قدر مصرف «سبير بنك» الروسي خسائر الاقتصاد الوطني نتيجة الجريمة عبر الإنترنت والقرصنة بمبلغ قدره 600 مليار روبل روسي، أي ما يوازي نحو 9.06 مليار دولار أميركي.
وأكد ستانيسلاف كوزنيتسوف، نائب رئيس مجلس إدارة المصرف، أن «عدد الحوادث في مجال الأمن المعلوماتي ارتفع خلال العامين الماضيين بقدر 12 مرة. وخلال العام الماضي تم تسجيل 43 ألف جريمة مالية عبر الإنترنت في روسيا»، معربًا عن اعتقاده بأن «هذا المؤشر الرسمي لذلك النوع من الجرائم أقل مما هي في الواقع»، وأن «روسيا تتأخر كثيرًا عن الدول الأخرى في مجال مواجهة الجريمة عبر الإنترنت، وذلك بسبب التشريعات الضعيفة في هذا المجال»، حسب قوله. لافتًا إلى أن البنك المركزي والحكومة الروسية يعملان حاليًا على إضافة تعديلات إلى التشريعات في هذا المجال، بغية تحسين شروط التصدي للجرائم عبر الإنترنت.
ونظرًا لخطورة هذه الظاهرة وسرعة انتشارها في روسيا، كانت الجريمة المالية (الاقتصادية) عبر الإنترنت وسبل مواجهتها موضوعًا رئيسيًا خصصت له الحكومة الروسية جلستها مؤخرًا. وخلال تلك الجلسة، قال رئيس الحكومة الروسية دميتري مدفيديف إن «النصابين» يهاجمون «المحافظ الإلكترونية» والحسابات المصرفية للمواطنين، فضلاً عن حسابات المؤسسات الحكومية والشركات التجارية، محذرًا من أن «عدد هذا النوع من الجرائم آخذ بالارتفاع»، وأن «أهداف هجمات القراصنة لا تقتصر على سرقة الأموال فقط، بل ترمي إلى زعزعة الثقة بالمؤسسة المالية لإفشال فعاليات تكون غاية في الأهمية». وبعد إشارته إلى أن «الخبرة والقوى ما زالت غير كافية لمواجهة هذه الظاهرة»، أعرب مدفيديف عن يقينه بأن «التصدي بصورة أحادية لهذه الجريمة أمر غير ممكن، وضمان الحماية من الهجمات في الإنترنت أمر مكلف جدًا»، لذلك يرى رئيس الحكومة الروسية ضرورة تشكيل بنى تحتية وأرضية تشريعية قانونية مناسبة للحد من هذا النوع من الجريمة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن «الحكومة والبنك المركزي قد اتخذا عدة خطوات في هذا المجال، بما في ذلك إنشاء مركز للتصدي للهجمات الإلكترونية»، مضيفًا بهذا الخصوص أن «سبير بنك لديه أساليب وآليات في مجال التصدي لهذه الجرائم، قد يمكننا الاستفادة منها»، وهو ما أكده غيرمان غريف، رئيس «سبير بنك»، مبديًا استعداده لتقديم خدمة خاصة متوفرة لديهم تقوم بمراقبة الهجمات الإلكترونية «أون لاين»، والتصدي لها على الفور. بالتزامن مع ذلك يسعى البنك المركزي الروسي للحصول على الحق القانوني بتنظيم المسائل المتعلقة بضمان الأمن المعلوماتي للسوق المالية في البلاد، وذلك بالتعاون مع اللجنة الفيدرالية للرقابة التقنية وهيئة الأمن الفيدرالي. وأشار ستانيسلاف كوزنيتسوف إلى أن شركة «سبيرتيخ» التابعة للبنك المركزي تعمل حاليا على افتتاح مختبر خاص بالأمن المعلومات والهجمات عبر الإنترنت، سيعمل على تصميم برمجيات تضمن الأمن المعلوماتي على نطاق واسع للمؤسسات المالية.
وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الروسي تكبد العام الماضي (2015) خسائر قدرها 203.3 مليار روبل روسي (أكثر من 3 مليارات دولار)، أو 0.25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة الجرائم المالية عبر الإنترنت وهجمات القراصنة. وتشير دراسة أعدتها شركة ميكروسوفت بالتعاون مع صندوق تطوير الإنترنت في روسيا إلى أن الخسائر المالية المباشرة بلغت 123.5 مليار روبل (1.86 مليار دولار)، بينما تم إنفاق 79.8 مليار روبل (1.2 مليار دولار) لمواجهة النتائج التي خلفتها الهجمات عبر الإنترنت في القطاع المالي.
وترى مارغريتا زوبينا، الباحثة من المدرسة العليا للاقتصاد، أن «الخسائر التي تنجم عن الهجمات عبر الإنترنت في القطاع المالي لا تقتصر على الخسارة المالية المباشرة لقطاع الأعمال والاقتصاد الوطني بشكل عام، بل تؤدي تلك الهجمات إلى كبح حركة التطوير والتحديث»، موضحة أن «الشركات، وفضلاً عن الخسارة المالية المباشرة، تضطر للإنفاق على الحد من نتائج القرصنة، وتستخدم لهذا الغرض مواردها المخصصة للاستثمارات والتطوير»، وما يدعم هذه الرؤية معطيات روسية رسمية تفيد بأن الجريمة المالية عبر الإنترنت تسببت بخسارة 22.8 في المائة من إجمالي الموارد المخصصة من الموازنة الروسية لتمويل الأبحاث والدراسات، والتي تساهم نتائجها في التطوير والتحديث في شتى المجالات.