كشفت مجلة “باري ماتش” الفرنسية أن محنة إفلاس شركة “سعودي أوجيه” لا تقتصر على اللبنانيين والسعوديين فقط بل طاولت 200 من الرعايا الفرنسيين الذين يقطنون في جدة والرياض والدمام، وتواجه الهيئات القنصلية في الرياض وجدة صعوبة كبيرة في تحديد الأسر المحتاجة، نظراً إلى أن بعضها يفضل البقاء منعزلاً نتيجة الواقع المزري الذي تعيش فيه، وهو ما دفع السفير الفرنسي برتران بوزاسينو إلى الطلب من مديري المدارس في جدة والرياض والخبر، الشهر الماضي، التساهل مع الأسر الفرنسية العاجزة عن دفع الرسوم المدرسية عبر منحها مهلة لغاية نهاية العام الجاري.
وكانت المجلة الفرنسية قد تلقت رسالة من زوجة أحد العاملين في “سعودي أوجيه” منذ أكثر من 20 عاماً، تشكو فيها الضائقة المادية التي لا تخولها حتى التبضع لإطعام ولديها، ولا سيما أن زوجها لم يتقاضَ أجره منذ نحو 6 أشهر. ولا يعاني العاملون من العوز المالي فحسب، بل يقول رئيسهم الذي يعمل في الشركة منذ 18 عاماً، إن الأهم هو انتهاء عقود عملهم في غضون شهر وعدم تجديد السعودية لإقاماتهم. ويشير إلى أن الشركة تدين له “بين 40 و45 ألف يورو من دون احتساب المخصصات الإضافية”.
منذ توقف الشركة السعودية ــ اللبنانية عن إيفاء رواتب أكثر من 38 ألف عامل لديها بانتظام، بدأت السلطات السعودية تطبّق سلسلة من العقوبات عليها؛ أبرزها عدم تجديد تصاريح العمل. بناءً عليه، طلب نائب وزير الداخلية السعودي أحمد السالم من السفير الفرنسي تسوية وضع نحو ستين عاملاً فرنسياً فقدوا إقامات عملهم. واللافت أن الفرنسيين الذين غادروا إلى بلدهم اشتكوا من عدم تسديد المساهمات الاجتماعية إلى المصارف الفرنسية، ما دفع موظفي سعودي أوجيه إلى إنشاء جمعية للمغتربين وتعيين محامين بغية تأكيد حقوقهم.
ووفقاً لـ”باري ماتش”، يتشابه وضع سعودي أوجيه الكارثي مع وضع مجموعة بن لادن للبناء التي أسسها والد زعيم القاعدة أسامة بن لادن، والتي توقفت عن دفع رواتب خمسين ألف موظف منذ ستة أشهر أيضاً.
من جهة أخرى، يرفض أحد موظفي شركة الحريري السعودية منذ ثلاثين عاماً ربط انهيارها بالأسباب السياسية والاقتصادية، مؤكداً أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في عدم تجرؤ المعنيين على رفض أي طلب للعائلة المالكة والحكومة السعودية، رغم تأخرهما في تسديد المستحقات. ويشير الموظف إلى أن حجم ربح الشركة من مشاريعها يلامس 3 إلى 4 مليارات يورو. لكن بعد بناء جامعة الأميرة نورا في عام 2011 وتسجيل رقم قياسي في مدة تسليمها خلال ثلاث سنوات، “لم يسرّح المسؤولون جزءاً من العاملين في هذا المشروع الكبير، فوجدوا أنفسهم أمام مجموعة رواتب عالية لا يمكن احتمالها”. ويجمع غالبية الموظفين الذين التقتهم المجلة في الرياض على أن سوء إدارة الحريري هو سبب الأزمة الرئيسي. أما السبب الآخر لانهيار عائلة الحريري، فيربطه هؤلاء بوصف رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري للأمير محمد بن نايف بـ”الجزار”. لم ينس بن نايف تلك الإهانة يوماً، ولم يغفر للحريري ما قاله، ومذ ذاك تدفع شركة الحريري و38 ألف موظف فيها الثمن ربما. والموظفون في حيرة ولا يرون أي حلّ في الأفق، خصوصاً أنهم لا يعرفون كيف ستتجنب إمبراطورية “سعودي أوجيه” الانهيار التام من دون مساعدة مالية من الدولة السعودية.