كتب عمار نعمة في صحيفة “السفير”:
يتنفس العونيون الصعداء هذه الأيام.
يستمدون من تطورات الايام الماضية جرعة كبيرة من التفاؤل على طريق حلمهم في الرئاسة.
لا حديث لديهم اليوم سوى بقرب تربع زعيمهم «الجنرال» على عرش الرئاسة. ويذهب هؤلاء ابعد من ذلك في احاديثهم الخاصة، الى الحد الذي يتنبأ بحصول خرق بالغ الاهمية على هذا الصعيد في شهر رمضان، تأسيسا لحل رئاسي قبيل شهر آب المقبل!
لكن الى ماذا يستند هؤلاء في تفاؤلهم؟
لعل نتائج الانتخابات البلدية الاخيرة تعد على رأس تلك الاستدلالات.
لقد شكلت تلك الانتخابات، برأيهم، «صدمة» وأدت نتائجها الى تراجع ذي دلالة كبيرة في شعبية الرئيس سعد الحريري الذي لا يستطيع ادعاء تحقيق أي فوز مقنع في البلديات اللبنانية الكبرى كالعاصمة بيروت وعاصمة الجنوب صيدا، ناهيك عن الخسارة المعنوية الموجعة التي تلقاها في عاصمة الشمال طرابلس.
انطلاقا من هنا، يشير هؤلاء الى الموقع المتراجع للحريرية «التي فقدت الكثير من قدرتها البنيوية، وهو ما يعني الكثير في الجغرافيا السياسية في البلد»، ما سيؤدي بها الى مد اليد للخصم في سبيل التوصل الى تسوية نهائية للفراغ الرئاسي، وليس الكلام الاخير لوزير الداخلية نهاد المشنوق الذي ألمح الى رفع «الفيتو» الرئاسي عن العماد ميشال عون، وحديث النائب وليد جنبلاط باعتماد عون «إن كانت مصلحة لبنان تقتضي هذا الامر»، سوى المثلين القريبين على قرب وصول «الجنرال» الى مبتغاه.
بحسب العونيين، فإن الحريري سيجهد للملمة الصف الداخلي أولا، ثم الصف السني، وسيسهم في اعادة تكوين السلطة على قاعدة ارضاء المسيحيين. وفي اوساط العونيين اقتناع بصدق الرغبة السابقة للحريري بعون رئيسا، وبتكسر هذا الحلم على صخرة «فيتو» القيادة السعودية السابقة. أما الآن، ومع تلميح المشنوق الى سياسة سعودية جديدة، فإن معطياتهم حول «عمل دؤوب يجري لحل عقد الرئاسة لمصلحة الجنرال» تكتسب شيئا من المصداقية، حسب أوساطهم.
ومن تلك الاستدلالات ما يتحدث عنه العونيون حول غطاء دولي بات متوفرا لرئاسة عون، وثمة حديث عن حلحلة باريسية أبلغت الى الحريري، قوامها موافقة باريسية على وصول عون الى الرئاسة، في مقابل إيجابية إيرانية لوصول الحريري الى رئاسة الحكومة.
وتبدو خريطة الطريق واضحة بالنسبة الى العونيين، إنتخابات رئاسية توصل عون، تشكيل حكومة جديدة على رأسها الحريري، ومن ثم إقرار قانون للانتخابات يلحظ نسبية ما، يليه إجراء الاستحقاق النيابي في موعده.
هي أقصى تمنيات العونيين، لكن، في المقابل، ثمة ما ينفي تلك الفرضية كاملة، وفي جعبة بعض «المستقبليين» ما يشير الى ان ما يقال لدى العونيين لا يتعدى إطار التمنيات.
بالنسبة الى هؤلاء، فإن لا تشكيك في دعم الحريري لوصول زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الى الرئاسة.
ويستعرض «المستقبليون» المراحل التي مر بها هذا الترشيح، وما حكي في فترة ما عن عدم جدية الحريري به قبل ان يطرحه الاخير رسميا.. ليستمر هذا التشكيك ولا يتوقف!
اليوم، يقول هؤلاء ان الحريري لا يزال مستمرا في هذا الترشيح، ولا تراجع عنه، خاصة وان هذا الترشيح جاء بعد مراجعة عميقة اجراها الحريري للمرحلة التي سبقت والتي شابتها خصومة اقتربت من العداوة بين الحريري وفرنجية.
ويؤكد أصحاب هذه الفكرة ان لا جديد على سياسة عون لكي يتم اعتماده رئيسا، «فهو مستمر في سياسة التعطيل الرئاسي كما في حلفه اللصيق مع حزب الله الذي يشل البلاد ويمنع عقد جلسات الانتخاب، وهو الذي يورط لبنان في الحروب..».
في موازاة ذلك، لا زال طرح «المستقبليين» على حاله في الدعوة الى جلسة لانتخاب الرئيس «وأي رئيس يحوز على أكبر عدد من الأصوات يتم إنتخابه». وان كان ثمة إقرار في تلك الأروقة ان حل المعضلة الرئاسية مرتبط بالعقدة الاقليمية، وخاصة الحرب في سوريا، التي لا أمل قريبا بالخروج من دوامتها.