ينظر خبراء ومحللون اقتصاديون، أنه يتوجب على دول الخليج ضرورة إيجاد حلول عملية لاستثمار مليارات الدولارات التي يرسلها العمال الأجانب إلى بلادهم كل عام، بدلاً من التفكير بفرض رسوم أو ضرائب على تحويلاتهم المالية.
وتضم دول الخليج العربية – التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل إيرادات موازناتها – كلاً من السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان، وتعتبر واحدة من أكبر مصادر الحوالات المالية في العالم.
واتفق الخبراء في تصريحات منفصلة مع الأناضول، أن فرض أي رسوم أو ضرائب على تلك التحويلات يمثل تحولاً كبيراً في السياسات الاقتصادية لدول الخليج، لكن قد يؤدي إلى زيادة التكاليف الاقتصادية وتراجع تدفق الأيدي العاملة الأجنبية.
ويدرس مجلس الشورى السعودي (البرلمان)، مقترحاً بفرض رسوم تدريجية على تحويلات الأجانب في المملكة بنسبة 6%، من قيمة التحويل خلال السنة الأولى من عمل المقيم، وتقل النسبة سنوياً حتى تقف عند 2%، بحسب وسائل إعلام محلية.
ووفقاً لحسابات الأناضول بالاستناد إلى أرقام البنوك المركزي الخليجية، ارتفعت قيمة تحويلات العمالة الأجنبية الوافدة إلى 120 مليار دولار خلال العام الماضي، تعادل 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي (البالغ 1.6 تريليون دولار)، مقارنة مع تحويلات الأجانب في الولايات المتحدة البالغة 0.7% من الناتج المحلي، وبريطانيا 0.8%.
وتأتي السعودية في المرتبة الأولى من حيث قيمة التحويلات التي بلغت نحو 45 مليار دولار، تليها الإمارات بـ 33 مليار دولار والكويت بـ 15 مليار دولار وقطر بـ 11 مليار دولار.
الخبير الاقتصادي، محمد العون، قال إن “تحويلات الوافدين تسجل أرقاماً تصاعدية عاماً بعد عام نتيجة عدة أسباب، من بينها أن الأسواق الخليجية ما تزال تعتمد بشكل كبير في تسيير تعاملاتها على العمالة الوافدة”.
ويعيش أكثر من 17 مليون أجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي الست، ويرتفع العدد الكلي إلى 23 مليوناً أو أكثر، بعد إضافة أفراد أسر العمالة الوافدة أي قرابة نصف سكانها البالغ عددهم 48.8 مليوناً، بحسب أرقام المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون العربية.
وأضاف العون في اتصال هاتفي من قطر، “تحويلات العمالة الأجنبية من دول المجلس تشكل استنزافاً للسيولة المحلية، وضغطاً على موازين المدفوعات التي تأثرت أيضاً سلباً بتراجع العوائد النفطية”.
ولفت أن توفير فرص لاستثمار أموال المستثمرين الأجانب عموماً والوافدين منهم بصفة خاصة، أفضل من فرض رسوم أو ضرائب على تحويلاتهم.
من جانبه اعتبر طارق قاقيش الخبير الاقتصادي ومدير الأصول في شركة المال كابيتال ومقرها الإمارات، أن حجم التحويلات الضخمة للعمالة الأجنبية يعتبر أمراً مكلفاً لاقتصادات الخليج التي تعاني بسبب النفط، وهو ما دفع بعض الدول إلى التلميح بفرض رسوم عليها.
وأضاف قاقيش، أن جميع الدول الخليجية مطالبة بإيجاد حلول عملية لإبقاء تلك السيولة وإعادة استثمار التحويلات أو جزء منها، من خلال السماح للوافد باستثمار مدخراته في الصناديق الاستثمارية أو صناديق التأمين أو العقارات، ومن ثم تحقيق عائد جيد لأصحاب الأموال المودعة أو المستثمرة من الأجانب.
وتابع، ” ما يزال الأجانب يفتقدون الفرص الاستثمارية مقارنة ببلدانهم الأم.. على سبيل المثال يتجه الهنود إلى استثمار أموالهم في سندات بعائد 5% في بلدانهم، وفي الإمارات، أكبر مصدر للتحويلات المالية إلى الهند، تصل الفائدة على الودائع 1.5%”.
وقال إبراهيم الفيلكاوي، المستشار الاقتصادي لمركز الدراسات المتقدمة، إن التفكير في فرض أية رسوم أو ضرائب على تحويلات العمالة الوافدة في الخليج، سيمثل تحولاً كبيراً في السياسات الاقتصادية في المنطقة.. لكن في نفس الوقت قد يؤدي إلى زيادة التكاليف الاقتصادية وتراجع تدفق تلك العمالة التي ما تزال مؤثرة بسبب متطلبات التنمية.
وأضاف الفيلكاوي، في اتصال هاتفي، من الكويت، “من الأفضل توفير فرص لاستثمار تلك الأموال، ولكن ما تزال هناك عوائق من بينها قوانين الإقامة التي تستبعد حصول الوافدين على الجنسية بما لا يشجع على الاستثمار أو التملك”.