عقد النواب جمال الجراح ومحمد الحجار وكاظم الخير مؤتمرا صحافيا مشتركا، ظهر اليوم في مجلس النواب، تحدثوا فيه عن قطاع الكهرباء، ودعوا الى “انقاذ هذا القطاع ووقف الهدر وانشاء معامل جديدة لانتاج الطاقة بدل ترميم المعامل الحالية”، وتوقفوا عند “المراحل والصعوبات التي شهدها هذا القطاع”.
وقال الجراح: “منذ اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في العام 1975 وقطاع الكهرباء فيه يعاني أزمات متواصلة ومتناسلة تسببت بها تقلبات وصدمات سياسية وأمنية وإدارية واجتماعية حدت من قدرته على التلاؤم مع الزيادات الحاصلة والمتوقعة على الطلب، وحدت من قدرة الدولة على إيجاد وتنفيذ الحلول الدائمة والمستمرة للمشكلات العميقة التي كانت تعصف بهذا القطاع من كل جوانب الانتاج والنقل والتوزيع، مما ادى إلى ترد كبير وقصور وتقصير خطير في هذا القطاع الحيوي، وأصبح لزاما المسارعة إلى التزام تنفيذ البرامج الآيلة إلى إنقاذ هذا القطاع من الحال التي تردى فيها، وبالتالي وقف الهدر وتبديد المال العام، وإنقاذ الاقتصاد الوطني والمالية العامة للدولة اللبنانية، بعدما تجاوز مجموع التحويلات مع الفوائد المتراكمة من الخزينة العامة إلى مؤسسة كهرباء لبنان منذ العام 1992 وحتى بداية العام الحالي مبلغ الـ34 مليار دولار أي ما يعادل نصف مجموع الدين العام اللبناني، كما كان في نهاية العام 2015.
في المقابل يعاني المواطن والاقتصاد اللبناني تقنينا قاسيا لأن قدرة الإنتاج الحالية لمعامل الكهرباء ما زالت لا تتجاوز نصف حجم الطلب على الطاقة الكهربائية.
والحقيقة أنه وعلى مدى أكثر من عقدين ماضيين، وضعت خطط متعددة ومتنوعة للنهوض بهذا القطاع ولا سيما خلال حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحكومتي الرئيس فؤاد السنيورة. كذلك أيضا في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2010، ولكنه ودائما كانت تعترض تنفيذ هذه الخطط عقبات وعراقيل أدت في معظمها الى لجم المبادرات والانطلاقات التي شهدتها البلاد، وأيضا تلك التي كان يجري الاعداد لها في أكثر من مرحلة لإعادة احياء الاقتصاد اللبناني وإنقاذ هذا القطاع الحيوي”.
وتوقف عند “المراحل التي تعاقبت على قطاع الكهرباء
– مرحلة اعادة التأهيل والتجهيز (1993-1998)
تقدمت حكومات الرئيس رفيق الحريري بمشروع متكامل للنهوض بهذا القطاع، وتمكنت من تنفيذ معظم الخطة المدروسة، إن كان على صعيد الانتاج من خلال اعادة تأهيل معامل الكهرباء الموجودة، وإنشاء معامل جديدة، أم على صعيد توسيع شبكتي النقل والتوزيع، بحيث نعم اللبنانيون والاقتصاد اللبناني في العام 1998 بطاقة كهربائية على مدار الساعة.
– مرحلة التراجع والعرقلة لمشروع الرئيس رفيق الحريري الانمائي (1999-2000) في بداية عهد الرئيس إميل لحود
اتسمت هذه المرحلة بالكيديةالسياسية ومحاربة كل ما يمت بصلة الى مشاريع الرئيس رفيق الحريري الإنمائية والتطويرية، بحيث لم يسجل خلالها اي استثمار أو تقدم يذكر على صعيد الانتاج والتوزيع والنقل. بل بالعكس، سجلت تراجعا كبيرا في مستويات الأداء، وبالتالي تراجعا في مستويات الصيانة للمنشآت الكهربائية القائمة.
