Site icon IMLebanon

لبنان في سباق المعرفة

knowledge
حسن يحي

مع الأزمات التي تعصف في الإقتصاد اللبناني، لا بد من القيام بخطوات تدعمه وتطوره وتحيده عن التجاذبات السياسية والأمنية التي تحيط به من كل صوب. وللغاية، قرر المصرف المركزي عبر التعميم رقم 331 دعم قطاع المعرفة في محاولة لتوجيه رأس المال الموجود وبكثرة، نحو استثمارات مثمرة، تحوّل لبنان مركزاً من مراكز التكنولوجيا في المنطقة.

ويعمد هذا التعميم إلى تشجيع المصارف اللبنانية أو العاملة على الأراضي اللبنانية لاستثمار 3% من الاحتياطات المالية الموجودة في مصرف لبنان في شركات تندرج ضمن خانة قطاع المعرفة. هذا التشجيع سيخلق، وفق المدير القطري “للمركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي” “Uk tech hub” نديم زعزع، نحو 450 مليون دولار أميركي من الاستثمارات في هذا القطاع. إضافة إلى ملايين الوظائف التي تساعد في الحد من هجرة الأدمغة التي تُعد رأس المال الأبرز للبنان.

ويقوم المصرف المركزي بتغطية 75% من الاستثمار الذي استثمرته البنوك في حال فشل المشروع أو الشركة الممولة، في حين أنه يحصل على نسبة 50% بالتوازي مع المصرف في حال نجاح المشروع الممول. ما اعطى ضمانة للمصارف للاستمار، وتخفيف نسبة المخاطرة.

ويعتبر زعزع في حديث مع “المدن”، أن التعميم والقرارات المرتبطة بقطاع المعرفة أحدثت فورة إيجابية في لبنان، وخصوصاً أن لبنان يمتاز بمقومات تخوله النجاح في هذا المضمار، أبرزها النظام الاقتصادي والسياسي الذي يسمح بالمبادرة الفردية ويشجع عليها، بالإضافة إلى النظام التعليمي الذي يسهم في إنتاج مجتمعاً منفتحاً على مختلف أنواع الثقافات.

ولكن السؤال الذي يُطرح في هذا الاطار، هو هل يمكن منافسة المراكز التكنولوجية الموجودة في المنطقة، وخصوصاً مع وجود مركز في فلسطين، تصعب مضاهاته، إن من ناحية الاستثمارات أو من ناحية الابتكار، بالإضافة إلى دبي التي أصبحت في مرحلة لا يستهان فيها في هذا المجال. ومن المؤكد أن منافسة فلسطين غير ممكن، على الأقل في المرحلة الحالية أو القريبة، خصوصاً أن قطاع التكنولوجيا هناك يعتبر ثاني أهم قطاع تكنولوجي في العالم بعد “سيليكون فالي” في الولايات المتحدة، نظراً لوجود رؤية حكومية تشجع الاستثمار في هذا القطاع.
ويؤكد زعزع إمكانية منافسة دبي، إذ إن لدى لبنان نقطة قوة أساسية في تركيبة هذا القطاع، تتمثل في الموارد البشرية. فرغم الاستثمارات الهائلة والبنية التحتية المؤهلة لقطاع التكنولوجيا في دبي، إلا أن لديها ضعفاً في الموارد البشرية واليد العاملة المحلية.

ونظراً إلى امتلاك لبنان المهارات البشرية ورأس المال، فإن المرحلة الأصعب من عملية النهوض بالقطاع قد أُنجزت. ما يُبقي بعض الخطوات الرئيسة التي من شأنها تغيير ملامح القطاع في لبنان. ولهذه الغاية، يعمل المركز الذي يرأسه زعزع على تمكين لبنان للمنافسة في الأسواق العالمية، عبر مبادرات ومساعدات تُمكن الشركات الناشئة في الوصول إلى تلك الأسواق.

ويهدف المركز إلى تطوير هذا القطاع من خلال العمل على ثلاثة مستويات: تطوير الأفراد من خلال دخول المدارس والجامعات وزيادة نسبة الوعي، تنظيم مسابقات دورية للتشجيع على الابتكار، وافتتاح أكاديمية التكنولوجيا مطلع العام 2017.

وإضافة إلى تطوير الأفراد، يعمل المركز على تطوير الأسواق من خلال إدخال التكنولوجيا إليها وخصوصاً في قطاع مبيعات التجزئة، والشركات من خلال التوعية على طرق إدارة الشركات.

ويشير زعزع إلى وجود بعض العوائق التي تقف بوجه إطلاق هذا القطاع إلى المستوى العالمي. فوفق زعزع هناك أهمية لتطوير قانون الإفلاس لحماية الشركات الناشئة وأصحابها من “اليأس” الذي قد يصيبها جراء الفشل. وهناك أيضاً مشاكل الانترنت، والبيروقراطية الإدارية، وخصوصاً في مجال “إنشاء الشركة”. ويذكر بأن عملية إنشاء الشركة تتطلب 48 ساعة في دبي.

وعلى عكس القطاعات الانتاجية اللبنانية، يشهد هذا القطاع منذ عقد نمواً ملحوظاً، يزيد عن 7% سنوياً، مدعوماً بتعاميم المصرف المركزي والرؤية التي وضعها لتطوير القطاع، وإصرار شبابي واسع ضمن العاملين في القطاع وضمن الداخلين إليه حديثاً.

ولكن ما يميز القطاع هو أنه لا يعمل منفصلاً عن القطاعات الأخرى، بل يعمد إلى دخولها والتكامل معها للنهوض بها. وفي السياق، يدعو زعزع إلى الالتفات إلى أهمية دخول هذا القطاع إلى قطاع المصارف، على سبيل المثال، كونه القطاع الأكثر صلابة في لبنان. ويشير إلى أن التكنولوجيا المصرفية يُمكن أن تزيد أرباح المصارف اللبنانية وتوسع أسواقها.