سامر الحسيني
لا يحسد أصحاب حقول اهراء روما على واقعهم الحالي، فحقولهم التي كانت تطعم سكاناً لا تغيب عن بلدانهم الشمس، تعجز اليوم عن سد رمق جوع أطفال مزارعي القمح الذي يشكون من تخلي وزارة الاقتصاد وإهمالها لهذه الزراعة المهددة باستمراريتها.
منذ أيام باشر مزارعو القمح بحصاد مواسمهم، انما وجهة الغلال لا تزال مجهولة ويعجز المزارعون عن تحديد مسارها، فالدولة لم تحدد خطواتها التي تتعلق بهذه الزراعة التي يعوزها اليوم تعيين لجان استلام المحصول الحالي وتحديد سعر الاستلام والمستودعات التي من المفترض أن يتم استئجارها لاستلام المحصول، وهي أمور لم يبت بها حتى اليوم وفق ما يؤكد رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم الترشيشي الذي يتخوف من أن تشكل استقالة وزير الاقتصاد ألان حكيم مسمارا جديدا يدق في نعش هذه الزراعة.
مزارعو القمح في البقاع حددوا تاريخ 25 من الشهر الحالي كمهلة أخيرة لوضوح الموقف الرسمي لجهة التعاطي مع هذه الزراعة، وإلا فسيكون هناك مواعيد مع أيام من الغضب البقاعي وفق تعبير الترشيشي الذي يطالب بإعلان واضح وصريح ورسمي يتبنى الموسم الحالي لزراعة القمح ويؤكد أولوية صدور قرارات تتضمن تشكيل لجان الاستلام وتحديد سعر شراء القمح.
كان يفترض قبل ساعات معدودة من إعلان استقالة وزير الاقتصاد ألان حكيم، ان تستضيف وزارة الاقتصاد اجتماعا للفعاليات الزراعية مع وزير الاقتصاد على طاولة واحدة من أجل مناقشة بند وحيد يتعلق بمسار موسم القمح الحالي، إلا أن مكتب الوزير حكيم اتصل قبل أقل من ساعة من الموعد المقرر وأعلن إلغاء الاجتماع.
لا يستبشر مزارعو البقاع خيراً من الأجواء الحالية في وزارة الاقتصاد التي لا يرونها «صديقة» لهذه الزراعة، وهذا ما يبرر غياب كل الآليات المعمول بها في هذه الزراعة والتي من المفترض ان تخرج وتعلن من قبل دوائر وزارة الاقتصاد.
تصل مساحة الحقول المزروعة بالقمح الى ما يزيد عن 125 الف دونم، ومن المفترض أن يصل إنتاجها الى ما يقارب 50 الف طن، فيما تبلغ الحاجة الاستهلاكية للداخل اللبناني ما يزيد عن 500 الف طن سنويا وفق ارقام الترشيشي الذي كان يتوقع ان تعمد الدولة اللبنانية الى تشجيع زراعة القمح على اثر النتائج المخبرية التي دلت على سوء مواصفات القمح المستورد من الخارج وكونه مسرطنا.
مزارعو اهراءات روما يحتارون في كيفية التعاطي مع إنتاجهم الوفير هذه السنة، فهم يخشون تكديسه في المستودعات بانتظار تدخل الحكومة اللبنانية واستلامه وفق ما جرت العادة في السنوات الماضية، وهذا التكديس تترتب عليه أجور التخزين والنقل والتحميل والتفريغ، والخشية أن لا تستلم الدولة المحصول وان تنأى بنفسها بالكامل عن هذا الموسم، الامر الذي ستنتج منه خسائر مالية وأعباء إضافية، وفي الوقت نفسه يتحدث العشرات من المزارعين عن مافيات أصحاب المطاحن التي تنشط في شكل متصاعد في ظل الموقف الضبابي والسلبي لوزارة الاقتصاد.
في المقابل، لا يجد رئيس نقابة مزارعي القمح في لبنان خالد شومان أسوأ من واقع مزارعي القمح في هذه الأيام، فأكثر من 950 عائلة زراعية ترتبط أساسا بهذه الزراعة، تواجه كابوس الإفلاس والعجز عن دفع ما يتوجب عليها من ديون كان يفترض ان تسدد قيمها مع بيع المحصول الحالي الى وزارة الاقتصاد التي لا تسأل ولا تهتم بهذه الزراعة.
يناشد شومان الحكومة اللبنانية اتخاذ موقف عاجل يؤكد موقفها الواضح بشراء المحصول الحالي حتى ترحم مزارعيها من حالات الابتزاز التي يتعرضون لها من قبل أصحاب المطاحن وتجار الحبوب.