– مرحلة عودة الرئيس رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة (2000-2004)- الصمود في وجه العراقيل
بالرغم من تصاعد موجة العداء والتعطيل لمشاريع الرئيس الشهيد وخططه، فقد انصبت جهود حكومتيه على استكمال خطة إصلاح وتطوير مستدام لقطاع الكهرباء عبر اقرار قانون تنظيم قطاع الكهرباء رقم 462/2002، والاعداد لمشروع التحول الى استعمال الغاز الطبيعي كلقيم رئيسي للطاقة بهدف خفض كلفة الإنتاج، وبالتالي خفض الأعباء على الخزينة العامة، من جهة، والحد من الأضرار التي تتسبب بها أنواع الوقود الأخرى على الصحة وعلى البيئة، من جهة أخرى.
مرحلة حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة (2005-2009)
1 – تميزت هذه المرحلة بتأثرها بجملة الصدمات السياسية والأمنية الحادة التي تعرض لها لبنان من استشهاد الرئيس الحريري (2005) والاجتياح الاسرائيلي (2006) واحتلال وسط بيروت وتعطيل المجلس النيابي لمدة عام ونصف (2008-2006) والاعتداء الارهابي على مخيم نهر البارد في الشمال (2007) واجتياح بيروت (2008). الحقيقة انه ما أن تم التوافق على المسار الذي ينبغي أن تسلكه عملية النهوض بهذا القطاع خلال النصف الأول من العام 2006، حتى حدث الاجتياح الاسرائيلي ومن بعده تعطيل المجلس النيابي لمدة عام ونصف وغزوة أيار في العام 2008.
وبعدها، وخلال ولاية الحكومة الثانية للرئيس السنيورة، حصل ارتباك شديد وتضارب في الخطط والتوجهات التي وضعها وزراء الطاقة والمياه المتعاقبون (الإصرار على الفحم، رفض الاستعانة بالصناديق للتمويل الميسر ورفض التعاون مع القطاع الخاص ورفض إعادة درس التعرفة).
2 – لقد اعتبر كل من تولى حقيبة الطاقة خلال تلك الفترة تباعا أنه هو المسؤول الاول وغير المسبوق بوضع خطة اصلاح لهذا القطاع بدلا من متابعة التقدم على المسارات الاساسية التي وضعها من سبقه ولا سيما الرئيس الشهيد رفيق الحريري والعمل على تطويرها وتفعيلها. إلا أن الجامع بين جميع هؤلاء كان رفض تمويلمعامل انتاج جديدة عبر الاستعانة بالصناديق العربية والدولية، وكذلك رفض اشراك القطاع الخاص، حسب ما ينص عليه قانون العام 2002 إلى جانب رفض تطبيق قانون تنظيم قطاع الكهرباء 462/2002 وبالأخص رفض إنشاء الهيئة الناظمة لهذا القطاع.
3 – مع ذلك، نجح لبنان في البدء باستجرار الغاز الطبيعي من مصر عبر سوريا لجزء من طاقة معامل دير عمار، إلى أن توقف ذلك في ما بعد لأسباب مصرية (عدم كفاية الكميات للتصدير) وسورية (لأسباب تتعلق بالأوضاع غير المستقرة منذ العام 2011).
– مرحلة تعطيل المسار الاصلاحي وهدر الوقت خلال حكومتي الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي (2009-2013).
1 – في هذه المرحلة، تولى الوزير جبران باسيل حقيبة الطاقة وتقدم بخطة لإصلاح قطاع الكهرباء اقرها مجلس الوزراء والتي كانت بمثابة عملية جمع ملتبس لخطط ومشاريع سابقة.
2 – لقد أصر الوزير باسيل على عدم تنفيذ القوانين الخاصة بقطاع الكهرباء، وفي مقدمها قانون تنظيم القطاع 462/2002 وخصوصا لجهة انشاء الهيئة الناظمة للقطاع، والقانون 181/2011 الخاص بتمويل معامل الإنتاج والاشغال الكهربائية، والذي أعاد تأكيد ضرورة تعيين الهيئة الناظمة لقطاع للقطاع الكهرباء خلال مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القانون، وعلى تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان خلال مهلة شهرين من تاريخ صدور القانون.
