كتبت آمال خليل في صحيفة “الأخبار”:
لم يكن تفصيلاً حصول لائحة “أحرار صيدا” على 10 في المئة من أصوات الناخبين في الانتخابات البلدية. لم يفاجأ تيار المستقبل والقوى الوطنية فحسب، بل فوجئ الإسلاميون أيضاً. التحرك لم ينته بالانتخابات. البحث جار عن إطار سياسي يجمع الشباب المسلم والمؤمن، لا سيما موقوفي عبرا الذين سيفرج عنهم تباعاً في الأسابيع المقبلة.
خرج الخميس 9 حزيران أربعة من أنصار أحمد الأسير من سجن جزين بعد يوم واحد على إصدار المحكمة العسكرية الدائمة أحكامها في الملف الأول في أحداث عبرا. الأحكام التي تراوحت بين الاكتفاء بمدة التوقيف وسنة وعشر سنوات، ستُخرج على نحو تدريجي عدداً منهم في الأسابيع المقبلة.
عودة هؤلاء إلى صيدا ستجدد التنافس على ملف موقوفي عبرا بين تيار المستقبل والتيارات الإسلامية.
في إطار الحملة الانتخابية للائحة “إنماء صيدا”، استضافت النائبة بهية الحريري أهالي الموقوفين وذكّرتهم بجهودها في الملف منذ بدايته، ووعدت بأن جلسة النطق بالحكم (عقدت الثلاثاء الفائت) ستشهد إفراجات وإخلاءات سبيل.
ومن الذين أخلي سبيلهم مصطفى حجازي (ترتبط الحريري مع عائلته بصلة قرابة) الذي أوقف في إطار تعقّب الخلايا الأسيرية النائمة، رغم أن محاميه أخبر ذويه قبل أيام أن “وضعه القضائي صعب جداً”. الحريري أجرت اتصالات مع عدد من الأهالي بعد صدور الأحكام وتولّت تقديم إيضاحات قانونية وتحديد الفترة التي سيخرج فيها أبناؤهم باحتساب السنة السجنية. وبالتزامن، استقبلت وفداً من هيئة علماء المسلمين برئاسة نائب رئيس الهيئة الشيخ أحمد العمري (تغيّب رئيسها حسن قاطرجي) وتداولت معهم، بحسب البيان الإعلامي للهيئة، “بالمظلومية التي يتعرض لها أهل السنّة وقضية الأسير من الناحية الإنسانية”. ووعدت “بالتحرك عند المسؤولين ومتابعة القضية للوصول بها إلى الخواتيم المقبولة. واتصلت في حضور الوفد بالمدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود للاطلاع منه على تقرير اللجنة الصحية المكلفة بالكشف على صحة الأسير”.
رغم ذلك، كثيرون لا يزالون يحمّلون الحريري وتيارها مسؤولية ملف عبرا. رئيس المنظمة اللبنانية للعدالة ورئيس لائحة “أحرار صيدا” علي الشيخ عمار رفض نسب فضل الأحكام والإفراجات الأخيرة لها، وقال لـ”الأخبار”: “نطالب بالإفراج الفوري عنهم، وما من أحد له جميل في القضية”.
ورأى أن “من يدّعي تمثيل المسلمين في الدولة هم ضالعون في المؤامرة وأحد أسباب جرّ القضاء والأجهزة الأمنية للعدوان على الشباب المسلم، وهم جزء من المشكلة وأصحاب المواقف المتواطئة والمتآمرة على الحالة الاسلامية”. من هنا، لا يصدق الشيخ عمار أن “هناك فريقاً، إن كان المستقبل أو غيره، له دور في الإفراج عن المعتقلين. فلو أرادوا لما حصل الاعتداء على مسجد بلال والشباب”.
في الشكل، يبدو “الأحرار” أقرب إلى “محرَّري عبرا”، إذ إن غالبية أعضاء لائحة “أحرار صيدا” هم نتاج المنظمة اللبنانية للعدالة التي أسّسها الشيخ عمار ولجنة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين التي ساهم في تأسيسها. حتى ظهر أمس، لم يكن الشيخ عمار قد التقى بفادي أبو ظهر وزملائه الذين أفرج عنهم. لكن “اللقاء قريب. ونتمنى أن نجمع هؤلاء الشباب ضمن عنوان سياسي وحقوقي معين”، ملوّحاً بإطار إسلامي يجمع من يمثّلهم خطاب الأسير. وشدد على سياسية الإطار، نافياً السعي لأن يكون بديلاً من الحالة الأسيرية بتفاصيلها. “ليس لدينا مشروع للقيام بنشاط أمني، بل نحن نطالب برفع الظلم وتثبيت الاستقرار في لبنان، وأي سلاح خارج إطار الدولة ينبغي ألا يكون له أي دور”. على نحو مبدئي، يجد الشيخ عمار في منظمته “الإطار السياسي الذي يجمع أحرار صيدا، ونفتح المجال لينضم شباب مسلم ومؤمن”.
