كشفت مصادر مطلعة لـ”الأخبار” أن تيار “المستقبل” وافق على إعفاء رئيس هيئة “أوجيرو” عبد المنعم يوسف من مهماته، وباشر في إعداد ترشيحات لبدلاء له. وقالت إن الرئيس سعد الحريري اطّلع من النيابة العامة التمييزية على معطيات ترفع نسبة الاشتباه بتورط يوسف في مخالفات كثيرة، من بينها ما يتعلق بملف الإنترنت غير الشرعي.
وأوضحت المصادر أن “المستقبل” كان قد رفض البحث في الأمر “تحت الضغط”، وأن رئيس كتلة نواب التيار الرئيس فؤاد السنيورة، كان أبرز المتشددين في الدفاع عن يوسف، ليتبين لاحقاً أن حرصه ليس على يوسف نفسه، بل بهدف التوصل إلى اتفاق مع بقية الأطراف على مرشح بديل يختاره “المستقبل”، وأنه يحبّذ ترشيح أحد مستشاريه، نبيل يموت، لهذا المنصب.
وبحسب المصادر، فإن مسؤولين في “المستقبل” أجروا جسّ نبض لقوى سياسية بارزة حول ترشيح يموت، لكنهم واجهوا اعتراضاً حازماً، ما دفع إلى البحث عن أسماء جديدة. وعُلم في هذا السياق أن “بيت الوسط” تلقّى في الأيام الماضية سِيَراً ذاتية عدة لمرشحين محتملين، وعُلم أن قيادات شمالية في التيار تصرّ على أن يكون بديل يوسف من الشمال، بعد تسريبات بأن الحريري قد يسمّي للمنصب مهندس اتصالات من إقليم الخروب.
المعلومات عن يوسف التي اطلع عليها الحريري عُرضت أيضاً على أكثر من جهة، من بينها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، لكن المصادر أشارت إلى أن “المستقبل” وافق على إعفاء يوسف شرط عدم ملاحقته قضائياً، عبر تسوية تتضمّن الاكتفاء بالتحقيقات التي جرت في ملف الإنترنت غير الشرعي، وعدم التوسع نحو ملفات قد تسبّب مشكلات قانونية ليوسف ولأصحاب تلفزيون “المر. تي. في.”.
لكن المصادر نفسها قالت إن وزير الاتصالات بطرس حرب، يرفض أي تسوية في هذا المجال، وأنه أبلغ الجهات كافة، بما في ذلك النيابة العامة، إصراره على متابعة التحقيق حتى النهاية بصرف النظر عن هوية المتورطين، وأنه سيمنح إذناً بملاحقة أي موظف يثبت التحقيق تورطه. ونقل عن حرب قوله: “لا أتحمل أن يقال لاحقاً إنه تمت لفلفة ملفات جنائية خلال عهدي”.
وعلمت “الأخبار” أن معالجة ملف “أوجيرو” لن تقف عند إعفاء يوسف من مهماته، بل سيصار إلى مراجعة كل الملف الإداري لهذه الهيئة ولعدد غير قليل من الموظفين الرفيعي المستوى الذين كانوا يشكلون فريق عمله، والتدقيق في كل ما يقومون به لاتخاذ القرار بشأن مستقبلهم الوظيفي، خصوصاً أن هناك اتهامات لبعض هؤلاء بإخفاء معلومات حول المخالفات الكبيرة في الهيئة خلال السنوات الماضية.
من جهتها، ذكرت صحيفة “السفير” ان وبرغم أن التحقيقات في فضيحة الانترنت غير الشرعي لم تصل بعد إلى نتائج نهائية، إلا ان الانجاز الأهم الذي تحقق حتى الآن هو إبقاء القضية حيّة في مواجهة عامل الزمن من ناحية، ومحاولات اللفلفة من ناحية أخرى، خلافا للتقليد اللبناني المعروف، وهو طي الملف تلو الآخر بعد إلصاقه بـ”مجهول”.
وبهذا المعنى، تميزت جلسة لجنة الإعلام والاتصالات النيابية التي عقدت الاربعاء 14 حزيران برئاسة النائب حسن فضل الله، بزخمها وديناميتها، من دون أن تصاب بعوارض “مرور الوقتط، من وهن أو استرخاء، أقلّه حتى الآن، على أن تعود إلى استئناف نشاطها بعد عيد الفطر، فيما استرعى الانتباه قول وزير الدفاع سمير مقبل إن الحقيقة ستظهر كاملة خلال شهر ونصف الشهر.
ومع كل جلسة جديدة للجنة يتكشّف المزيد من الحقائق التي كانت تخفيها مغارة الانترنت غير الشرعي وتفرّعاتها، وتتحرك أكثر فأكثر المياه الراكدة في جوف تلك المغارة التي لم تلفظ بعد كل ما تخفيه، في انتظار ان ينجز القضاء عمله.
وطُرح خلال الاجتماع ما أثارته “السفير” بشأن مصير تحقيق شعبة المعلومات في فرضية الخرق الإسرائيلي للانترنت غير الشرعي، فأوضح مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أنه تسلم التقرير وضمّه إلى تقرير مخابرات الجيش، مشيراً إلى أن خلاصة التقريرين مشتركة وهي أن فرضية التجسس الإسرائيلي لم تثبت.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر نيابية لـ”السفير” إن “هناك قطبة مخفية في هذا الجانب، مشيرة إلى وجود فارق بين عدم ثبوت الخرق الإسرائيلي لشبكة الانترنت غير الشرعي وبين عدم حصوله أساساً، لاسيما بعد العبث بالأدلّة (محو الداتا) التي يمكن أن تقود إلى حسم الأمر.
مسار آخر، جرى التوقف عنده، وهو المتعلق بإدخال المعدات إلى الداخل اللبناني، حيث اتهمت جهات عدة في الجلسة جهاز الجمارك برفض التجاوب مع القضاء وتحقيقاته في هذا المجال، فيما حذر مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود من انه سيتم التعاطي مع الموظفين المعنيين في الجمارك باعتبارهم مدعى عليهم، ما لم يحضروا إلى التحقيق اليوم.
وذكرت صحيفة “الجمهورية ان ملفّ الإنترنت غير الشرعي سيكون حاضرا الخميس 16 حزيران في قصر العدل في الجلسة المقرّرة في مكتب قاضي التحقيق في بيروت فادي العنيسي في ملفّ إحالة كبار الموظفين في “أوجيرو” وآخرين إلى القضاء كمدّعى عليهم، ومِن بينهم مديرعام هيئة “أوجيرو” عبد المنعم يوسف ومديران رفيقان له، وآخران موقوفان، وغير موقوفين مِن موظفين، ومدنيّين من أصحاب شركات الإنترنت.
وقالت مصادر قضائية لـ”الجمهورية” إنّ يوسف “قد لا يحضر اليوم أمام قاضي التحقيق، وقد يكتفي وكلاؤه بتقديمِ الدفوع الشكلية التي أمهلهم عنيسي أسبوعاً للتقدّم بها في الجلسة السابقة ليبنيَ على مضمونها الخطوات اللاحقة التي يمكن اللجوء إليها في المرحلة المقبلة”.