3 – لقد أصر الوزير باسيل على تمويل مشاريع الانتاج عبر الاستعانة بالتمويل الداخلي غير الميسر والقصير الاجل، بدلا من الاستعانة بالتمويل الميسر المتاح عبر الصناديق العربية والدولية الطويل الأجل القليل الفائدة، هربا من رقابة هذه الصناديق على دفاتر الشروط لا لسبب مبرر إلا ربما، تسهيلا للصفقات والسمسرات، مما تسبب بعدم شفافية وتنافسية التلزيمات التي أجريت، وفي تناقض واضح في دفاتر الشروط.
4 – إن أسلوب العمل المتعمد أدى إلى هدر في الأموال العامة تجلى في مناقصات المحركات العكسية في معملي الجية والزوق وفي مطالبات (Claims) الشركة الدانماركية المتعهدة، وفي مناقصة تلزيم محطة دير عمار 2، وما نتج منها من مشكلات كبيرة وخلافات مع المتعهد، أدى إلى مطالبات من الشركة القبرصية اليونانية المتعهدة بغرامات وإلى عدم البدء بتنفيذ الأعمال. وفي الحالين سقطت مقولة التأخير التي رفعها الوزير باسيل ليبرر عدم لجوئه إلى التمويل الميسر الذي تقدمه الصناديق العربية والدولية.
5 – لتعويض هذا التقصير الفادح والفاضح، جرى اللجوء إلى حلول مكلفة نسبياً مقارنة مع إنشاء معامل جديدة وذلك باستقدام البواخر لإنتاج الكهرباء، حيث انتقلت هذه الطريقة من وسيلة موقتة تضطر الحكومة إلى اعتمادها لتوليد الطاقة لتعويض النقص في طاقة المعامل الموجودة، إلى وسيلة دائمة لا يمكن الاستغناء عنها بسبب الفشل في تلزيم معمل دير عمار 2، مما أسهم أيضا في زيادة الأعباء المالية على المؤسسة وبالتالي على الخزينة.
– مرحلة استكمال اتباع النهج القائم في وزارة الطاقة والمياه (2014- لتاريخه)
ما زال المسار التراجعي لقطاع الكهرباء على كل مستوياته يحكم هذه المرحلة، بحيث يستمر الإصرار على عدم تنفيذ القوانين الخاصة به والتي سبق ذكرها، وكذلك أيضا القانون 288/2014 الذي يفسح في المجال لمجلس الوزراء بإعطاء تراخيص للقطاع الخاص لإنشاء معامل إنتاج جديدة، مع استمرار تغييب الهيئة الناظمة للقطاع المنصوص عليها في القانون 462/2002”.
وقال: “اليوم، امام هذا الواقع المزري والمأسوي لهذا القطاع ولبنان على مشارف موسم الصيف بحيث يترافق ارتفاع الطلب على الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة، فإنه لا بد من القيام بمبادرة لإنقاذ هذا القطاع الحيوي وانقاذ الاقتصاد اللبناني وانقاذ المستهلك اللبناني من التداعيات الكبرى لهذا القصور والتقصير التي يكون المواطن اللبناني في الحصيلة ضحيتها”.
وختم: “الحقيقة الساطعة، أن هذا القطاع ليس في حاجة الى القيام بدراسات جديدة أو وضع خطط مبتكرة وإنما للإدراك عملا لا قولا أن هذا القطاع يتعرض لأزمة كبيرة وحادة وان هناك حاجة ماسة لاتخاذ الخطوات العملية والسريعة لإنقاذه من هذه الازمة التي تعصف به، وبالتالي هو في حاجة الى وضع حد فوري لحال الارتباك والضياع والانتقال إلى تنفيذ المسار الطبيعي للإصلاح ضمن الاولويات المحددة في غالبية الدراسات السابقة. ان هذه الاولويات تتلخص بست نقاط اضحت من البديهيات لتمكين لاستعادة هذا القطاع من النهوض والتقدم على المسارات الصحيحة، ووقف النزف في الاقتصاد الوطني ومنع هدر الوقت والطاقات والموارد والمال العام”.
