Site icon IMLebanon

سكون السندات يجعل المستثمرين يشعرون بالضياع

JPMorgan
دان ماكرم وإيلين مور

يمكن إعادة تخيل أسواق السندات على أنها خرائط للوقت والمال: سر نحو المستقبل وينبغي أن يكون الأمر في ارتفاع، مع ارتفاع أسعار الفائدة كلما ابتعدت أكثر.

انظر حولك، وفي الماضي، ربما كانت هناك تلال ووديان تمثل التقييم المالي لبلدان مختلفة. اليوم، هناك ثبات كبير، مع انخفاض أجزاء كبيرة من الخريطة دون المكافئ المالي لمستوى سطح البحر: وهو مستوى الصفر.

وفقا لدويتشيه بانك، السؤال أمام المستثمرين بعد أسبوع من وصول متوسط العائدات لجميع السندات الألمانية إلى مستوى الصفر، هو مقدار مستوى الاستواء الذي يمكن للخريطة الوصول إليه. السندات الحكومية الألمانية لأجل تسع سنوات تقدم للمشترين عائدات سلبية، ما يعني ضمان تقلص رؤوس أموالهم مع مرور الزمن، في الوقت الذي انخفض فيه العائد على السندات لأجل عشر سنوات (الذي يراقب عن كثب) إلى مستوى قياسي جديد يوم الجمعة: تراجع إلى مجرد بضع نقاط أساس أعلى من الصفر، ما يعمل على سحب العائدات الخاصة بالسندات ذات الآجال الأطول معه. يقول بيتر جوفز، وهو مختص استراتيجي أوروبي في أسعار الفائدة لدى سيتي جروب: “التحركات مذهلة جدا. العائد على السندات الحكومية الألمانية لأجل 30 عاما عند 63 نقطة أساس يعد منخفضا جدا من منظور تاريخي”. ويواصل حديثه قائلا إن السبب هو مدحلة مالية ثقيلة على شكل برنامج لشراء الأصول من قبل البنك المركزي الأوروبي، يعرف باسم برنامج التسهيل الكمي. وفقا لهذا البرنامج، يشتري البنك كل شهر سندات تصدرها حكومات منطقة اليورو، ما يعمل على دفع العائدات إلى أدنى، التي تنخفض في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار.

لا يستطيع البنك المركزي الأوروبي شراء السندات بمجرد أن تنخفض عائداتها دون معدل الفائدة الذي يدفعه على سعر ودائع المصارف لديه، البالغ سالب 40 نقطة أساس، لذلك في الوقت الذي تصبح فيه السندات الألمانية ذات الآجال القصيرة غير مؤهلة، يتحرك مفعول السياسة بشكل أكبر عبر الخريطة، ما يفرض مزيدا من الضغط النزولي على الأسعار.

في الواقع، حسب بنك جيفريز إصدار السندات المحتمل حصوله هذا العام من قبل حكومات منطقة اليورو، وطرح السندات التي ستكون غير مؤهلة للشراء. ولأن البنك المركزي الأوروبي لا يمكنه شراء أكثر من ثلث أي إصدار، من المحتمل وفقا لتقديرات البنك الاستثماري، أن تكون هناك فترة قصيرة متبقية تعادل ثلاثة أشهر للسندات الألمانية المتاحة للشراء بالمعدل الحالي، البالغ نحو 20 مليار يورو شهريا، إذا لم تتغير القواعد.

وينسب “جيه بي مورجان لإدارة الأصول” الفضل للضغط الحاصل في المعروض من السندات الحكومية بأنه يحدث التفاقم في اتجاه العائدات الآخذة في الانخفاض. ويمكن أن يعمل برنامج شراء السندات الرسمي، المقرر أن ينتهي في آذار (مارس) 2017، على جعل البنك المركزي يمتلك خمس السوق بحلول العام المقبل.

