رحب صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي بإجراءات التقشف التي بدأت دول نفطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باتخاذها، مطالباً إياها بخطوات إضافية لتقليص العجز في موازناتها في ظل تراجع أسعار النفط. ورأى صندوق النقد أن دول مجلس التعاون الخليجي والجزائر شرعت في تطبيق “إجراءات دعم نقدي طموحة”، إلا أن الموازنات العامة في عدد من الدول ستسجل عجزاً متزايداً في ظل انخفاض أسعار النفط، وذلك في تقرير أصدره الأربعاء الماضي عن التأقلم مع المستويات المتراجعة لهذه الأسعار.
وأضاف إن “جهداً جوهرياً إضافياً لخفض العجز، مطلوب على المدى المتوسط للحفاظ على الاستدامة المالية” للدول المعنيّة، والتي تعتمد ماليتها العامة بشكل رئيسي على الإيرادات النفطية. ورأى الصندوق أن على دول مجلس التعاون، اتخاذ إجراءات إضافية لحماية عملاتها الوطنية المرتبطة بسعر صرف الدولار الأمريكي. وحذر من وجود “إشارات ناشئة عن ضغوطات على مستوى السيولة” لدى الدول المعنية، مشدداً على الحاجة إلى “إصلاحات هيكلية عميقة لتحسين التوقعات على المدى المتوسط وتسهيل التنويع (في مصادر الدخل) تمهيداً لتوفير وظائف للقوة العاملة المتنامية”.
وقدر الصندوق أن يصبح 1،3 مليون شخص إضافي عاطلين عن العمل بحلول سنة 2021 في ضوء الضغوط على موازنات الدول المذكورة. كما رجح تراجع الإيرادات من صادرات النفط والغاز الطبيعي لدول الخليج والجزائر بحدود 450 مليار دولار هذه السنة مقارنة بالعام 2014، أي بانخفاض إضافي قدره 150 مليار دولار عن العام 2015. وفي ظل انخفاض الإيرادات، رجح صندوق النقد أن تسجل دول الخليج والجزائر عجزاً متراكماً في موازناتها يناهز 900 مليار دولار حتى 2021.
وتحتاج هذه الدول إلى خفض معدل الإنفاق الحكومي بنحو الثلث، من أجل سد العجز في موازناتها. ورأى التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها هامش زيادة عائداتها في مجالات مختلفة، عبر ضرائب مباشرة أو غير مباشرة، كالضريبة على القيمة المضافة أو ضريبة الأملاك وضرائب الأفراد والشركات. وبعدما اضطرت بعض الدول إلى الاستعانة باحتياطاتها المالية الضخمة المقدرة بزهاء 2.5 تريليون دولار لاستيعاب وطأة تراجع إيرادات النفط، بدأت بتطبيق إجراءات للحدّ من الإنفاق الحكومي والاقتراض لسدّ العجز المتزايد في الموازنة، بحسب التقرير نفسه. وتوقع صندوق النقد أن يبقى العجز في الموازنة مرتفعاً هذه السنة، بمعدّل 13 بالمئة من الناتج المحلي، رغم هذه الإجراءات، ولكن من دون أن يؤدّي ذلك إلى دخول اقتصادات الخليج والجزائر في حال من الانكماش. ورجح الصندوق أن ترتفع نسبة الدين العام في هذه الدول، من 13 بالمئة من الناتج المحلي العام الماضي، إلى 45 بالمئة منه بحلول سنة 2021.