الحجار
وقدم النائب الحجار “خارطة الطريق المقترحة بحسب الأولويات، جاء فيها:
أولا: المباشرة فورا في تطبيق القوانين
1 – تنفيذ قانون تنظيم قطاع الكهرباء رقم 462/2002 والانتقال فورا إلى تعيين الهيئة الناظمة للقطاع التي يجب ان تكون مستقلة عن وزير الطاقة والمياه لتمكينها من أداء دورها بحياد وموضوعية كما هي الحال التي ينبغي ان تكون عليه حال جميع الهيئات الناظمة.
2 – وضع آلية سريعة لتنفيذ القانون 288/2014 لإفساح المجال أمام منتجي الطاقة المستقلين (IPP)، لإنشاء معامل جديدة لإنتاج الطاقة.
ثانيا: المباشرة فورا في العمل على زيادة الطاقة الانتاجية واستكمال شبكات النقل والتوزيع وتوسيعها:
1 – زيادة القدرة الإنتاجية للمعامل بما لا يقل عن 2500MW جديدة بما يوفر طلب الاستهلاك المحلي الحالي والمتعاظم من الطاقة مدى السنوات الأربع المقبلة، عبر الاستعانة بشتى مصادر التمويل، بما في ذلك الاستعانة بالقطاع الخاص، والمباشرة فورا باستبدال معملي الزوق والجية بتجهيزات جديدة تعمل بتقنية الادارة المختلطة.
2 – استكمال شبكة ال220 كيلوفولت بما في ذلك الانتهاء من مشكلة وصلة المنصورية، وإنشاء محطات التحويل الرئيسية.
3 – إصلاح ومعالجة المخالفات القانونية المرتكبة في مشروع مقدمي خدمات التوزيع والتأكد من التزامهم القواعد والمعايير الموضوعة.
4 – البحث الجدي في اعتماد تعرفة جديدة للكهرباء.
ثالثا: المبادرة فورا إلى العمل على تنويع مصادر انتاج الطاقة
1- التوقف عن الاعتماد الكامل على المصادر الحالية لتوليد الطاقة وتنويع مصادرها والتحول تدريجا الى الغاز الطبيعي كلقيم رئيسي لإنتاج الطاقة الكهربائية.
2 – المبادرة الى انشاء محطتين أو ثلاث محطات للتغويز FSRU (FLOATING STORAGE REGASIFICATION UNIT) عبر الاستدانة من الصناديق العربية والدولية أو من خلال التعاون مع القطاع الخاص لتوفير الغاز الطبيعي لاستعماله كلقيم لخفض كلفة الإنتاج في المعامل الحالية في دير عمار والزهراني والزوق ولتلك المزمع إنشاؤها.
3 – تشجيع إنتاج واستخدام الطاقة البديلة والمتجددة
(WIND +SOLAR+ HYDRO).
رابعا: التعاون مع القطاع الخاص واقرار قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام (PPP)
خامسا: المباشرة فورا بالاتصال بالصناديق الدولية والعربية وكذلك مؤسسة التمويل الدوليةIFC.
1 – من أجل الحصول على التمويل الميسر لإنشاء معامل جديدة في الجية، الزوق، دير عمار (2) والزهراني (2)، وكذلك لمحطات التغويز FSRU في دير عمار والزهراني.
2 – التعاون مع IFC والبنك الدولي للمساعدة على تحضير دفاتر الشروط اللازمة لتنفيذ القانون 288/2014 لإفساح المجال أمام منتجي الطاقة المستقلين.
سادسا: تعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسه كهرباء لبنان”.
الخير
وتحدث النائب الخير عن معمل دير عمار.