيسية في الكويت، على أن تكون مهامه التواجد على جبهات ومناطق الاشتباك، والتواجد على مدار الساعة بغرفة العمليات، والعمل على حل وإيقاف خروقات وقف إطلاق النار بشكل فوري، مع تولي كل طرف في اللجنة المحلية التواصل مع قيادته الميدانية المسؤولة عن إطلاق النار لاحتوائه وإيقافه، مع ضرورة الرفع بالمرئيات من هذه اللجان والمقترحات التي تساعد على حل الإشكاليات في حال عدم مقدرتها على القيام بذلك.
في المقابل ستتكون لجنة التهدئة ووقف إطلاق النار الرئيسية في “الكويت” مناصفة بين الطرفين، وستكون تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، وستعمل على الإشراف والمتابعة لأعمال اللجان المحلية بالمحافظات لوقف إطلاق النار، كما تعمل على فض الاشتباكات وفق المعلومات الواردة من اللجان المحلية وفرق المراقبة الميدانية، كذلك المحافظة على ضمان عدم التماس، والرفع للأمم المتحدة عن عدم نجاح اللجنة في وقف إطلاق النار وفض الاشتباكات في حال عدم تمكنها، واحتواء أي حدث على أرض الميدان خلال 12 ساعة من وقوعه.