كتبت كلير شكر في صحيفة “السفير”:
تسير “الكتائب” بخطوات خجولة نحو “الطلاق الحكومي” لتكذّب مياه الشكوك التي تحاول الباسها نموذج أشرف ريفي بالتمرد على بيت الطاعة الحكومية. أعلنت الصيفي أنّها ضاقت ذرعاً من الجلوس على طاولة تمام سلام مكتوفة الأيدي بعدما صارت بمثابة “شاهد زور” لا تقدّم أو تؤخر شهادته، بفعل الآلية الحكومية المتفق عليها والتي تحتاج الى اعتراض مكونين لوقف صدور أي قرار.
خرج وزيرا “الكتائب” سجعان قزي والان حكيم من الحكومة لكنهما لم يغادرا مكتبيهما، ولم يتركا ختميهما. نموذج وزير العدل المستقيل لا يزال حيّاً يرزق وقابلاً للتعميم، ليكون تصريف الأعمال منفذاً دستورياً يسمح لهما بتسيير أعمال الوزارتين حتى لو كانا مستقيلين.
ولكن خطوة “النصف استقالة” التي لم تُحرج الوزير الطرابلسي، فعلت فعلها مع القيادة الكتائبية التي راحت تُرشق باتهامات “التذاكي” على الرأي العام وتكبير حجر “المزايدات” أمام الجمهور المسيحي، كونها مجتزأة ولا تعبّر عن حالة اعتراض “نظيفة” والتي يقول الكتائبيون انهم سيلجأون اليها في تعاطيهم مع السلطة التنفيذية.
هكذا، بدت “الكتائب” أمام خيار من اثنين: اما الطلاق النهائي مع الحكومة للالتحاق فعلاً لا قولاً بصفوف المعارضة وما يعني ذلك من تقديم استقالة خطية أولاً ومغادرة الوزارات ثانياً، واما العودة الى الحرم الحكومي مع ما يعني ذلك من طيّ صفحة الاستقالة نهائياً.
ولهذا السبب، يقول كتائبيون، كانت زيارة رئيس الحزب سامي الجميل لرئيس الحكومة تمام سلام، لا لتسليمه كتاباً خطياً بالاستقالة على اعتبار أنّ هذا الكتاب لا يقدم الا لرئيس الجمهورية لأنّ الأمر مرتبط بشخصه فقط ولا يجوز تجيير هذه الصلاحية لأي هيئة دستورية أخرى، ولكن لإبلاغه بشكل حاسم قرار الحزب بفك الارتباط بالسلطة التنفيذية، مع ما يعني ذلك من تسليم للمقعدين الوزاريين.
طبعاً حاول سلام اقناع الجميل بجدوى الاستمرار في الحكومة في هذه الظروف الصعبة التي لا يمكن خلالها تشكيل حكومة بديلة، لأنّ الحكومة الحالية ستتحوّل برمتها الى حكومة تصريف أعمال في حال استسلمت لمشيئة الاستقالة الجماعية. لكن الزائر بدا مصراً على موقفه داعياً مضيفه الى تقديم استقالته بدوره علّ تسارع الأحداث وتطورها بشكل سلبي يساهمان في تحريك المياه الراكدة للدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية.
يعتبر الكتائبيون ذاتهم أنّ رئيسهم يأمل أن يؤدي حراكه الاعتراضي الى تحريك الجمود الحاصل في الملف الرئاسي، في ضوء التطورات الحاصلة اقليمياً ودولياً والتي من شأنها برأيهم أن تدفع باتجاه صياغة تفاهم داخلي يبعد الشغور عن القصر الرئاسي… ولهذا لا بدّ من اللجوء الى السلّم التصاعدي.
ولهذا يؤكدون أنّ القيادة جادة في خيارها التمرّدي، وهي ستثبت أنها لا تناور ولا تفاوض عليه، لا بل سيطرح يوم الاثنين على المكتب السياسي المتحمس بغالبيته لمصلحة قطع العلاقات الديبلوماسية مع الحكومة وممثليها، وبالتالي من المتوقع أن يصوت على قرار قطع حبل السرة مع الحكومة ليكون الخروج النهائي.
لا يعني هؤلاء الاختلال السياسي الذي سيترك آثاره على الحكومة بعد خروج أحد مكوناتها مع أنّهم يدركون أنّ ميثاقيتها لم تمسّ ولا حتى تركيبتها الدستورية التي تحتاج الى استقالة ثلث الوزراء زائداً واحداً، كي تكون مستقيلة. لكنهم يرون أنّها صارت حكومة عرجاء حتى لو مكتملة النصاب، ولن يكون بمقدورها اتخاذ القرارات الأساسية وستنضم حكماً الى قافلة المؤسسات المشلولة، مع أنّها أصلاً مصابة بالهريان ولا ينقصها سوى ضربة صغيرة حتى تسقط أرضاً، فكيف حين يكبر حجم المعارضة المتأهبة بوجهها؟
ولكن هل سيلتزم الوزيران قزي وحكيم بقرار المكتب السياسي في حال رفع من “دوز” تصعيده ودعاهما لترك وزارتي العمل والاقتصاد؟
وبينما يبدو قرار وزير الاقتصاد محسوماً لجهة الإلتزام بتوجه قيادته، لا تزال علامات الاستفهام تلاحق خيار وزير العمل غير المقتنع أصلاً بهذا الموقف التمردي ولا يرى له استثماراً في السياسة، ويفضّل البقاء على كرسيه من الجلوس في صفّ معارض لا يطعم خبزاً سياسياً.