يقول إيان ستيلي، مدير المحافظ في “جيه بي مورجان لإدارة الأصول”، إن الصندوق يتوقع أن يعمل برنامج التسهيل الكمي على إيجاد صافي إمدادات سلبية من السندات يعمل على تضييق الفارق ما بين عائدات السندات الإيطالية والإسبانية ومكافئاتها الألمانية. ويقول: “إن أكبر المستفيدين هي أسواق سندات الحكومات الأساسية”. ويضيف: “نحن واثقون بفوائد امتلاك السندات السيادية الطرفية في هذه البيئة”.

المستثمرون الراغبون في امتلاك أشكال آمنة من السندات الحكومية يجدون أن عليهم البحث عن هذه الأشكال الآمنة في السوق: يقول أندور بولز، كبير الاستثماريين الإداريين للدخل الثابت في شركة بيمكو: “تعتبر السندات الألمانية غير جذابة مطلقا مع تلك العائدات”. ويتابع: “من الواضح أن هناك لجوءا نحو الجودة، والسندات الألمانية أصبحت أصولا نادرة بينما يجري تمديد برنامج التسهيل الكمي”. وهذا لا ينطبق فقط على السوق الألمانية. وينسب بولز الزناد الذي أثار هذا الاندفاع في أسعار السندات الحكومية إلى بيانات الوظائف الضعيفة في الولايات المتحدة.

وأدى تباطؤ النمو في الوظائف إلى أن يتوقع المستثمرون أن يتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مسارا بطيئا صوب موجة الارتفاع الثانية في أسعار الفائدة لهذا العقد.

ويقول بولز: “سنشهد ما تفعله أرقام الوظائف في غضون شهر، لكن بالنسبة للوقت الراهن الأسواق تحتسب فرصة مخفضة لحدوث ارتفاع في أسعار الفائدة في تموز (يوليو)”. بالنسبة لأوروبا، ينبغي من حيث الشكل تأطير السؤال الذي ستبدو عليه الخريطة من دون تدخل البنك المركزي، بحسب ما يقول لورنس موتكين، الرئيس العالمي لاستراتيجية الأسعار لدى بنك بي إن بي باريبا.

ويضيف: “إذا نظرت إلى الأبحاث الأكاديمية المتعلقة ببرنامج التسهيل الكمي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ستجد أن حجم انخفاض عائدات السندات يراوح بين 70 إلى 100 نقطة أساس. عند مستوى الصفر، يكون هذا مكافئا لأن نقول إن القيمة العادلة لعائدات السندات الألمانية تبلغ نحو 1 في المائة”.

معنى ذلك أن الأسعار المنخفضة هي علامة على الشكوك حول ما إذا كانت الجهود التي يبذلها البنك المركزي كافية لإعادة التضخم في منطقة اليورو إلى الهدف المنشود، البالغ 2 في المائة. وتظل توقعات المستثمرين بحدوث التضخم على الأمد الطويل في منطقة اليورو متدنية ـ توقعات السوق حول المعدل الذي سيصل إليه التضخم خلال السنوات الخمس المقبلة هي فقط 1.4 في المائة.

ويتوقع بنك بي إن بي باريبا أن العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات سوف يتدنى إلى 20 نقطة أساس. وفي كل من سويسرا واليابان، حين وصلت العائدات على السندات لأجل 10 سنوات إلى الصفر، تبع ذلك زيادة استواء الخريطة مع تراجع العائدات على السندات لأجل 30 عاما.

يقول موتكين: “يبدو أن هناك تفضيلا ليس مستغربا بين المستثمرين لشراء السندات ذات العائدات الإيجابية بدلا من السندات ذات العائدات السلبية”.

بعض المشاركين في السوق لا يحبون الوقوف دون مستوى سطح البحر، لكن في الوقت الذي يواصلون فيه السير بحثا عن مستويات أعلى، تصبح أموالهم هي عامل التسوية الكبير.