IMLebanon

الحكومة تترنّح… ولا تقع!

salam-gov..

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لم تكن بيروت استفاقت من “الصدمة” الأمنية – المصرفية التي شكّلتها عملية التفجير التي استهدفت المقر الرئيسي لبنك “لبنان والمهجر” في فردان (مساء الأحد)، حتى “عاجَلَ” حزب الكتائب اللبنانية حكومة الرئيس تمام سلام بـ “قنبلة” سياسية بإعلان استقالة وزيريْه سجعان قزي وآلان حكيم منها.

واذا كانت “عملية فردان” تتداخلُ في حيثياتها كلُّ تعقيدات قانون العقوبات الأميركي الرامي التي تجفيف المنابع المالية لـ “حزب الله” والذي وضع العلاقة بين الحزب والقطاع المصرفي اللبناني على “خطوط التوتر العالي”، فإن استقالة وزيريْ الكتائب بدت وكأنها تختصر كل “مكوّنات” الأزمة السياسية التي يعلق لبنان “في عنقها” منذ بدء “عهد” الشغور في سدة رئاسة الجمهورية في 25 ايار 2014 والتي تتشابك مع “قوس” الأزمات المشتعلة في المنطقة ولا سيما الحرب السورية.

وفيما انتقل ملف العقوبات الاميركية على “حزب الله” الى دائرة “الكوْلسة” لبنانياً على وهج تفجير فردان الذي جاءت رسالته بـ “تشفيرٍ” بسيطٍ ومباشرٍ، كرر وزير الداخلية نهاد المشنوق الإشارة اليه بقوله إن هذا التفجير “لا يشبه حوادث التفجير التي سبق للبنان أن شهدها، ولا يمكن القبول بأن تصبح المصارف رهائن لأسباب سياسية”، فإن إعلان رئيس “الكتائب” سامي أمين الجميّل ليل الثلاثاء (من مقرّه في الصيفي) استقالة وزيريْ الحزب وترْك الحرية لوزير الإعلام رمزي جريج (غير الملتزم حزبياً والذي قرّر البقاء في الحكومة) أحدثتْ صخباً سياسياً باعتبار انها عمّقت “جراح” الحكومة التي ورثت صلاحيات رئيس الجمهورية والتي تعيش استنزافاً مستمراً في ضوء آلية عملها “الإجماعية” التي حملت في ذاتها بذور تعطيلها.

ورغم ان “الكتائب” وضع خطوة الاستقالة في سياق رفض “ان نكون شهود زور” على مجمل الأداء الحكومي وعلى منطق الصفقات وملف النفايات والاتجاه للتمديد لنائب مدير جهاز امن الدولة العميد محمّد الطفيلي وما يحصل من تهجم على المصارف، فإن أوساطاً سياسية بدت جازمة عبر “الراي” في تأكيد ان انسحاب الوزيريْن قزي وحكيم من الحكومة لن يغيّر حرفاً في المسار السياسي الداخلي او يُحدِث اي خرق في جدار الأزمة الكبرى التي يشكّل التعثّر الحكومي واحداً من “عوارضها”، والتي تتمثّل في الفراغ الرئاسي الذي استجرّ ايضاً شللاً في عمل البرلمان.

وفي حين اعتبرت هذه الأوساط ان ما أقدم عليه “الكتائب” يتصل أكثر بحسابات ذات صلة بالشارع المسيحي ولعبة المزايدات فيه وملاقاة المزاج الشعبي الذي عبّرت عنه الانتخابات البلدية حيث حقق “الكتائبيون” نتائج جيدة يرغبون في البناء عليها لدخول مرحلة الانتخابات النيابية في ايار 2017 متحررين من “أثقال” الفشل الحكومي، فإنها حذّرت من ان كثرة توجيه “الضربات” للحكومة من “داخل بيتها” من شأنه ان يعرّض مجمل الواقع اللبناني الى مخاطر جمة ولا سيما ان هذه الحكومة تشكّل “الدرع الواقي” المؤسساتي الأخير امام سقوط البلاد في الفراغ القاتل بما يسهّل الدفع نحو خيارات “تأسيسية” يمكن ان تطيح بمجمل التركيبة اللبنانية بتوازناتها الطائفية والمذهبية الحالية.

وأكدت الأوساط نفسها، ان استقالة قزي وحكيم، بعد نحو اربعة أشهر من استقالة وزير العدل اللواء اشرف ريفي، وإن كانت لن تفضي الى الإطاحة بالحكومة اذ يبقى النصاب الدستوري العددي لالتئامها متوافراً (مؤلفة من 24 وزيراً ولا تسقط الا باستقالة أكثر من الثلث او رئيسها) كما “النصاب الميثاقي” في ظل تمثُّل استمرار المسيحيين بوزراء العماد ميشال عون ومستقلين، الا انها تضع حكومة سلام امام محاذير اضافية أبرزها اهتزاز الغطاء المسيحي الوازن لها (ولا سيما ان “القوات اللبنانية” غير ممثلة فيها اصلاً) وتوازنها الطائفي، والأهمّ محض العماد عون عنصر ضغط اضافياً يمكن ان يستخدمه في “معاركه” داخل مجلس الوزراء باعتبار انه بات يتحكّم بورقة التمثيل المسيحي و”مفتاح الميثاقية” طوال الفترة المتبقية من عمر الفراغ.

وبدا واضحاً ان استقالة وزيريْ الكتائب، التي لم تكن وصلت الى رئاسة الحكومة خطياً حتى بعد ظهر امس، ستلقى المصير نفسه لاستقالة ريفي، اي تعذُّر بتّها لعدم وجود رئيس للجمهورية، وسط ترجيح ان تُترجم خطوة سحب قزي وحكيم من الحكومة بانقطاعهما عن حضور جلسات مجلس الوزراء مع عدم استبعاد استمرارهما في تصريف الأعمال وتوقيع المعاملات العائدة لوزارتيْهما.

وعشية الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء اليوم الخميس والتي بدأت تحاصرها “رياح ساخنة” تهبّ من ملف سدّ جنّة والخلاف على مدى مطابقته للمعايير البيئية وشروط السلامة كما من ملف جهاز “امن الدولة” وسط ارتفاع منسوب “التحذير” المسيحي من اي تمديد لنائب الرئيس (الشيعي) العميد محمد الطفيلي (يحال على التقاعد في 26 الجاري وهو على خلاف مع رئيسه المسيحي اللواء جورج قرعة)، قابل الرئيس سلام الانتكاسة الجديدة لحكومته باستقالة وزيريْن جديديْن منها معبّراً عن “إنزعاجه الشديد من موقف الكتائب في هذه الظروف الدقيقة والصعبة التي تمر بها البلاد”، معتبراً أن “الوقت غير مؤاتٍ للقيام بمثل هذه الخطوة”.

ونقل وزير الاتصالات بطرس حرب عن سلام أنه يشعر بـ “القرف” وانه في حالة انزعاج كبيرة ويشعر بأننا أسرى في سجن السلطة لأنه لا يوجد رئيس للجمهورية ليفتح باب السجن، وبالتالي فنحن مسجونون ونعاني ما يعانيه المسجون الذي يضطر إلى أن يبقى في موقعه وفي تحمّل مسؤولياته”.