صدر عن وزير البيئة محمد المشنوق اليوم البيان الآتي:
برزت تساؤلات عدة حول سبب إجراء دراستين لتقييم الأثر البيئي لسد جنة، وقانونية مثل هذا الإجراء، والمعايير التي تعتمد على أساسها أي منهما. تود وزارة البيئة في هذا الإطار توضيح ما يلي:
1 – عرف القانون 444/2002 (حماية البيئة) تقييم الأثر البيئي أنه “تحديد وتقدير وتقييم آثار مشروع ما على البيئة وتعيين التدابير اللازمة للتخفيف من الآثار السلبية وزيادة الآثار الايجابية على البيئة والموارد الطبيعية وذلك قبل إعطاء القرار بالموافقة على المشروع أو رفضه” (المادة 2)، وأقره كمبدأ “مبدأ تقييم الأثر البيئي كوسيلة للتخطيط والإدارة من أجل مكافحة مصادر التلوث وتدهور الموارد الطبيعية أو تقليصها أو تصغير حجمها إلى أدنى حد” (المادة 4)، وفرضه على “الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص إجراء دراسات . تقييم الأثر البيئي للمشاريع التي قد تهدد البيئية. تراجع وزارة البيئة هذه الدراسات وتوافق عليها بعد التأكد من ملاءمتها لشروط سلامة البيئة واستدامة الموارد الطبيعية” (المادة 21). ونصت المادة 10 من المرسوم 8633/2012 (أصول تقييم الأثر البيئي) على أنه “تمتنع أي إدارة رسمية عن مباشرة إنشاء أو تشغيل مشروعها المقترح قبل أن تبدي وزارة البيئة موقفها حيال تقرير تقييم الأثر البيئي لهذا المشروع”.
2 – إن أول دراسة تقييم أثر بيئي استلمتها وزارة البيئة لمشروع سد جنة كانت في العام 2014، وهي دراسة أعدتها شركة خطيب وعلمي في الأعوام 2006-2008. تبين لوزارة البيئة لدى مراجعتها لهذه الدراسة، تطبيقا للمادة 21 من القانون 444/2002، أن هذه الدراسة تشوبها نواقص عدة، على سبيل المثال لا الحصر ما له علاقة بالتنوع البيولوجي والإرث الطبيعي، وبالتالي، واستنادا إلى القانون 444/2002 (المادة 21) وإلى المرسوم 8633/2012 (المادة 9)، طلبت وزارة البيئة من صاحب المشروع (وزارة الطاقة والمياه/ مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان) استكمال هذه النواقص.
3 – على إثر موقف وزارة البيئة هذا، جرت سلسلة من الاجتماعات الثنائية بين الوزارتين، واستكمال لبعض من هذه النواقص، إلى أن تبلغت وزارة البيئة من وزارة الطاقة والمياه أن مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان باشرت الإجراءات اللازمة للتعاقد مع مكتب استشارات من الاخصائيين المصنفين لدى مجلس الإنماء والإعمار (شركة جيكوم) لإدخال التعديلات المناسبة لتقييم الاثر البيئي، وسلمت وزارة الطاقة والمياه وزارة البيئة الدراسة المعدلة/ الجديدة في 30 حزيران 2016.
لدى مراجعة وزارة البيئة لهذه الدراسة، توقفت عند ما جاء فيها: “أما في ما يتعلق بتخفيف الآثار الجانبية، للأسف تبقى معظم التهديدات والضغوطات التي ستتأتى عن مشروع سد وبحيرة جنة من دون أية إجراءات تخفيفية. ويعزى ذلك إلى أن النظام الايكولوجي في وادي نهر ابراهيم معقد وفريد من نوعه ويتسم بخصائص محددة”.
وبناء عليه، في 31 آب 2016، أوصت وزارة البيئة، من الناحية البيئية، عدم السير بالمشروع المذكور بصيغته الحاضرة.
بناء على ما تقدم، يستنتج التالي:
– أولا، إن مبدأ تقييم الأثر البيئي مقر في القانون اللبناني منذ العام 2002 وهو ملزم للقطاعين العام والخاص، ودور وزارة البيئة في مراجعة هذه الدراسات والموافقة المسبقة عليها كرسته القوانين والأنظمة.
– ثانيا، إن تداول دراستين لتقييم الأثر البيئي لمشروع سد جنة لا تتلاقان بتفاصيلهما البيئية، أتى عن طريق وزارة الطاقة والمياه نفسها، وبالتالي لا يمكن التشكيك بجدوى إجراء الدراسة الثانية. وبناء عليه، وحتى إشعار آخر، تبقى نتائج الدراسة الثانية هي السائدة، خاصة أن الدراسة الاولى لا تفي متطلبات تقييم الأثر البيئي المحددة في القانون 444/2002 والمرسوم 8633/2012، وبالتالي يقتضي وقف العمل بمشروع سد جنة لحين يتم تحديد التعديلات والتدابير اللازمة ويجري إخضاعها لمراجعة وزارة البيئة وموافقتها.
– ثالثا، إن مسؤولية صاحب المشروع (وزارة الطاقة والمياه/ مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان) في موضوع تقييم الأثر البيئي خلال جميع مراحل المشروع (من تصميم أولي إلى دراسة إلى تنفيذ) واضحة في شكل بارز في القوانين والأنظمة المرعية، لا سيما المرسوم 8633/2012، الذي نص على ما يلي:
– المادة 8 “إن صاحب المشروع هو المسؤول عن التعامل، ضمن أحكام هذا المرسوم، مع أي أثر بيئي لم يذكر في التقرير المتعلق بتحديد نطاق تقييم الاثر البيئي ولكن تبين وجوده خلال مراحل دراسة المشروع”، أو بمعنى آخر إذا اعتبر البعض أن دراسة العام 2008 هي الدراسة الاولية أو دراسة تحديد النطاق، هذا لا يلغي مسؤولية وزارة الطاقة والمياه في التعامل مع تفاصيل جديدة بينت خلال مرحلة الدراسة (أي دراسة العام 2015).
– المادة 10 “يلتزم صاحب المشروع بآلية خطة الإدارة البيئية خلال أعمال الإنشاء والتشغيل والتفكيك. تتولى وزارة البيئة مراقبة تطبيق آلية خطة الإدارة البيئية للمشروع خلال أعمال الإنشاء والتشغيل والتفكيك. يكون صاحب المشروع مسؤولا عن التعاطي، ضمن أحكام هذا المرسوم، مع أي أثر بيئي لم يذكر في تقرير تقييم الأثر البيئي أو تم تقديره خطأ ولكن تبين وجوده خلال أعمال الإنشاء والتشغيل والتفكيك”، أي أن مسؤولية صاحب المشروع تستمر إلى ما بعد الإنشاء، وليس فقط لجهة تنفيذ ما جاء في خطة الإدارة البيئية الموافق عليها، انما أيضا للتعاطي مع أي أثر لم يذكر خلال مرحلة الدراسة أو تم تقديره خطأ خلال هذه المرحلة”.