نقلت الملاحقات الأمنية لشركات الصرافة في مصر، الاتجار في الدولار الأميركي، إلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي انتشرت عليها صفحات نشطة لبيع وشراء العملات الأجنبية، في تحد جديد للجهات الرقابية، التي لم تنجح مساعيها في كبح سعر الدولار، الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة.
وتلقي السلطات النقدية والأمنية في مصر باللوم على شركات الصرافة، في ارتفاع سعر العملة الأميركية التي لامست 11 جنيهاً في السوق الموازية (السوداء) مقابل 8.85 جنيهات في السوق الرسمية، لكن عاملين في سوق الصرف وخبراء اقتصاد يقولون إن السبب في هذا الفارق يعود إلى شح الدولار في السوق، بسبب تراجع إيرادات الدولة في ظل الاقتصاد العليل، مؤكدين أن الحلول الأمنية لن تجدي نفعاً في كبح الأسعار.
وقال محمد راضي، عضو شعبة الصرافة في الاتحاد العام للغرف التجارية، إن “غلق شركات الصرافة لن يقضي علي السوق السوداء، بل من الممكن أن يفاقم المشكلة”.
وأضاف راضي في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن العاملين في الشركات، التي تم غلقها يتاجرون في العملة على المقاهي أو داخل سيارتهم الخاصة أو في أماكن سكنهم، وأصبحوا خارج رقابة وسيطرة البنك المركزي والسلطات الأمنية المعنية بالأموال العامة.
وأشار إلى أن هناك أزمة في توفير الدولار، نتيجة لنقص الموارد الدولارية للدولة، المتمثلة في حصيلة الصادرات وتحويلات العاملين بالخارج والسياحة.
وتابع: “أصبح هناك أكثر من سوق غير رسمي للدولار، فالاتجار بالدولار دخل في نشاط بعض محال الذهب والأقمشة والمصدرين، لكن الحكومة تقصر المشكلة علي شركات الصرافة، التي تدفع الثمن في النهاية لأقل مخالفة تحدث”.
ووافقت الحكومة المصرية في وقت سابق من يونيو/حزيران الجاري، على مشروع قانون يفرض عقوبات بالسجن على من يبيعون العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية في تصعيد لحملة البنك المركزي على السوق السوداء، التي يقول إنها تزعزع استقرار العملة المحلية.
وقال مجلس الوزراء، إنه أقر مسودة تعديلات على قانون ينظم سوق عمليات النقد الأجنبي. وتتضمن التعديلات تغليظ العقوبات على المخالفين من المرخص لهم في سوق العملة، لتشمل الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن 3 سنوات، وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه (115ألفاً و565 ألف دولار).
وتمنح التعديلات لمحافظ البنك المركزي سلطة تعليق ترخيص أي شركة صرافة لمدة عام، علاوة على فرض غرامة مماثلة في حالة مخالفة القواعد. ويكون للبنك في حالة تكرار المخالفة الحق في إلغاء ترخيص الشركة.
ومن بين التعديلات، عقوبة بالسجن لفترة تتراوح بين 3 و10 سنوات لكل من يتعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك أو الجهات المرخص لها بذلك. والتعديلات بحاجة لموافقة البرلمان عليها قبل أن يوقعها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتصبح نافذة.
لكن مصدر في شعبة شركات الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، قال لـ”العربي الجديد”، إن غلق شركات الصرافة أوجد سوق موازية، على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم فيها تداول الدولار بالأسعار غير الرسمية، وينفذ من خلالها عمليات بيع وشراء، من خلال عرض البائع ما لديه من دولارات وتحديد السعر، وإذا توافق مع طلب المشتري يتم تنفذ العملية، ولا يستطيع البنك المركزي أو الأموال العامة متابعة هذه المجموعات على مواقع التواصل أو فرض أي عقوبات عليها.
وأشار المصدر إلى أن عدد الشركات التي تم إغلاقها حتى الآن بلغ 23 شركة، بعدد فروع يتجاوز 90 فرعاً بمختلف المحافظات، بحجة التلاعب في أسعار الصرف، رغم أن بعض هذه الشركات كان يتم غلقها لأسباب تتعلق بعدم كتابة إيصال تسلم المبلغ.
وتابع أن القبضة الأمنية لن تلغي السوق السوداء أو تحجمها، لافتا إلى أن سعر الدولار بالسوق السوداء يتراوح الآن بين 10.85 جنيهات و11 جنيها.
وينص قانون البنك المركزي على الحق في وقف شركات الصرافة أو سحب تراخيصها أو شطبها نهائيا في حالة إثبات أي مخالفات تقوم بها الشركات في سوق الصرف.
ويقول متعاملون في العملة، إن حملة البنك المركزي فاقمت الأزمة، حيث يواجه المستثمرون الأجانب صعوبة في تحويل أرباحهم للخارج رسمياً، بعد انخفاض الاحتياطيات النقدية للبلاد بنحو النصف منذ 2011 إلى حوالي 17.52 مليار دولار في مايو أيار الماضي.
كما لم تنجح تخفيضات البنك المركزي المتكررة لسعر الجنيه على مدار العامين الماضيين، في القضاء على ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء.
وتراجع الجنيه المصري أمام العملة الأميركية في السوق الرسمية، وفق البنك المركزي، بنحو 25%، بعد أن بلغ سعر الدولار نحو 8.85 جنيهات في يونيو/حزيران الجاري، مقابل 7.14 جنيهات في نفس الشهر من عام 2014، بينما لامس الدولار في السوق السوداء مستويات 11 جنيها بفارق يبلغ نسبته 54% عن السعر الرسمي.