Site icon IMLebanon

أصحاب المشاريع لا يمكنهم ركوب الموجة الرقمية التالية وحدهم

technology
جون ثورنهيل

باتفاق الجميع لم يكن المستقبل قط مثيرا مثلما هو الآن. في الآونة الأخيرة كان بعض خبراء المستقبل الرائدين في العالم يزايدون على حماسهم، ويتوقعون بتلهف صعود الروبوتات، وعصر الآلات الثاني، والموجة الثالثة، والثورة الصناعية الرابعة.

نحن نقف على حافة عصر جديد شجاع سوف يُدخِل تقدما تكنولوجيا ووفرة اقتصادية لا مثيل لهما. كل ما عليك فعله هو تحديد أفضل السبل لإدارة الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن هذه الثورة وتخصيص ثمار هذا النمو الذي لم يسبق له مثيل.

المشكلة هي أن الحاضر لا يبدو أنه تلقى تلك المذكرة.

خلال ست من آخر ثماني سنوات كان معدل النمو الاقتصادي العالمي أدنى من المتوسط على مدى 20 سنة. تباطأ نمو الإنتاجية في جميع أنحاء العالم وسط حديث عن ركود طويل الأمد. وكما أكدت ماري ميكر، الشريكة في كلاينر بيركنز كوفيلد آند بايرز، الأسبوع الماضي في أحدث تقرير لها عن “الاتجاهات العامة في الإنترنت”، فإن النمو في عدد مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم آخذ في التوقف الآن عند ثلاثة مليارات مستخدم تقريبا، والإقبال على الهاتف الذكي يتباطأ أيضا.

هل هذه هي الموجة الأخيرة من مبالغة التكنولوجيا التي تتحطم على صخور الواقع؟

واحدة من أكثر الحجج إقناعا والتي تجادل بأننا الآن نمر في “نقطة محورية” في التاريخ جاءت في “الموجة الثالثة”، كتاب ستيف كيس، المؤسس المشارك لشركة أمريكا أون لاين، الذي تحول إلى مستثمر تكنولوجيا. حجته هي أن الإنترنت أصبح واسع الانتشار في اقتصاداتنا، ما أدى إلى تحول كبير شمل كل صناعة ومجال من مجالات حياتنا. تماما كما كان ذات يوم لا معنى للحديث عن الصناعات التي أصبحت ممكنة بفضل الكهرباء، أصبح لا معنى للحديث عن أي شيء أصبح ممكنا بفضل الإنترنت. هنا يأتي “إنترنت الأشياء”.

وفقا لكيس، بدأت الموجة الأولى من الإنترنت في منتصف الثمانينيات عندما بدأت الشركات الرائدة، مثل أمريكا أون لاين، توصيل الناس بهذه التكنولوجيا. ووصلت الموجة الثانية عندما أنشأت الشركات أمثال جوجل وفيسبوك أعمال البحث والشبكات الاجتماعية و”سناب شات” و”إنستاجرام” مستغلة بذلك اقتصاد التطبيقات الناشئ.

ويعتقد كيس أن الموجة الثالثة التي هي الآن في بداياتها، سوف يكون لها تأثير أكثر بكثير في الوقت الذي يعمل فيه الإنترنت على تغيير وجه قطاعات العالم الحقيقي، مثل الرعاية الصحية والتعليم والنقل والطاقة. وهو يبين كيف أن التكنولوجيات القائمة يمكن نشرها بشكل أكثر ذكاء، بدلا من افتراض أننا سنرى مزيدا من الفتوحات البطولية.

لنأخذ الرعاية الصحية مثالا. قريبا، كما يعتقد، يمكن أن نكون جميعا ممن يرتدون أجهزة الاستشعار التي تتابع البيانات الصحية في الوقت الحقيقي، لتنبهنا -نحن وأطباءنا- عندما تبدأ الأمور السير بشكل خاطئ. سيؤدي ذلك إلى تغيير عميق في الطريقة التي نعالَج بها، وكذلك الطريقة التي تعمل بها النظم الصحية بأكملها. وبالنظر إلى أن الرعاية الصحية الأمريكية تشكل سدس الاقتصاد، فهذا يعتبر صفقة كبيرة.

لكن أحد الجوانب الأكثر إثارة للاهتمام في حجة كيس هو ما يعنيه هذا لزملائه من أصحاب المشاريع في وادي السليكون. باختصار لا يمكنهم ركوب الموجة الثالثة وحدهم. وبما أن هذا الأمر قد يثير غضب كثير من التحرريين في الساحل الغربي، لدى الحكومات -وبعض الشركات القائمة- دور أساس لتلعبه. كتب كيس: “الشراكات في الموجة الثالثة تعتبر شرطا أساسيا للنجاح. خلافا لما حدث في الموجة الثانية، الغطرسة لا تنجح كاستراتيجية”. تلقى كيس دورة مكثفة في التواضع بعد عملية الاندماج الكارثيية بين أمريكا أون لاين وتايم وورنر، التي أدت إلى اختفاء نحو 200 مليار دولار من قيمة حقوق المساهمين. كان الدرس الذي استخلصه هو أن “عامل الناس” مسألة ذات أهمية قصوى. لن يكون من المفيد وجود خطة كبيرة إذا لم تتمكن من إقناع الآخرين بتحقيق الأهداف نفسها. وفي حين أن أكبر التحديات التي واجهت رواد الأعمال في الموجتين الأولى والثانية كانت التكنولوجيا ومخاطر السوق، على التوالي، يقول إن الخطر السياسي سيكون أكبر العقبات في الموجة الثالثة. جميع الصناعات في قلب الموجة الثالثة ستخضع لقوانين تنظيمية صارمة. يمكن للحكومات أن تسهل اعتماد السيارات ذاتية القيادة، مثلا، أو تمنعها تماما.

إذا كان كيس على حق، إذن لدينا مشكلة مع المستقبل. فكما يعترف، هناك اتجاه عام في وادي السليكون يرى أن المال مكافئ للجدارة، وأن الحكومة هي المشكلة وليس الحل. في المقابل، يبدو أن السياسيين والجمهور لديهم استياء متزايد من عمالقة التكنولوجيا. لائحة الاتهام تشمل: استغلال الخصوصية، والتلاعب بالرأي العام، والتهرب من الضرائب، وتحدي الطلبات من وكالات إنفاذ القانون.

تماما كما تم تخفيض توترات الحرب الباردة بعد تركيب خط أحمر بين واشنطن والكرملين، كذلك يجادل كيس -بطريقة رخيصة إلى حد ما– لصالح تشغيل خط أحمر (من طراز آيفون) بين واشنطن ووادي السليكون. لكن في المزاج السياسي الحالي ليس من الواضح من الذي سيجيب على المكالمة في أي من الطرفين.