Site icon IMLebanon

جمال مهربة تُذبح في البقاع .. بلا رقابة

camelbekaa
لوسي بارسخيان

قبل أيام، صار هروب جمل من أمام ملحمة على مفرق المرج– الفيضة في البقاع، قصة كل من يعبر الطريق يوميا ويرى الجمال تذبح. فرغم أنها عادة غذائية أساسية حملتها معها المجتمعات السورية النازحة إلى قرى قضاء زحلة، لم يتقبل أهالي المنطقة حتى فكرة تناولها، فشجع بعضهم الجمل الهارب لينجو بحياته من أمام الملحمة التي صارت علامة فارقة لبيع لحم الجمال.

هذه الملحمة التي صارت أكثر شهرة في ذبح الجمال منذ أربعة أشهر كما يقول صاحبها، لم تعد وحيدة، فقد انضمت إليها “ملاحم عدة في برالياس والمرج ومفرق دير زنون وغزة وغيرها من البلدات التي يقيم فيها النازحون السوريون.

يوازي سعر لحم الجمل سعر الغنم الأغلى ثمنا، مع ان إستخداماته في الطعام تكاد تنحصر بالكباب بشكل أساسي. وانما “لحم الجمل أوصي بتناوله شرعا” كما يقول أحد العاملين السوريين في الملحمة، شارحاً “أن السوريين معتادون على طعمه الحامض ومقتنعون بأن تناوله لمرة في الشهر، مفيد جسدياً وكفيل يتقوية النخوة والالفة بين الناس، وخصوصا بين الزوجين”.

في محاولة لتتبع مصدر لحم الجمل الذي بات متوفراً بسهولة في سوق البقاع، يؤكد رئيس دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة الياس إبرهيم لـ”المدن” أن “كل عملية استيراد للحوم الحية في لبنان تتم بموجب اتفاقيات معقودة مع الدول المصدرة، بعد الاتفاق على الشهادة الصحية التي تصاغ بناء لدراسة بيئية للبلد المصدر والفحوصات الإلزامية مثل فحوصات للحمى المالطية والتسمم الدموي. ما ينطبق على اللحوم الحية المستوردة كلها، ومن ضمنها الجمل اذا تم استيراده شرعياً، وعلى كل الحدود اللبنانية سواء البرية أو البحرية أو الجوية.

ويجزم إبرهيم أن لا إتفاقية معقودة بين لبنان وأي دولة لاستيراد الجمل، ما يعني أن السوق اللبنانية يجب أن تكون خالية منه، مستنتجاً وصول هذا الحيوان إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا. ويرجح أن التهري يتم عبر معابر لبنان الشمالية الأقرب إلى المحافظات السورية التي تباع فيها المواشي بأسعار أقل كحماه وغيرها.

ويلفت العديد من العاملين في قطاع المواشي إلى أن كل جمل في لبنان و95% من رؤوس الأغنام الموجودة في المزارع خاضعة لمنظومة تهريب تعلم بها الدولة اللبنانية وتغض عنها النظر، حتى لو كان ذلك يخرق النظام الصحي المتشدد الذي يحصن الثروة الحيوانية اللبنانية من الأوبئة والأمراض المنقولة إليها من دول المنشأ، تاركة الأمر لما يعول عليه التجار من تشابه في الظروف البيئية والصحية المحيطة بمزارع سوريا.

ولا تعترف وزارة الزراعة اللبنانية، وفق مصادرها، بكل ما هو مهرب، وبالتالي تحرم المهرب من الأغنام من اللقاحات التي توزع مجاناً على ما يستورد شرعياً، من دون أن تصل إلى حد ملاحقة المهرب، إلا إذا ارتفعت صرخة من هنا او هناك، وآخرها صرخة منتجي الحليب، حيث تحركت فرق وزارتي الزراعة والإقتصاد نحو بعض المزارع باحثة في بيانات رؤوس الغنم والماعز الشرعية فيها، وصولاً إلى مصادرة بعضها.

أما بالنسبة للجمل، فلا يبدو أن هناك من لاحظ على المستوى الرسمي وجوده المتكاثر في الأراضي اللبنانية، ولم يسجل سوى تحرك محدود من قبل طبابة قضاء زحلة باتجاه إحدى الملاحم، بسبب شكوى من الفوضى التي يتسبب بها ذبح الجمل أمام الملحمة وإغراق الطريق العام بالدم. فقام موظفو الوزارة كما تؤكد مصادرهم بواجبهم في حماية الأملاك العامة من الأوساخ الناتجة عن الذبح، ولكن من دون التحقق من مصدر الجمل.

ويشير طبيب قضاء زحلة وليد عبده لـ”المدن” إلى الحاجة إلى مسالخ في القضاء، وإلى تعيين أطباء بيطريين يكشفون على المواشي ويتحققون من بياناتها قبل ذبحها، على أن تتابع فرق وزارة الصحة العمل بالنسبة إلى مراقبة شروط الصحة العامة اللاحقة ونظافة الذبيحة وطريقة نقلها، ثم عرضها في الملاحم. علماً أن معظم الملاحم في البقاع تعمل من دون ترخيص رسمي. وقد أُضيف إليها مؤخراً ملاحم أنشأها السوريون بأسماء مؤجريهم اللبنانيين، وسط فلتان.