“أحرار صيدا” ليسوا بحاجة إلى أن ينضم إليهم الأسيريون المفرج عنهم لتشكيل هاجس يؤرق القوى الصيداوية. نيلهم عشرة في المئة من أصوات المقترعين في الانتخابات البلدية الأخيرة يشكل سبباً كافياً. نيل رئيس اللائحة (الشيخ عمار) 2748 صوتاً بفارق 500 صوت عن آخر عضو فيها، شكل صدمة في بوابة الجنوب. “حتى الإخوان لم يتوقعوا الحصول على كل تلك الأصوات. تأخرنا في تشكيل اللائحة وإعلانها بسبب الضغوط التي مورست على المرشحين الذين انسحب بعضهم. ولم تكن لدينا ماكينة انتخابية أو مندوبون بسبب ضيق الوقت والإمكانيات والشائعات بالملاحقة الأمنية لكل من يتعاون معنا”. رغم كل ذلك، فإن 2200 شخص انتخبوا اللائحة “زي ما هيي”. الأسباب برأي الشيخ عمار عديدة. “ملل الصيداويين من الثنائية في المشهد السياسي الصيداوي، وحضور الخطاب الإسلامي الذي كان غائباً عن الانتخابات البلدية”. لكن ما شكل دفعاً، حَمْل لواء الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، لا سيما ملف موقوفي عبرا. مع ذلك، يؤكد أن الأصوات التي نالتها اللائحة ليست بفضل أهالي الموقوفين الذين “لم يصوّت كثير منهم لنا بسبب الضغوط التي تعرضوا لها من المستقبل وتهديدهم بمصير أبنائهم”. من انتخب “الأحرار” إذاً؟ “هناك فريق في الجو الإسلامي لا ينتخب المستقبل أو التيار الوطني، انتخبونا بتوجه فردي منهم، وهم قريبون من جوّ الجماعة الإسلامية”.
رغم انتشار المعلومات عن زيارة وفد إسلامي صيداوي للواء أشرف ريفي لتهنئته بفوز اللائحة المدعومة منه في الانتخابات البلدية في طرابلس، قال رئيس المنظمة اللبنانية للعدالة علي الشيخ عمار إن لجنة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين لا تزال تنتظر منه تحديد موعد لاستقبالها. وأكد أن “الزيارة ليست للتهنئة، بل للتباحث بملف المعتقلين”، نافياً ما أشيع عن دعم ريفي للائحة “أحرار صيدا” في الانتخابات البلدية. وقال: “لا علاقة لنا به. نحن في مكان وهو في مكان آخر، ولا يجمعنا سوى الدفاع عن الإسلاميين وإدانة العدوان على المسلمين السنّة”. لا يقلّل من حيثية ريفي الذي “يحاول تقديم نفسه مدافعاً عن المسلمين في لبنان وضد الميليشيات ومع الثورة السورية وهي شعارات تجذب الناس”. أما بالنسبة “لنا كحالة إسلامية، فتوجد مساحة مشتركة معه، لكن لا تعني أن نكون رهن إشارته”.
رغم ذلك، يحاول ريفي تعزيز حضوره الصيداوي. وهو استعاد، في قصر العدل في صيدا أول من أمس، ثوب وزير العدل الذي يخلعه ويرتديه بحسب الحاجة والمناسبة. رعايته الذكرى الـ17 لاغتيال القضاة الأربعة، أدت إلى تغيّب النائبة بهية الحريري للمرة الأولى في تاريخ المناسبة، علماً بأن مكتبه الإعلامي أعلن قبل أيام تلقيه اتصال تهنئة من الحريري. لكن أوساط مجدليون أكدت أن ريفي هو من اتصل بها وليس العكس.
حضور ريفي الصيداوي يتعزز أيضاً من باب ملف موقوفي عبرا واستقبال عائلاتهم. كذلك تردد أن موفدين له دخلوا إلى عين الحلوة واجتمعوا بقياديين إسلاميين.