أثار التهاوي المتواصل لقيمة الدينار التونسي مخاوف كبيرة بشأن تسجيل أسعار السلع والخدمات موجة جديدة من الغلاء، في وقت تتراجع فيه القدرة الشرائية للمواطنين لأدنى مستوياتها في 5 سنوات، فضلا عن زيادة أعباء الديون الخارجية للبلاد.
وانخفض سعر صرف العملة المحلية في تونس إلى مستويات تاريخية جديدة هذا الأسبوع، مسجلا 2.1 دينارَيْن للدولار الأميركي و2.43 دينارَيْن لليورو، مع توقعات بمزيد من التراجع بفعل صعوبات جديدة على رأسها تفاقم عجز الميزان التجاري والارتفاع المرتقب لأسعار المواد الأولية المستوردة، وما يجنيه من ركود بالأسواق.
وبحسب بيانات رسمية للمعهد الوطني للإحصاء، شهد التبادل التجاري مع الخارج خلال الربع الأول من العام الجاري، انخفاضا في إجمالي الصادرات بنحو 3.3%، بينما ارتفعت الواردات بنحو 7.5%.
ويربط مراقبون تراجع قيمة الدينار إلى حالة عدم الاستقرار السياسي، التي تمر بها البلاد، في وقت تتزايد فيه المباحثات بشأن تشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة الحبيب الصيد، المتهمة بالفشل في معالجة الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
بينما يذهب شق آخر من المهتمين بالشأن المالي إلى أن تراجع قيمة الدينار مرتبط بإملاءات صندوق النقد الدولي، الذي قد يكون قد طلب من الحكومة خفض قيمة العملة المحلية مقابل الموافقة على القرض، الذي ستحصل عليه تونس بقيمة 5 مليارات دولار.
ويرى الخبير الاقتصادي والمالي، عز الدين سعيدان، أن تراجع قيمة الدينار التونسي لن يتوقف عند حدود المستويات المسجلة هذا الأسبوع، متوقعا تواصل صعود قيمة العملات الأجنبية مقابل انحدار الدينار.
وبيّن سعيدان، لـ “العربي الجديد”، تداعيات تراجع سعر الدينار على الميزان التجاري، متصورا أن قيمة العجز المقدرة حاليا بنحو نصف مليار دولار شهريا ستتفاقم.
ولفت إلى العلاقة الوثيقة بين قرض صندوق النقد الدولي وتراجع قيمة الدينار، مشيراً إلى أنّ صندوق النقد يفرض شروطا على البلدان التي يقرضها، من بينها فرض مشروع إصلاحي يتأكد من خلاله أن الأموال المقرضة تساهم في إخراج البلد المدين من المأزق الذي يعيشه.
وأوضح أنّه في حالة تونس، طلب صندوق النقد من الحكومة تعديل قيمة الدينار، فشرع البنك المركزي في تعديلها، وهو ما نتج عنه تراجع قيمته في غياب أي تدخل من المصرف المركزي لحماية العملة من الانهيار.
ويملك المصرف المركزي التونسي، وفق القانون المنظم لنشاطه، سلطة التدخل للسيطرة على أسعار صرف الدينار بهدف حماية الاقتصاد من التقلبات المفاجئة، التي يمكن أن تضر بالشركات المحلية.