Site icon IMLebanon

الفائدة السلبية عقاب للبنوك والمدَّخرين

AustraliaBanks
طوني رزق
ضخّت البنوك المركزية اموالاً طائلة في الاسواق بشكل لم يشهده التاريخ سابقاً. وقد نجحت هذه السياسة في الولايات المتحدة الاميركية حيث ينفق المواطن الاميركي بشكل طبيعي، لكن هذه السياسة لم تنجح بالقدر نفسه في اوروبا واليابان حيث يحتفظ المواطن بالأموال وكذلك البنوك، الامر الذي أوصل الى الفائدة السلبية.
لا يمكن ان تستقيم الأسس الاقتصادية، وبالتالي ان يتحسن النمو الا اذا تمّ استخدام السيولة المتوافرة بشكل عادل ومفيد. وهذا لم يكن يحدث قبل لجوء البنوك المركزية في كل من اوروبا واليابان وغيرها الى اعتماد الفائدة السلبية التي أرعبت المدخرين المدمنين على الادخار وخصوصاً الاثرياء منهم، والتي قضت ايضاً على جزء لا يستهان به من الايرادات المصرفية. وخصوصاً انّ ذلك يأتي بعد سياسات ضخ السيولة في الاسواق بشكل غير مسبوق تاريخياً، أكان ذلك في الولايات المتحدة الاميركية ام اوروبا ام اليابان وغيرها.

واعتبرت المصارف، وفي طليعتها دويتشه بنك الالماني انّ الذهاب بعيداً في سياسات اسعار الفائدة السلبية هو بمثابة اعلان حرب على البنوك. امّا الافراد من الاثرياء والمدخرين العاديين فقد اعتبروا استثمار الفائدة السلبية عملية احتيال هي الاكبر في القرن الحادي والعشرين.

ويبدو انّ سياسات الفائدة السلبية هي لمعاقبة البنوك والمدخرين الذين يحتفظون بالاموال النقدية والسيولة فيحجبونها عن انعاش النمو الاقتصادي. فكان عليهم امّا ان يرتضوا بفائدة الصفر في المئة او ان يدفعوا غرامات على احتفاظهم بالاموال والسيولة. وجاءت الفائدة السلبية لدفع المواطنين في المانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا للخروج الى الاسواق والانفاق، وبالتالي ضخّ الاموال في الاسواق.

لكن الفائدة السلبية فشلت في دفع هؤلاء للاستهلاك وانفاق الاموال. فالأمر يختلف، اذ انه اذا أعطيت اميركياً مئة دولار فهو سوف يخرج وينفقها. اما اذا اعطيت ألمانياً فإنه سوف يودعها في البنك اذ يبدو انّ الاوروبي يعيش في قلق من المستقبل.

فهم مستعدون ان يخسروا بعض المال لقاء توظيف اموالهم في سندات الخزينة الحكومية الألمانية الأكثر اماناً. وهذا ما دفع العائدات على السندات الحكومية الالمانية للتراجع الى السلبية هذا الاسبوع.

وبذلك تكون الاسواق قد رفضت العلاج بأسعار الفائدة الّا انّ البنك المركزي الاوروبي لاحظ من جهته انّ المصارف اصبحت اكثر جهوزية للاقراض وهذا ما لحظته من خلال ارتفاع حجم القروض المصرفية. غير انّ الخبراء يقولون انّ المصارف تتصرف كالافراد برفضهم الانصياع الى اسعار الفائدة السلبية وانها لم تلجأ الى زيادة الاقراض للتخفيف من تأثير الفائدة السلبية.

ويعتبر البعض انّ البنوك الاوروبية لم تتعافَ حتى الآن من ذيول الازمة المالية العالمية الاخيرة. وهي ما زالت تفتقر للسيولة. وهذا ما دفع البنوك للاحتفاظ بالسيولة التي نتجت عن ضخّ البنك المركزي الاوروبي للنقود في الاسواق لتغيير الاقتصاد.

وهناك عامل احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وهو مؤشر اضافي يدفع المصارف للاحتفاظ بالسيولة.

يشهد العالم مع مطلع الاسبوع الحالي مرحلة دقيقة تتوقف على نتائج الاستفتاء البريطاني بشأن البقاء او الخروج من اوروبا، الأمر الذي كان دفع مؤخراً لهبوط الجنيه الاسترليني واليورو وارتفاع الذهب وانخفاض النفط.

وذلك بعد أن تخطى استحقاق رفع الفائدة الاميركية الذي لم يجعل الاسبوع المنصرم والذي أعاد الزخم للذهب الذي تجاوز الـ1300 دولار للأونصة. وكان النفط انخفض الى 49 دولاراً لبرنت الخام و48 دولاراً لنايمكس وتراجع اليورو الى 1,1279 دولار، والاسترليني الى 1,4362 دولار.