يقول مسؤولون إيرانيون ومصرفيون أجانب إن إيران تستعيد تدريجيا علاقاتها مع بقية العالم من خلال مد الروابط مع المؤسسات الأجنبية الصغيرة حيث مازالت البنوك العالمية الكبرى محجمة نظرا للمخاطر القانونية.
ومنذ رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي في يناير كانون الثاني مازالت البنوك الدولية الكبيرة مبتعدة عن العمل مع طهران خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية المتبقية بخصوص مسائل مثل غسل الأموال. وأبطأ ذلك الجهود التي تبذلها طهران لاستئناف تجارتها الخارجية وجذب الاستثمارات.
لكن المسؤولين والمصرفيين يقولون إن إيران بدأت في الأسابيع القليلة الماضية في كسر عزلتها المالية من خلال قنوات مصرفية أجنبية عبر مؤسسات صغيرة تمارس معظمها أنشطة قليلة في الولايات المتحدة أو ليس لها أنشطة على الإطلاق هناك ولذا فإنها تشعر بانكشاف قانوني أقل عندما تتعامل مع إيران.
وقال البنك المركزي الإيراني بالبريد الإلكتروني ردا على أسئلة لرويترز “بدأ نحو 200 بنك أجنبي صغير ومتوسط علاقات مراسلة مع البنوك الإيرانية.”
وقال مصرفيان أجنبيان في الخليج طلبا عدم الكشف عن هويتهما نظرا للحساسيات التجارية إن هذا العدد يتفق تقريبا مع ما يتوافر لديهما من معلومات عن حجم العلاقات المصرفية الإيرانية في الوقت الحاضر.
وحين كانت العقوبات النووية قائمة استخدمت الشركات الإيرانية وسائل مثل تحويل الأموال من خلال مكاتب الصرافة والمقايضة لممارسة التجارة إلا أنها كانت طرقا مكلفة وتستغرق وقتا أطول ولا يمكن التعويل عليها في بعض الأحيان. وتجعل القنوات المصرفية الطبيعية التجارة أكثر يسرا من خلال خفض التكلفة وتقليص المخاطر.
ولا تستطيع البنوك الأصغر حجما أن تقدم تمويلا يضاهي المؤسسات العالمية الكبرى وربما تعرض نطاقا أضيق من الخدمات. لكن أنشطتها تبدو داعمة لإحياء تدريجي للتجارة بين إيران وأوروبا.
وقالت فيديركا موجيريني منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إن التجارة بين الاتحاد وإيران زادت 22 بالمئة في الأربعة أشهر الأولى من العام لكنها تظل أقل كثيرا من مستوياتها قبل العقوبات. وهبطت التجارة الثنائية 72 بالمئة من 2011 إلى 7.7 مليار يورو (8.6 مليار دولار) العام الماضي.
وأبلغ جيوفاني كاستيلانيتا رئيس وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية رويترز أن بعض البنوك الأوروبية الصغيرة التي لا تمارس أنشطة مع الولايات المتحدة بدأت في إجراء معاملات مع إيران لتعزيز التجارة.
وتقوم البنوك الإيرانية الآن بفتح حسابات وخطابات ائتمان لدى البنوك الأجنبية وتمارس “تحويلات العملة في صورة إصدار أوامر دفع لخدمات النقد الأجنبي والواردات” حسبما قاله البنك المركزي الإيراني.
وأضاف البنك المركزي أن إيران أقامت علاقات مصرفية رئيسية مع مؤسسات في آسيا وأوروبا ومع مؤسسات في الأمريكتين وأفريقيا بدرجة أقل.
البنوك الغربية
كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قال الشهر الماضي إن البنوك الأوروبية الكبرى ليس لديها ما تخشاه من استئناف الأنشطة مع إيران ما دامت تتأكد من أن شركائها التجاريين ليسوا تحت طائلة العقوبات الأمريكية المتبقية.
لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال يوم الثلاثاء إن هناك “بقايا نفسية” للقيود على إيران مازالت تعرقل النشاط وإن على واشنطن أن تفعل المزيد لتشجيع البنوك على التعامل مع إيران.
وقال المركزي الإيراني في بيانه لرويترز “رغم إبداء الاهتمام بالتعاون مع إيران وإقامة علاقات مراسلة فإن البنوك الكبرى تؤجل تطبيع العلاقات إلى المستقبل.
“يخشون بشكل رئيسي من فرض عقوبات جديدة حيث أن العقوبات الأصلية (الأمريكية) مازالت قائمة. يخشون أيضا من تعرضهم لغرامات من جانب الولايات المتحدة.”
ورغم ذلك قال البنك المركزي إن البنك الأوروبي الإيراني في ألمانيا وبنكي مديوبنكا وبنكا بوبولاري دي سوندريو الإيطاليين من بين المئتي بنك التي لها علاقات مع إيران.
وقال متحدث باسم البنك الأوروبي الإيراني الذي تملك مصالح إيرانية حصة الأغلبية فيه “يقوم البنك بالمعاملات الخاصة بجزء كبير من خطابات الائتمان الأوروبية ويمنح المصدرين الأوروبيين أداة مالية ملائمة لتحصيل أموالهم من العملاء الإيرانيين.”
وأضاف المتحدث أن البنك يقوم أيضا بتقديم خطابات ائتمان تغطي بين 180 و360 يوما مع المدفوعات الآجلة للأنشطة مع إيران إضافة إلى خدمات مصرفية أخرى بين طهران وأوروبا.
وقال مصدر مطلع لرويترز إن مديوبنكا الذي لديه صلات تجارية مع إيران يرجع تاريخها إلى عام 1952 ومكتب في طهران يتطلع إلى فرص هناك تتضمن خصخصة الشركات والاستثمارات والإقراض وأنشطة سوق الدين.
وقال مصدر مطلع آخر لرويترز دون إسهاب إن بنكا بوبولاري دي سوندريو لديه فريق في إيران ويعمل هناك.
وقال المركزي الإيراني إن بنك مسقط العماني من بين البنوك التي تعمل مع إيران. ولم يرد بنك مسقط الذي حصل على الموافقة في أبريل نيسان لفتح مكتب تمثيل في إيران على طلبات للتعليق.
وترى البنوك أن المعاملات بالدولار الأمريكي مع إيران تنطوي على مخاطر على وجه الخصوص لأن العقوبات الأمريكية المتبقية تحظر التعامل مع إيران بالدولار وتمنع طهران من التعامل من خلال نظام نيويورك المالي.
ولذا تجري المعاملات بحسب البنك المركزي الإيراني بعملات أخرى من بينها اليورو والليرة التركية والين الياباني واليوان الصيني والروبل الروسي والوون الكوري الجنوبي.