Site icon IMLebanon

لماذا يصعّد سلامة بوجه “حزب الله”؟

 

 

كتب عمار نعمة في صحيفة “السفير”:

في تصريح مفاجئ، أتى خارج سياق التسوية المعقودة مع «حزب الله»، كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أمس، عن «إقفال 100 حساب مرتبط بحزب الله»، وذلك تطبيقاً للقانون الأميركي الخاص بمكافحة تمويل الحزب.

برر سلامة تصريحه بأن «مصرف لبنان يعمل على تنفيذ هذا القانون»، لكنه ارفق كلامه بغمز لافت للنظر للحزب بقوله: «إننا لا نريد أموالاً غير مشروعة في نظامنا، كما لا نريد لعدد قليل من اللبنانيين أن يُفسد صورة البلاد أو الأسواق المالية في لبنان»، وان كان قد استدرك قائلاً: «إننا نريد ضمان حقوق الشيعة في الولوج إلى المصارف».

البقاء على الخارطة المالية الدولية هو أولوية سلامة، مثلما هو استقرار السياسة النقدية، وقد أكمل تصريحه بالتشديد على ان «علينا فعل ذلك في بيئة غير مثالية، فيما يؤثر علينا عدم الاستقرار في المنطقة بحيث تتعطل أسواق التصدير، وبات لدينا مزيد من اللاجئين غير السوريين القادمين من العراق وفلسطين، كذلك تشهد سوق العمل منافسة تؤثر سلباً على اللبنانيين».

على ان ذلك هو ما خرج به سلامة، في آخر خيوط الازمة التي انفجرت على خلفية التعميم الرقم 137 الذي أصدره مصرف لبنان، والذي ينص على التزام المصارف اللبنانية والمؤسسات المالية القانون الأميركي الصادر في 18 كانون الاول العام 2015، وصدرت مراسيمه التطبيقية في 15 نيسان الماضي، والذي ينص على مكافحة تمويل «حزب الله» دولياً، عبر منع المؤسسات والأفراد الذين يدورون في فلكه من إجراء عمليات مالية ضمن النظام المصرفي العالمي، من دون ان ننسى الأفراد والمؤسسات المدرجة على اللائحة السوداء الصادرة عن «مكتب مراقبة الموجودات الخارجية»، في وزارة الخزانة الأميركية OFAC .

ويشير متابعون للقضية إلى ان تصريح سلامة جاء مفاجئاً للحزب، لافتة النظر الى أن اللحظة السياسية التي ادلى بها سلامة بذلك تبدو هامة، أي بعد زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركي دانيال غلايزر الى لبنان، علما ان الحزب اودع سلامة طرحه بأن يتولى مصرف لبنان الملف، اذ يصبح من غير الممكن لأي مصرف إغلاق حسابات أو منع فتح حسابات جديدة لأي شخص مشكوك في تورطه في تمويل الحزب أو نشاطاته، من دون موافقة هيئة التحقيق في المصرف.

على ان الاجتماع الاخير بين «حزب الله» وسلامة لم يخرج بموقف حاسم على ملاحظتَين اودعهما الحزب عند الحاكم. اولاهما مهلة الـ30 يوماً التي حددها سلامة لهيئة التحقيق حتى ترد على طلب أي مصرف إقفال أي حساب مشكوك بتعاونه مع الحزب او تعاطفه معه، واذا لم ترد الهيئة فإن في امكان المصرف القيام بما يراه. وذلك على ان يقوم المصرف المعني بتقديم تبرير قبل عملية الإقفال، يتضمّن حركة الحساب ووتيرته. فتحفظ الحزب على ذلك، ووعده سلامة بمعالجة هذا الامر.. من دون ان يقوم بذلك حتى الآن، قبل ان يخرج بتصريحه أمس.

والملاحظة الثانية تتعلق بالمفعول الرجعي للقانون، اذ حدد سلامة تاريخ الثالث من أيار الماضي، بينما يريده الحزب قبل ذلك.. ولكن بالرغم من ذلك، فإن الحزب لم يشأ الدخول في إشكال مع حاكم مصرف لبنان على قاعدة عدم قبوله المس بالقطاع المصرفي وهز الاستقرار، في مقابل رفض المس بالاستقرار الاجتماعي وبالسيادة الوطنية.

ويلفت المتابعون النظر الى ان التصريح الاخير لسلامة قد جاء خارج سياق التسوية التي تم الاتفاق عليها، خاصة ان «حزب الله» يتعاطى بحساسية عالية جداً مع هذا الأمر الذي يصل الى حد اعتباره تعدياً على السيادة. ويشيرون الى ان سلامة لم يكن مضطراً الى ان يلجأ الى المبالغة في أقواله، مجيبة عن التساؤلات الحاصلة حول موقف سلامة بأنه أراد تحويل الموقف المالي الى موقف شبه سياسي يتعرض فيه الى فئة من اللبنانيين.

ويشير هؤلاء المتابعون الى انه يبدو ان «حزب الله» سيكتفي ببيان صدر عن «كتلة الوفاء للمقاومة» ندد بما قام به سلامة، من دون ان يلجأ الى التصعيد أكثر، على ان يلجأ الى معالجة الموضوع بعيداً عن الإعلام، وهدفه التوصل الى حل جذري للموضوع حتى لا يستمر مسلسل استهدافه على الدوام في قضية يعتبرها اعتداء مباشراً عليه.

وكانت «كتلة الوفاء للمقاومة» قد تناولت هذا الموضوع في جلستها أمس. وقالت في بيانها انه «اذا كانت الادارة الاميركية الراهنة لا توفر فرصة للنيل من المقاومة وجمهورها، وقد وجدت في بعض القطاع المصرفي اللبناني ضالتها من أجل تحقيق سياساتها، فإن استهدافها الجديد لهما عبر هذا القطاع سيبوء بالفشل ولن ينجح في تحقيق أهدافه».

وأضافت: «ان الحكومة والمصرف المركزي معنيان مباشرةً بحماية سيادة لبنان واستقراره النقدي والاجتماعي»، ورأت «ان الموقف الأخير لحاكم المصرف المركزي جاء ملتبساً ومريباً وهو يشي بتفلت السياسة النقدية من ضوابط السيادة الوطنية، ولذلك فإننا نرفضه جملةً وتفصيلاً».

وشددت ان «على الجميع أن يدرك أن جمهور المقاومة ومؤسساته التربوية والصحية عصيّان على محاولات النيل منه من أي كان مهما علا شأنه».