تعتبر ان أوجه الشبه موجودة في اكثر من مكان، بين تفجيري “14 شباط” و”فردان”، فاذا كان بعض القرارات الاممية الدافع الاساس خلف اغتيال الرئيس الحريري كما تقول مصادر سياسية مراقبة في فريق “14 آذار”، فان القانون الاميركي شكل من دون شك السبب الرئيس في تفجير فردان، وهو أمر لم يعد خافيا على أحد من اللبنانيين المتتبعين لحيثيات ووقائع الميدانيات اليومية.
اما ما اعقب، فتضيف المصادر لـ”المركزية”، في الاول انقلاب سياسي، اذ سدد اغتيال الرئيس الحريري ضربة موجعة للدولة اللبنانية التي كانت في فورة اقتصادية وازدهار انمائي وعمراني لم تشهد له مثيلا منذ انتهاء الحرب الاهلية على رغم الكباش السياسي الحاد الذي حكم المرحلة عشية الاغتيال، وفي الثاني استهداف للقطاع المالي المصرفي ومواجهة مفتوحة، بعدما بات في حكم اليقين ان القانون الاميركي مثابة حبل مشنقة يلتف تدريجا على عنق حزب الله المخنوق سياسيا بحصار عربي خليجي لم يسبق له مثيل حيث يكاد لا يخلو بيان او تقرير من عبارات الارهاب التي باتت لصيقة باسمه. وتعتبر مصادر 14 اذار ان الحزب المرهون للارادة الايرانية والمصالح الفارسية ولم يعد يملك من هامش القرار والتحرك في الداخل سوى الندر اليسير، يقف على مفترق طرق يوجب عليه سلوك واحد من مسارين، الاستسلام للارادة الاقليمية والمضي قدما في المواجهة حتى الرمق الاخير بما يرتب من كوارث على المستويات كافة، سيما ان المؤشرات والمعطيات الواردة بشأن الازمة السورية لا توحي بانفراجات قريبة، لا بل يذهب بعض رعاة التسوية الى الحديث عن سنوات قد تصل الى العشر وفق ما نقل عن مسؤول روسي اخيرا، فهل ان الحزب قادر على تحمل هذا الوزر في ظل تململ واسع في بيئته الحاضنة جراء الانخراط عسكريا في الميدان السوري وتكبد خسائر بشرية فادحة ؟ والا العودة الى الداخل وفصل “حبل السرة” الذي ما زال يربطه بطهران لتحصيل مكاسب في تسوية قد تحجز له مقعدا في المعادلة السياسية المقبلة وقبل انتخاب رئيس جمهورية، لان خلاف ذلك قد يفقده مناعة مكنتّه حتى الان من فرض معطياته والتحكم باللعبة استنادا الى ما يتناسب ومصالحه، فيكون له ما يريد من ضمن التسوية المشار اليها .
واذ تستبعد المصادر ان يكون الحزب قادرا على سلوك المسار الثاني، تعرب عن خشيتها من ان تعمد طهران في ما لو لم تتمكن من حجز مقعد لها في قطار التسويات الاقليمية الذي سبقتها اليه موسكو، على قلب الطاولة والعودة الى مربع الصراع الاول لتحصيل ما امكن بلغة الحديد والنار فيكون لبنان آنذاك اكثر المتشظين في زمن اعادة رسم خرائط دول المنطقة، وإن كان الرعاة الدوليون الساهرون على استقراره يؤكدون ان حدوده لن تمس وصيغته لن تتعرض للاذى.